السياســـية - تقرير || صادق سريع*

"فرضت هجمات اليمنيين في البحر الأحمر تحديات غير مسبوقة على البحرية الأمريكية، أجبرتها على إعادة تقييم إستراتيجيتها الدفاعية لمواجهة المسيّرات والصواريخ التي تستهدفها".. وفقاً لموقع "ديفينس سكوب".

يقول مدير تحرير الموقع المتخصص بنشر التحليلات العميقة حول التكنولوجيا العسكرية، الصحفي جون هاربر، في تقريره، نقلاً عن وزير البحرية الأمريكي، جون فيلان، في جلسة لمجلس الشيوخ: "قدّمت لنا معارك البحر الأحمر مع اليمنيين دروساً قيّمة، في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها تشكيلات قوات بحريتنا في تأمين بنيتها التحتية الدفاعية، وتعزيز قدرات الأمن السيبراني".

وأضاف: "في ظل تلك المخاوف، لا تكفي الجهود الحالية لسدّ الثغرات الأمنية، حيث تكُلف الصواريخ الدفاعية ملايين الدولارات لاعتراض المسيّرات والصواريخ اليمنية وهي أضعاف كُلفة تصنيعها وإطلاقها".

لا حل سحري لردع اليمنيين

في حين، يصف القائد السابق للدفاع الجوي "الإسرائيلي"، زفيكا هايموفيتش، تهديدات ترامب بـ"بندقية بلا رصاص"، في إشارة إلى عدم جدواها على الأرض، قائلاً: "لا يوجد حل سحري لردع اليمنيين، و"إسرائيل" مضطرة لمواصلة الاعتماد على الولايات المتحدة على الرغم من فشلها في وقف الهجمات اليمنية، وذلك لعدم وجود بديل يوفر الحماية الكاملة".

وأضاف، في مقالة نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية: "إن الضربات الجوية الأمريكية ضد صنعاء لم تحقق النتائج المرجوة، وهو ما يجعل خيارات "إسرائيل" محدودة في مواجهة هجمات صواريخ ومسيّرات اليمن، في ظل فشل دفاعاتنا الجوية باعتراض التهديدات القادمة من مسافات بعيدة".

القائد هايموفيتش أكد أن "إسرائيل" تواجه تحدياً غير مسبوق في التعامل مع الهجمات القادمة من اليمن، في ظل غياب "حل سحري" لردع قوات صنعاء عن استهداف عمق "إسرائيل".

ترامب ومهمة الدفاع عن "إسرائيل"

من جهته، أكد نائب الأدميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية، كيفن دونيغان، عبثية الحرب التي يشنها الرئيس ترامب على اليمن دفاعاً عن "إسرائيل".

وقال بلغة ساخرة من تهديدات ترامب، لصحيفة "ذا تايم أف اسرائيل": "هؤلاء الذين يقولون سنذهب إلى هناك، ونقضي على كل من يحمل لقب الحوثي، وسننتصر، لقد قُضي على قيادة الحوثيين في الماضي، وهم صامدون".

وأضاف: "لقد عادوا وازدادوا قوة، لذا، فالأمر ليس مجرد حرب لمرة واحدة".

التفوق العسكري لليمن

في السياق، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، لصحفية "التلغراف": "إن القوات البحرية الأوروبية لا تملك قدرات دفاعية لصد الصواريخ والمسيرات اليمنية المتطورة والمضادة للسفن"، في إقرار صريح بالتفوق العسكري لقوات صنعاء على قوى القارة العجوز؛ وهو ما اعتبرته الصحيفة البريطانية إقرار إدارة ترامب بالتفوق العسكري لليمن على دول أوروبا.

وفقاً لـ"التلغراف"، قال وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي:" أن ‎أوروبا لن تدفع للولايات المتحدة مقابل عملياتها في ‎البحر الأحمر، لا يوجد أي احتمال لأن نبدأ في دفع المال لواشنطن، وسنكون حلفاء عملياتيين لهم حيثما يريدون".

وأضاف: "إن التمويل الإضافي، الذي أعلنا عنه، لن يُغطي تكاليف العمليات الأمريكية في ‎اليمن؛ لأن هذه الأموال مخصصة للجيش البريطاني".

