السياسية:

شارلوت كرم أكاديمية رائدة في أكثر الجامعات تميزا في لبنان وحققت من النجاح المهني ما جعلها تقرر مغادرة البلاد‭‭‭ ‬‬‬وقلبها يعتصر ألما.

أسست شارلوت، الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية في بيروت، مركزا لمساعدة النساء على تحقيق النجاح الوظيفي في مختلف أنحاء العالم العربي وساهمت مع فريقها في صياغة تشريع ضد التحرش الجنسي في لبنان هو الأول من نوعه.

ولكن مثل الكثير من الناجحين في لبنان فإن شارلوت في طريقها للرحيل عن البلاد التي تغوص في أتون أزمة أعمق، وذلك في إطار هجرة للعقول اللبنانية تعكس آمالا محطمة وقلقا على المستقبل.

قالت شارلوت (45 عاما) وهي أم لطفلين وحاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي التطبيقي ”مغادرة لبنان هي بمثابة مغادرة قطعة مني. إنه صراع كبير“.

وأضافت شارلوت المولودة في كندا لوالدين لبنانيين ”كل جزء في جسدي يحثني على البقاء لمواصلة عملي من لبنان لكنني أخشى على الأبناء ومستقبلهم“.

وستعود شارلوت إلى كندا في أغسطس آب مع عائلتها، وهو قرار أسهمت فيه الاضطرابات التي اجتاحت لبنان منذ انهيار نظامه المالي العام الماضي مما أضر بمعيشة الكثيرين على مستوى البلاد.

ويُنظر إلى الأزمة اللبنانية على نطاق واسع على أنها أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990.

ويخطط بعض أصحاب المهن للرحيل ومنهم أطباء وأكاديميون ورجال أعمال ومصممون ورحل بعضهم بالفعل. ويعتمد هؤلاء في كثير من الحالات على جنسيات ثانية اكتسبها الآباء أو الأجداد الذين غادروا لبنان في موجات الهجرة في الماضي.

وتعني هجرة العقول تجريد لبنان من المواهب التي يحتاجها للتعافي.

ويعد رحيل مثل هذه الكفاءات شاهدا على فشل السياسيين اللبنانيين في شق طريق للخروج من أزمة صنعوها بأنفسهم، كما يشير إلى القلق المشترك على نطاق واسع بشأن استقرار بلد لم يتعاف تماما من حربه الأخيرة.

وقالت شارلوت ”في كل مرة أجلس مع زملائي اللبنانيين، أبناء الحرب الأهلية، يطلبون مني أن أغادر. ’يجب ألا يعيش أحد بالطريقة التي عشنا بها‘. إنهم يشجعونني على المغادرة بينما هم عالقون هنا. هذا أمر يدمي القلب“.

وستنتقل شارلوت إلى أوتاوا، لتلحق بشقيقها الذي غادر البلاد عام 2015 بعد أن تسبب الاقتصاد اللبناني المتباطئ في بيع شركة ناجحة لمعدات البناء كان يديرها مع زوج شقيقته. وستواصل شارلوت عملها في الجامعة الأمريكية في بيروت من كندا.

* شرارة أمل
تنقلت عائلة شارلوت بين كندا ولبنان منذ بداية القرن الماضي. وكان جدها قد انتقل إلى هناك من لبنان في خمسينيات القرن العشرين بمساعدة إحدى قريباته التي كانت أول من هاجر إلى كندا قبل عقود.

وأعاد والداها الأسرة إلى لبنان عام 1993.
وقالت ”كان لبنان يدخل في حالة معنوية مرتفعة والأمل في إعادة الإعمار“. وأضافت ”كان هناك أناس يعودون من أمريكا الشمالية وأستراليا وإنجلترا والخليج، كان ذلك جميلا“.

” كانت فترة رائعة حقا“.
وعانى لبنان منذ ذلك الحين من أزمات عديدة، بما في ذلك حرب مع إسرائيل واغتيالات وصراعات سياسية. ومع ذلك، يُنظر إلى الأزمة الحالية على أنها الأخطر على الإطلاق.

