السياسية || محمد محسن الجوهري*

ليس هناك هوية لليمن وشعبه أكبر من الإسلام والرسالة المحمدية التي وصفته ببلد الإيمان والحكمة، ولذا من البديهي أن يثور اليمنيون لاستعادة هويتهم الدينية، بعد أن سعى الغرب وعملاؤه إلى رسم هوية أخرى للبلاد غير تلك التي تعبر عن جوهره الحقيقي.

ولولا هذه الثورة العظيمة لكان اليمن يقف إلى جانب المتخاذلين والمطبعين مع الصهاينة، بعد أن سلمته الأنظمة والأحزاب العميلة الدفة للمشروع الصهيوني، سواءً بشكلٍ مباشر، أو عبر وكلائه الخونة في الرياض وأبوظبي، ولما كان لنا اليوم أي مواقف مشرفة في نصرة فلسطين، بل وحتى الاحتفاظ بهويتنا الدينية، بعد أن رأى فيها التكفيريون بأنها تعارض الدين الوهابي الموالي للصهيونية العالمية.

وللعلم، فقد كان الفكر السائد في البلاد قبل 21 سبتمبر ينقسم بين تيارين: أحدهما تكفيري بقيادة حزب الإصلاح، والآخر علماني متنكر للشريعة بقيادة الأحزاب الأخرى، وكلاهما يخدم الغرب بطريقةٍ أو بأخرى، وكنا نرى أن الحداثة تقتضي التنكر للإسلام بعد أن تكفَّل المد الوهابي بطمس معالمه، وكانت الثقافة العامة تتجه نحو التفسخ الأخلاقي على الطريقة الغربية، بدعم وتوجيه الحكومات المتعاقبة، حتى رأينا وزيراً محسوب على بلادنا يقف جنباً إلى جنب مع بنيامين نتنياهو، قاتل النساء والأطفال في فلسطين.

وما كان للتنظيمات السياسية القائمة في الساحة آنذاك القدرة على تغيير وضعية البلد غير الأخلاقية تلك، والسبب أنها ارتمت في أحضان الوصاية المعادية للإسلام، ومن كان يخجل من زيارة السفارة الأمريكية لتلقي التوجيهات، كان يعرِّج على السفارة السعودية بدلاً عنها، والمشروع واحد، وقد اتضحت الرؤية اليوم بعد أن أعلن بن سلمان أن المملكة دولة قومية لا دينية، كما جاء في إعلان يوم التأسيس السعودي.

وكيفما حسبناها، فقد أنقذتنا ثورة 21 سبتمبر الإسلامية من الانحدار نحو الهاوية، وأعدت البلاد لقيمه الإسلامية الأصيلة، كما هي عادة الثورات في كل زمانٍ ومكان، وكما كان الرسول صلى الله عليه وآله، عندما أعاد العرب إلى منهج التوحيد الإسلامي بعد أن أمضوا حقباً في الجاهلية الأولى.

ومن معالم الحق وصدق التوجه العقائدي، أن اليمن اليوم يحمل راية العداء لكل من رفع الرسول الراية ضدهم بالأمس، وهم أعداء الأمة من اليهود وأهل الكتاب من أمرنا الله بمعاداتهم، وعدم الموالاة لهم، لما في ذلك من إضرار واسعة بمصالح الأمة وعقائدها الصحيحة.

وقد رأينا كيف أن دول معسكر التطبيع تتسابق فيما بينها على من يخدم الصهيونية أكثر، وعلى من يبادر في التنكر للقيم الدينية الأصلية، وهاهي بلد الحرمين ترزح تحت وطأة الجاهلية الأخرى، تحت نظام آل سعود، بعد أن جاهروا بالكفر البواح، وأتوا بما يستلزم الثورة الدينية ضد حكمهم بعد أن أصبحوا خطراً فعلياً على كل المسلمين، ويتجلى خطرهم فيما يحدث الآن في قطاع غزة من جرائم وإبادة جماعية، بدعمٍ وتمويلٍ سعودي مباشر.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب