يوم "القدس العالمي" في واقع الأمة اليمنية
عدنان عبدالله الجنيد*
في عالم يعيش في الصراعات والحروب وتعصف به أطماع أنظمة الإستكبار العالمي، وتحكمه المصالح الأنانية على حساب المجتمعات الضعيفة، تظل قضية القدس، القضية المحورية للأمة والمعركة الوجودية المفروضة على كل مسلم، فمُنذ دعوة الإمام الخميني في العام 1979، إعلان يوم القدس العالمي، التي تحولت إلى صرخة مقاومة في وجه دول الإستكبار العالمي وتحرير الأراضي العربية المغتصبة من الإحتلال الصهيوني.
فلم تكن تلك الدعوة الخمينية لإعلان يوم القدس العالمي مجرد يوم للإحتجاج، بل بمثابة تحرك استراتيجي واقعي لقضية وجودية من منطلق إيماني وجهادي وإنساني وتحرري لأيقاظ الأمة من غفلتها في إطار شعبي من أجل تحرير الأرض المحتلة من دنس الاستيطان الصهيوني، بدعم قوى الاستعمار الصليبي، بقيادة أمريكا ودول الغرب.
لقد ترجمت معركة "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر 2023، أهداف الفكر الإمام الخميني على أرض الواقع ، وإن ثمار الحراك الشعبي العالمي ليوم القدس العالمي أتت بجهود الدعم السخي للثورة الإسلامية في ايران لحركات المقاومة الفلسطينية، فلم تكن مجرد شعار أو ذكرى عابرة، بل بوصلة الجهاد والمقاومين على طريق القدس لتحرير فلسطين المحتلة.
في أثناء تلك المرحلة المصيرية من الصمود الاسطوري لقوى المقاومة في غزة التي أحيت روح المقاومة العربية، برزت جبهة المقاومة اليمنية بمواقفها الشجاعة التي جسدت أصالة اليمنيين بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، حفظه الله، بمقارعة قوى الهيمنة والإستكبار، وإسناد القضية الفلسطينية بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، فرضت فيها قواته المسلحة معادلة سياسية وعسكرية واقتصادية بالحصار البحري على سفن الكيان في البحر الأحمر، مقابل حصاره على غزة.
شكل دور اليمن، موقفا فريدًا، قولاً وفعلاً، بالمساندة الشعبية المليونية والمستمرة ولا تزال، ومواقف القيادة الثورية في إعلان المشاركة العسكرية إسناداً لغزة ومقاومتها ضد العدوان الصهيوني البربري، بالمواجهات البطولية في البحر الاحمر ضد قوى بحريات العدوان الأمريكي والبريطاني و"الإسرائيلي" والأوروبي، على اليمن وغزة، والهجمات بالصواريخ والمسيرات إلى عمق الكيان المؤقت.
بفضل الله، ثم بإرادة أبطال القوات المسلحة اليمنية، تمكن اليمن من تغيير قواعد الإشتباك القتالية والمعادلات السياسية والعسكرية في المنطقة، ولعب دوراً حاسماً في الصراع العربي - "الإسرائيلي"، في ظل جروحه ومعاناته ويلات الحروب العدوانية لعقد من الزمن والحصار المفروض من الحلف العربي العدواني بقيادة الشقيقة السعودية.
على الرغم من كل تلك المحن التي حاكتها دول الإستعمار عليه بذنب رفضه الهيمنة، وقف اليمن كبلد عربي وحيداً مع غزة الجريحة يواجه قوى الإمبريالية العالمية والصهيونية العالمية والأنظمة العربية المطبعة وأدواتها ومرتزقتها في جبهات مختلفة، بشكل أربك جيوش الغرب في عمليات عسكرية باستراتيجيات قتالية غير متوقعة وتكتيكات مبتكرة ومدروسة وأسلحة أذهلت أنظمة دول العدوان وجحافل جيوشها والعالم أجمع..
* المقالة تعبر عن رأي الكاتب