وهوت الليرة اللبنانية نحو 80 في المئة. وزاد الفقر والبطالة وارتفعت الأسعار بشكل كبير ولا يمكن للمودعين التصرف في المدخرات التي جمعوها طيلة حياتهم.

ووصلت الأزمة، التي تضرب بجذورها في الفساد وسوء الإدارة على مدى عقود، إلى ذروتها في أكتوبر تشرين الأول عندما اجتاحت البلاد احتجاجات تطالب بإصلاح النظام الطائفي.

وشاركت شارلوت وأعدت مع زملائها خططا لنوع الحكم القائم على الكفاءة والذي يحلم به الكثيرون في لبنان.

وقالت ”كانت هناك شرارة أمل كبيرة قضى عليها الانهيار الاقتصادي وتفشي كوفيد-19“.

وقالت ”ألوم الحكومة وكل السياسيين. لقد ضقنا ذرعا بالطبقة السياسية الراسخة… من العار أن يدعوا البلد يخرج عن السيطرة على هذا النحو السيء“.

 

* تسلسل زمني-محنة لبنان.. الأزمات الاقتصادية والسياسية منذ الحرب الأهلية

يعيش لبنان أزمة اقتصادية يُنظر لها على نطاق واسع باعتبارها أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990 الأمر الذي يشجع على موجة هجرة جديدة للخارج.

ومع تزايد ندرة النقد الأجنبي فقدت الليرة اللبنانية نحو 80 بالمئة من قيمتها وتعذر حصول المودعين على أموالهم من البنوك وارتفعت البطالة وزاد الفقر.

2005
اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير شباط نتيجة انفجار قنبلة ضخمة أثناء مرور موكبه في بيروت مما أدى لمقتل 21 آخرين.

دفع مزيج من المظاهرات الحاشدة والضغط الدولي لاحقا سوريا لسحب قواتها من لبنان. نظم حلفاء شيعة لدمشق مسيرات كبيرة في لبنان دعما لسوريا.

دخل لبنان حقبة جديدة من التحرر من الهيمنة السورية. انضم حزب الله المدعوم من إيران والحليف المقرب لدمشق إلى الحكومة لأول مرة.

2006
في يوليو تموز عبر حزب الله الحدود إلى إسرائيل وخطف جنديين إسرائيليين وقتل آخرين مما فجّر حربا استمرت خمسة أسابيع. وقُتل ما لا يقل عن 1200 شخص في لبنان و158 إسرائيليا.

وبعد الحرب تصاعد التوتر في لبنان بسبب مخزون السلاح القوي لحزب الله. وفي نوفمبر تشرين الثاني استقال حزب الله وحلفاؤه من الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء المدعوم من الغرب فؤاد السنيورة ونظموا ضدها احتجاجات بالشوارع.

2007
واصل حزب الله وحلفاؤه اعتصاما ضد حكومة السنيورة على مدى العام. كان مطلبهم المعلن الحصول على الحق في نقض قرارات الحكومة.

في مايو أيار اندلع قتال بمخيم للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة تابعة لجماعة فتح الإسلام. واضطر آلاف اللاجئين الفلسطينيين للهرب من مخيم نهر البارد.

وفي سبتمبر أيلول سيطرت القوات اللبنانية على المخيم بعد أكثر من ثلاثة أشهر من القتال الذي أدى لمقتل أكثر من 300 شخص.

2008
في السادس من مايو أيار اتهمت حكومة السنيورة حزب الله بإدارة شبكة اتصالات خاصة والتجسس على مطار بيروت من خلال تركيب كاميرات. ووعدت الحكومة باتخاذ إجراء قانوني ضد الشبكة.

في السابع من مايو أيار قال حزب الله إن التحرك ضد شبكة اتصالاته إعلان حرب من الحكومة. وبعد صراع قصير سيطر حزب الله على غرب بيروت الذي تسكنه أغلبية مسلمة.