.. والقرار السياسي المستقل

بدورها، قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية: "إن الغارات الجوية الأمريكية لا تكفي لوقف تهديد اليمنيين وإن ردعهم عسكرياً غير مرجح، لإن يمتلكون قرار السياسي مستقل ولا دخل لإيران فيه".

وأضافت: "إن اليمنيين ينسجون علاقات مع روسيا والصين، ما يزيد تعقيد الوضع في المنطقة، ويؤكد تلقيهم دعماً عسكرياً واقتصادياً من هذين البلدين، ما يفرض تحديات كبيرة على الاعبين الرئيسيين".

المؤكد، وفق خلاصة التقرير، أن حل مشكلة اليمنيين تتطلب معالجة محلية، بالنظر إلى صمودهم قرابة العقد في مواجهة تحالف العدوان العربي العسكري بقيادة السعودية لإسقاطهم.

اليمن وصواريخه المعضلة

وقالت صحيفة "جيروزليم بوست" العبرية: "17 شهراً من عجز أمريكا و"إسرائيل" أمام تهديدات الصواريخ اليمنية، على الرغم من شن حملات جوية مكثفة على اليمن، في حين لا تزال الهجمات اليمنيين مستمرة في البحر الأحمر وعلى "إسرائيل".

وأضافت في تقرير أعده الخبير العسكري سيث جيه فرانتزمان:"اليمنيين يطلقون صواريخ بعيدة المدى على "إسرائيل"، في خطوة تثبت قدراتهم على تنفيذ ضربات متكررة على الرغم من الضغوط العسكرية".

"جيروزليم بوست" ، أشارت إلى أبرز نجاحات اليمنيين في الحفاظ على ترسانتهم الصاروخية، واستخدام تقنيات عسكرية حديثة، وأساليب متطورة في عمليات الإخفاء وتخزين الأسلحة تحت الأرض، ونقلها بالشاحنات.

وأكدت خلاصتها التحليلية، فشل الضربات الجوية "الإسرائيلية" والأمريكية في ردع اليمنيين، في ظل استمرار هجماتهم التي سببت وضعا غير مسبوق في تاريخ "إسرائيل"، وأجبرت ملايين المستوطنين على الهروب إلى الملاجئ، والبقاء فيها لفترات طويلة.

.. ومخاطر أمريكا على أمن البحر

من جهتها، أكدت صحيفة "مانيلا تايمز" إن الضربات الأمريكية على اليمن لم تُحجم هجماته، بل ساهمت في زيادة المخاطر على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحالة عدم الاستقرار الإقليمي، وتهديد أمن الملاحة الدولية والتجارة العالمية.

وقال رئيس قسم مخاطر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس"، جاك كينيدي، وفق "مانيلا تايمز"، وهي صحيفة فلبينية يومية: "إن القدرات الصاروخية لليمنيين، وقوة نفوذهم الإقليمي، يجعل من الصعب التنبؤ بتحركاتهم، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني".

وأضاف: "إن مخاطر الحملة العسكرية الأمريكية قد يؤدي إلى ردود فعل تستهدف السعودية والإمارات، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي"، مستبعداً تشكيل تحالف عسكري يضم أمريكا و"إسرائيل" والسعودية والأمارات؛ كون الأخيرتين سبق لليمن استهدافها، وهو ما يؤكد خطورة الوضع.

فاتورة الإسناد

واستأنفت القوات اليمنية قرار فرض الحظر البحري على سفن "إسرائيل" في 12 مارس 2025، الذي كان بدأ في نوفمبر 2023، حتى يناير 2025، واستهدفت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، ومدمراتها، عدة مرات في البحر الأحمر، إسناداً لغزة بعد منع الكيان إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، واستئناف العدوان على غزة.

وأطلقت 1170 صاروخاً باليستياً، وفرط صوتي، ومسيّرة، إلى عُمق الكيان، وكبَّدت قوات دول العدوان الأمريكي - البريطاني - "الإسرائيلي"، في المواجهات البحرية، أكثر من 225 قِطعة بحريَّة تجارية وحربية؛ ضمن معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، خلال 15 شهراً؛ دعما للمقاومة؛ ونصرة لغزة.