السياسية – تقرير: نجيب هبة

تتوالى المؤشرات والقرائن التي تفضح حجم التورط البريطاني في العدوان على اليمن، فقد كشفت تقارير اخبارية مؤخراً أرقاماً جديدة تفوق الأرقام المعلن عنها سابقاً عن حجم مبيعات الأسلحة البريطانية لدول العدوان.

وبينما بلغ الرقم الرسمي المعلن عنه سابقاً من قبل لندن لصادرات الأسلحة للسعودية منذ بدء العدوان أقل من سبعة مليارات جنيه استرليني، إلّا أن الأرقام الجديدة التي تم تسريبها من سجلات رسمية أيضاً تتبع الحكومة البريطانية وصلت لثلاثة أضعاف هذا الرقم.

على هذا الصعيد، أكد باحثون وخبراء لصحيفة “الاندبندنت” البريطانية أن لندن زودت السعودية بأسلحة ومعدات عسكرية منذ بدء العدوان على اليمن بلغت قيمتها 20 مليار جنيه.. وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف الرقم الذي تعترف به الحكومة البريطانية رسمياً وقدره 6.7 مليار جنيه استرليني.

وأشارت الصحيفة إلى أن “الأرقام الجديدة” كشفها محققون وباحثون يعمل بعضهم لدى الحكومة البريطانية، وأن هؤلاء تعمقوا في السجلات الرسمية وتلك الخاصة بمصنعي الأسلحة في المملكة المتحدة ووجدوا أن الرقم أعلى بـ3 أضعاف مما كان يعتقد في السابق”.

وبحسب الأرقام الرسمية للحكومة البريطانية، فإن وزراءها وقعوا على مبيعات أسلحة بقيمة 6.7 مليارات جنيه إسترليني لتصدير قنابل وصواريخ وطائرات للسعودية منذ أن بدأت السعودية قصفها لليمن في العام 2015.

وذكر هؤلاء الخبراء، الذين عمل بعضهم لصالح الحكومة البريطانية، أن “الأرقام الرسمية السابقة لا تشمل المبيعات التي أجريت بموجب نظام “ترخيص مفتوح” مبهم”.

ووفقاً للمعلومات الحديثة فإن لندن قامت بين عامي 2014 وحتى أغسطس 2019 بتشغيل ترخيصٍ سريٍّ مفتوح للقنابل وصواريخ جو – أرض لحساب الرياض بشكل منفصل، كما تمت تغطية المعدات والمكونات المستخدمة في طائرة “يوروفايتر تايفون” بترخيص سريٍّ مفتوح أيضاً.

يؤكد التقرير المطول الذي كشفت عنه الـ”اندبندنت” أن الخبراء الأمنيون دققوا في حسابات الشركات المعروفة ببيع الأسلحة إلى السعودية ووجدوا أن عائدات شركة واحدة فقط هي BAE Systems بلغت ما يقرب من 17 مليار جنيه إسترليني خلال هذه الفترة فقط.

ونتيجة لهذه المعلومات، التي مصدرها وزارة الدفاع والطيران السعودية، يقدر الخبراء أن القيمة الحقيقية للصادرات البريطانية للسعودية منذ بدء العدوان تقترب من 20 مليار جنيه إسترليني أو تتجاوزه.

الكشف عن وجود سجلات سرية لصفقات أسلحة لم يتم الإعلان عنها يضع علامات استفهامٍ مشروعةٍ عن سبب اخفاء لندن للحجم الحقيقي لصادراتها من الأسلحة لدول العدوان وعلى رأسها السعودية والإمارات.

كما ان وجود صفقات أسلحة سرية تمت بشكلٍ رسمي لأنواع معينةٍ من الأسلحة والذخائر التي لم يتم الكشف عن نوعيتها يضع الحكومة البريطانية أمام اختبارٍ حقيقي لمصداقيتها في تجارة الأسلحة المحرمة دولياً لمناطق الصراع وتحديداً اليمن.

هذه التقارير المسربة حديثاً بالإضافة إلى معلومات سابقةٍ حول وجود قوات عسكرية بريطانية على الأرض في مطار الغيضة بمحافظة المهرة، هي مؤشرات واضحة على حجم تورط لندن بل وحجم الشراكة البريطانية في العدوان على بلادنا.

كما أنها تمثل دلائل قويةٍ على رغبة بريطانية في استمرار الصراع في اليمن واستمرار الوضع المأساوي السيء خدمة لأهداف عسكرية وجيوسياسية دولية واقليمية الأمر الذي يضع علامات استفهامٍ كبيرةٍ حول حقيقة المساعي الدولية لتحقيق السلام في اليمن.

تمديد حالة الصراع في الحديدة

إلى ذلك نجحت بريطانيا، الأسبوع الماضي، بتمرير مشروع قرار لها في مجلس الأمن يتعلق بالوضع في الساحل الغربي لليمن.

مشروع القرار البريطاني والذي صوت عليه بإجماع الأعضاء الـ15 يتضمن تمديد مهام البعثة الدولية في الحديدة والتي أسسها المبعوث الأممي إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيث، وتضم فريق من الخبراء الأجانب، ودعا البيان الأطراف للتعاون مع البعثة الدولية والالتزام بتنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة.