في 21 مايو أيار وبعد وساطة وقّع الزعماء المتصارعون اتفاقا في قطر لإنهاء 18 شهرا من الخلاف السياسي. وانتخب البرلمان قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا للبلاد.

2011
في يناير كانون الثاني أُطيح بالحكومة الأولى التي شكلها سعد الحريري عندما انسحب حزب الله وحلفاؤه بسبب التوترات بشأن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المدعومة من الأمم المتحدة.

اتهمت المحكمة لاحقا أربعة أعضاء كبار من حزب الله بقتل رفيق الحريري. نفى حزب الله أي دور له بالاغتيال. وقال الأمين العام حسن نصر الله إن السلطات لن تستطيع العثور على المتهمين.

2012
انتشر مقاتلو حزب الله في سوريا وكان ذلك سريا في بادئ الأمر بهدف مساعدة قوات الحكومة السورية في مواجهة انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد. وتلعب الجماعة دورا رئيسا في قمع الانتفاضة.

2015
ظهرت أزمة القمامة عندما أغلقت السلطات المكب الرئيسي للنفايات قرب بيروت دون توفير بديل. اندلعت احتجاجات كبيرة مع تكدس القمامة بالشوارع وردد المتظاهرون ”طلعت ريحتكم“ في إشارة للحكومة. وأصبحت شعارا واضحا لفشل نظام السلطة الطائفي في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.

2017
ساءت علاقات سعد الحريري مع السعودية في نوفمبر تشرين الثاني عندما عُرف على نطاق واسع أن الرياض أجبرته على الاستقالة واحتجزته في المملكة. ونفت السعودية والحريري هذه الرواية علنا إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد أن الحريري كان محتجزا في السعودية.

2019
في ظل ركود الاقتصاد وتباطؤ تدفقات رؤوس الأموال اضطرت الحكومة تحت الضغط للحد من العجز الهائل في الميزانية.

وقوبلت مقترحات بخفض الأجور ومشروع بشأن المعاشات بمعارضة شديدة. وتعهدت الحكومة بسن إصلاحات تأخرت طويلا لكنها فشلت في تحقيق تقدم قد يفتح الباب أمام الدعم الأجنبي.

في 17 أكتوبر تشرين الأول أشعل تحرك حكومي لفرض ضريبة على مكالمات الإنترنت احتجاجات كبيرة ضد الطبقة الحاكمة. شارك فيها لبنانيون من جميع الطوائف متهمين القادة السياسيين بالفساد وسوء إدارة الاقتصاد.

واستقال الحريري في 29 أكتوبر تشرين الأول على غير ما كان يتمناه حزب الله. وأصبح لبنان بلا دفة مع تعمق الأزمة. أدت أزمة نقص العملة الأجنبية في البنوك لفرض قيود مشددة على السحب النقدي والتحويلات للخارج.

2020
بعد شهرين من المحادثات لتشكيل حكومة جديدة وصل التحالف الحكومي الذي يقوده الحريري لطريق مسدود، ودعم حزب الله وحلفاؤه الأستاذ الجامعي ووزير التعليم السابق حسان دياب لرئاسة الحكومة.

في السابع من مارس آذار أعلن دياب أن لبنان لا يستطيع سداد السندات المستحقة ودعا إلى مفاوضات لإعادة هيكلة الدّين.

في الأول من مايو أيار تقدمت بيروت بطلب رسمي للمساعدة من صندوق النقد الدولي بعد الموافقة على خطة تحدد الخسائر الهائلة في النظام المالي. رفضت جمعية المصارف الخطة قائلة إن مقترحات هيكلة قطاع البنوك ستدمر الثقة أكثر في لبنان.

في يوليو تموز توقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي انتظارا لتوصل الجانب اللبناني إلى اتفاق بشأن حجم الخسائر المالية. ولامست الليرة اللبنانية هبوطا اقترب من 10 آلاف مقابل الدولار. وكان سعر صرف الدولار يعادل 1500 ليرة في أكتوبر تشرين الأول.

وكالات