السياسية:

دخلت حيز التنفيذ مجموعة من العقوبات الاقتصادية التي تستهدف النظام المالي في روسيا. عقوبات غير مسبوقة وتصنف على أنها حرب اقتصادية.

إنها أشبه باستخدام سلاح مدمر في مسرح حرب اقتصادية. وهي مصممة لدفع روسيا بأكملها إلى الركود العميق، مع إمكانية تكبيدها ثمنا فوريا من حيث استقرارها المالي والاجتماع.

دول تمثل نصف اقتصاد العالم، تستخدم عدداً من أدوات القوة الاقتصادية ضد دولة تمثل 2 ٪ من الاقتصاد العالمي، شريطة الحفاظ على تدفق صادرات الطاقة، وإبقاء السلاح النووي في المخابئ.

يعتبر استهداف بنك مركزي لدولة عضو في مجموعة العشرين هو أمر غير مسبوق. ومثلما أعلن البيت الأبيض والخارجية البريطانية ، فإن الهدف من ذلك هو “شل” قدرة البنك المركزي الروسي على حماية نظامه المالي من العقوبات.

على سبيل المثال، فإن إخراج موسكو من نظام الدفع الدولي سويفت ، سيؤدي إلى إحداث ضرر بالغ بالشركات والمؤسسات المالية المدينة في روسيا، سواء الآن أو من خلال عقود مالية طويلة الأجل.

وتعد خطوة استبعاد البنوك الروسية والبنك المركزي الروسي من نظام سويفت والعمليات الدولية، الملاذ الأخير بالنسبة للدول الغربية.

وأعلن البنك المركزي الروسي عن سلسلة من الإجراءات يلدعم الأسواق المحلية في الوقت الذي سارع فيه لاحتواء تداعيات العقوبات التي ستمنع بعض البنوك من استخدام نظام سويفت المالي العالمي.

وقال البنك المركزي إنه سيستأنف شراء الذهب في السوق المحلية ويطلق مزادا لعملية إعادة شراء بلا حدود ويخفف القيود على المراكز المفتوحة للعملات الأجنبية لدى البنوك.

في عام 2018، تمكنت الولايات المتحدة من إجبار نظام سويفت على إقصاء البنوك الإيرانية، وساعدها في ذلك صغر حجم الاقتصاد الإيراني مقارنة باقتصاد روسيا، رغم معارضة معظم الحكومات الأوروبية في ذلك الوقت للخطوة الأمريكية.

لدى ألمانيا حساسية خاصة لأنها تعتمد على روسيا في ثلثي إمدادات الغاز. كما تشعر أنها قدمت تضحية من خلال تعليق مشروع خط أنابيب نورد ستريم 2، الذي تم بناؤه لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا.

ويبدو أن السلطات في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا وافقت على طريقة لتقليل نقاط الضعف هذه، عن طريق استبعاد البنوك الأقل مشاركة في معاملات الطاقة، أو إيجاد طريقة للسماح بالمعاملات المالية الخاصة بمدفوعات الطاقة والغذاء.

حتى الآن لم يتم الكشف عن تفاصيل كيف يمكن القيام بذلك.

على الرغم من الضرر الذي سيلحق بروسيا، إلا أن هناك نظاما بديلا يسمى “إس بي إف إس”، أو نظام نقل الرسائل المالية، أنشأته روسيا عام 2014 عندما ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

يوجد في الصين أيضا نظام بديل يسمى نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك أو “سيبس”.

يعتقد الكثيرون أن إقصاء روسيا قد يدفعها إلى الاقتراب أكثر من الصين، الحريصة على ضرب هيمنة الهيكل المالي العالمي القائم على الدولار الأمريكي. وما يحدث حالياً من شأنه تسريع هذا التوجه.

مصدر مصرفي اعتبر أن الصين قد تكون غير راغبة في هذه المرحلة في مساعدة روسيا نظرا لاعتماد بكين على التصدير والاستيراد مع باقي دول العالم على عكس موسكو.

ربما يكون الأمر الأكثر ضررا لروسيا من إقصائها من نظام سويفت، هو التحرك لعزل البنك المركزي الروسي. فالإجراءات التي اتخذتها الدول الغربية لمنع البنك المركزي من استخدام احتياطياته الدولية البالغة 630 مليار دولار لدعم الروبل قد تؤدي إلى انهيار قيمة العملة الروسية وبالتالي عواقب وخيمة على الاقتصاد الروسي.

أما على صعيد الأموال والاستثمارات الروسية في الخارج فما يبدو واضحا هو أن الحكومة البريطانية ترى أنه لم يعد من الممكن أن ينظر إليها كمتساهلة في نهجها تجاه المصالح المالية الروسية لديها.

رفضت الحكومة مؤخرا طلبا لبناء خط أنابيب للطاقة بين شمال فرنسا وبريطانيا على أساس أن البدائل الأخرى لم يتم استكشافها بالكامل، لكن مصادر قريبة من المشروع أبلغت بي بي سي أن التصعيد الحالي في أوكرانيا كان له تأثير على القرار. نظرا لأن المشروع كان مدعوما من قبل داعم واحد، وهو أوكراني روسي المولد.

كما يتم تشجيع هيئة الضرائب البريطانية “إتش إم آر سي”، على الاستفادة القصوى من سلطاتها لمصادرة أصول الأفراد الذين يفشلون في الكشف عن مصادر الثروة.

ويعتبر قرار رومان أبراموفيتش بنقل “ملكيته” لنادي تشيلسي إلى مؤسسة خيرية قرارا رمزيا أكثر من كونه مهما من الناحية القانونية، لكنه يظهر أن الملياردير الروسي بات يدرك أكثر من أي وقت مضى إلى أين تتجه الرياح الآن في بريطانيا.

* المصدر : بي بي سي