اتفاق ستوكهولم الذي يراد تطبيقه كسيناريو على بقية مناطق الصراع في اليمن يحقق لأطراف دولية معينة معادلة الجمع بين الدعوة إلى السلام وتعزيز مبيعاتها من الاسلحة لدول العدوام وذلك عبر إبقاء نيران المعارك بعيداً عن الأنظار وتغليفها باتفاقيات جزئية.

برلماني بريطاني يفضح موقف لندن

في هذا السياق، قال النائب السابق في البرلمان البريطاني، كريس ويليامسون “إن بريطانيا تستطيع إنهاء الحرب على اليمن إن أوقفت تجارة السلاح وصيانة المعدات العسكرية في الحرب، وإن ضغطت على مجلس الأمن الدولي للضغط على أمريكا والسعودية لوقف الملحمة” كما سمّاها.

وأكد ويليامسون “أن الحرب على اليمن أسوأ أزمة في العالم” موضحاً أن بريطانيا وأمريكا والسعودية بشكل واضح هم المتهمين الأساسيين بالأزمة”.. موضحاً أن “الإعلام العالمي لا يغطي هذه الكارثة وقد سقطت من أجندته، وعلينا أن نسلط الضوء عليها ونضغط على النواب الذين يجب أن يمثلونا ويقوموا بالعمل الصحيح”.

بريطانيا وحلم العودة إلى الجنوب

وفي سياق متصل، كشفت مصادر عسكرية عن عودة القوات البريطانية إلى جنوب اليمن، حيث يستوطن مجموعة من الجنود والضباط في مطار الغيضة بمحافظة المهرة جنوبي شرق البلاد.

وقالت المصادر العسكرية إن “أكثر من 30 جندياً وضابطاً بريطانياً يتواجدون في المهرة منذ أشهر ويقومون بمهام دعم للقوات العسكرية السعودية المنتشرة في المحافظة”.

وتفرض قوات الاحتلال السعودي حظراً على دخول الهواتف النقالة لليمنيين الذين يدخلون إلى مطار الغيضة، خشية أن يتم تصوير وجود تلك القوات التي تملك أماكن خاصة.

ووفقاً لموقع “ديكلاسيفيد” البريطاني المستقل، الذي يتتبع الوجود العسكري البريطاني في الخارج، فإن “لندن تحتفظ بفصل سري للجنود في اليمن، حيث توجد قوة بريطانية كاملة العتاد في مطار الغيضة بمحافظة المهرة لتدريب القوات السعودية والتابعة لها”.

وفي مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، لم ينفي السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون وجود قوات بريطانية في المهرة، واكتفى بالقول إنهم “يكافحون التهريب ويدعمون جهود السلام”.

وقد طالب شيوخ قبائل في المهرة القوات الأجنبية بمغادرة المحافظة وكانوا أول من تحدث عن وجود قوات أجنبية.

السعوديون غاضبون لانكشاف وجود القوات البريطانية

إلى ذلك قالت مصادر عسكرية إن “السعوديون غاضبون لانكشاف وجود القوات البريطانية في مطار الغيضة”.. مشيرةً إلى أن “الرياض هي من طالبت بريطانيا بالحضور”.

وأضافت المصادر إن “المهام الموكلة للقوات البريطانية الموجودة في مطار الغيضة حتى الآن هي التدريب العسكري والدعم اللوجستي، سواء لقوات الاحتلال السعودية أو الميليشيات المدعومة منها”.

كما كشفت المصادر عن وجود قوات أمريكية كذلك في مطار الغيضة، إلى جانب وجود القوات البريطانية، ومهمتها دعم وتدريب قوات الاحتلال السعودية.. مشيرةً إلى عدم معرفتها بعدد القوات الأمريكية.

كما كشفت مصادر إعلامية، عن أن “القوات الأمريكية والبريطانية والسعودية تقوم ببناء مواقع عسكرية تحت أرضية مطار الغيضة ثكنتان للقوات السعودية والبقية للقوات الأجنبية.. أما تحت الأرض فتوجد غرف عمليات وأماكن حماية”.

ولفتت المصادر إلى أن “الولايات المتحدة تتحجج بأن المطار سيكون قاعدة عسكرية متقدمة لمواجهة تنظيم القاعدة في اليمن والقرن الأفريقي”.. مضيفةً أن “الجنود الأمريكيون والبريطانيون لا يضلون في القاعدة العسكرية طوال الوقت حيث يخرجون لزيارة المهرة وما جاورها ويلتقطون صوراً تذكارية وهم يرتدون ملابس مدنية”.

ولم تقدم الحكومة البريطانية طلباً إلى برلمان بلادها للحصول على موافقته قبل انتقال القوات إلى اليمن.

وكان السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل، زار القوات البريطانية والأمريكية في مطار الغيضة في نوفمبر2020، كما التقى عددا من السياسيين والعسكريين في حكومة المرتزقة.