يوم القدس العالمي: البُعد الإستراتيجي بين فكر الإمام الخميني وطوفان الأقصى وتجسيده في اليمن.
السياسية || عدنان عبدالله الجنيد*
في عالم تسودهُ النزاعات وتتلاطم فيه أمواج الإستكبار العالمي، برزت القدس كقضية محورية تُجسد معركة الكرامة والوجود لكل مسلم.
وفي عام 1979، أعلن الإمام الخميني عن يوم القدس العالمي، لتتحول تلك الدعوة إلى صرخة نضال في وجه الإستكبار العالمي، غايتها تحرير الأرض التي اغتصبها الإحتلال الإسرائيلي.
ولكن، كيف يمكن أن يُفهم هذا اليوم؟
أهو مجرد يوم تعبوي؟
أم هو دعوة استراتيجية للمواجهة؟
لقد برهنت طوفان الأقصى، التي انطلقت في 2023، على أن يوم القدس ليس مجرد ذكرى، بل هو مُحرك حقيقي للنضال والنهوض والإستنهاض وخطوة فعلية في طريق تحرير فلسطين.
في هذا السياق، يجسد الشعب اليمني تحت القيادة الحكيمة سماحة قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله رجل القول والفعل، النموذج الأبرز لمقاومة الهيمنة والإستكبار العالمي، حيث أظهر تضامنًا غير مسبوق مع القضية الفلسطينية (لستم وحدكم)، عبر حصار بحري وجوي غير مسبوق على الكيان الصهيوني.
فهل كانت هذه الاستراتيجية اليمنية بمثابة إعلان حرب اقتصادية على الاحتلال؟
وكيف يُمكن أن نقرأ هذا الدور الإستراتيجي في ضوء الفكر الخميني؟
أولاً: رؤية الإمام الخميني ويوم القدس العالمي: البوصلة الفكرية للمقاومة.
1-1 القدس في استراتيجية الإمام الخميني: ما وراء الأرض
في فلسفة الإمام الخميني، القدس ليست مجرد مدينة مقدسة، بل هي قضية وجودية للأمة الإسلامية جمعاء.
إنها رمز الكرامة والمقاومة، وتُشكل نضالًا ممتدًا يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، في كل كلمة قالها الإمام الخميني، كانت القدس هي الهدف الاستراتيجي النهائي الذي لا بد من تحريره، وهذا التحرير لا يتم إلا عبر وحدة الأمة وإحياء روح الجهاد في صفوف المسلمين. ألم يكن الإمام الخميني يعيد تشكيل الفكر الإسلامي في مواجهة الهيمنة الاستعمارية والعدوان الإسرائيلي؟
إن دعوة الإمام الخميني إلى يوم القدس العالمي كانت أكثر من مجرد يوم للإحتجاج، بل كانت دعوة إلى التحرك الاستراتيجي والتكتيكي على الأرض.
وأتى بتلك الرؤيا من القرآن الكريم ومن خلال قوله تعالى (أو كل ما عاهدوا عهدًا نبذهُ فريقًا منهم)، ليؤكد لنا إن أمريكا واسرائيل لا سلام ولا وفاق ولا مواثيق ولا أي عهود تُبرم معهم.
هل يمكننا القول أن هذه الدعوة قد أيقظت روح الجهاد في الأمة؟
وأنها وضعت القدس في مركز الصراع الفعلي؟
2-1 استراتيجيات رؤية الإمام الخميني: من المقاومة الشعبية إلى الحرب الشاملة
لم يكن الإمام الخميني يرى أن المقاومة يجب أن تقتصر على حركات مسلحة صغيرة أو مواقف سياسية محدودة. بل دعا إلى مقاومة شاملة تتضمن:
- التحرك الشعبي في الشوارع والساحات.
- الدعم العسكري للمجاهدين.
- التحالفات السياسية القوية.
فهل كانت رؤية الإمام الخُميني قائمة على الوعي الجهادي العميق الذي يتجاوز حدود المكان والزمان؟ أم أنها كانت مخططًا استراتيجيًا يتضمن العمل العسكري على الأرض، ودعمًا سياسيًا على المستوى الدولي؟
ثانيًا: طوفان الأقصى: ترجمة فكر الإمام الخميني في الميدان
2-1 طوفان الأقصى: العملية العسكرية الكبرى التي تجسدت الرؤيا بالواقع
ما الذي يُمكن أن نعتبره من طوفان الأقصى؟
هل هو مجرد عملية عسكرية أم هو نتيجة حتمية لرؤية استراتيجية كانت قد بدأت تتشكل على يد الإمام الخميني؟
العملية، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 2023، كانت بمثابة هزة أرضية للعقل الإسرائيلي. لم تكن فقط بمثابة ضربات صاروخية، بل كانت تجسيدًا لفكرة القتال بلا هوادة، إيمانًا بالتحرير حتى لو كان الثمن غاليًا.
طوفان الأقصى، وإن كان واضحًا في تأثيره العسكري على إسرائيل، إلا أنه كان في الأساس اختبارًا حقيقيًا لرؤيا الإمام الخميني، الذي نادى بضرورة المقاومة المستمرة واستراتيجية الاستنزاف على كافة الأصعده. هل يمكن أن نقول أن هذه العملية كانت بمثابة اختبار حاسم لإستراتيجية "مقاومة الاحتلال"؟
2-2 الحصار البحري والجوي: الرد الاستراتيجي القوي من اليمن.
أما بالنسبة لدور اليمن، فقد كان فريدًا من نوعه ،قولاً وفعلاً، حيث فرض الحصار البحري والجوي على إسرائيل ليغير معادلات القوة في المنطقة بشكل غير مسبوق. هل كانت هذه خطوة استراتيجية تهدف إلى إضعاف إسرائيل في عمقها الاقتصادي والعسكري؟ نعم، لقد أغلقت اليمن المنافذ البحرية والجوية أمام إسرائيل، مما أوقف تدفق الإمدادات العسكرية التي كانت إسرائيل تعتمد عليها في استمرار قتالها ضد فلسطين. هل يمكن أن نعتبر هذا بمثابة ضربة إستباقية على مستوى الحرب الاقتصادية؟
ثالثًا: دور اليمن في تجسيد رؤيا الإمام الخميني
1-3 اليمن: قوة محورية في محور المقاومة:
إن الدور الذي لعبته اليمن لم يكن مجرد رد فعل، بل كان دورًا محوريًا في محور المقاومة الذي تقوده إيران. هل يمكن لليمن، وهو المحاصر بحرب منذ سنوات، أن يكون أداة فعالة لتحرير القدس؟ نعم، لقد جسّد الشعب اليمني رؤية الإمام الخميني بترجمة ميدانية استثنائية من خلال:
- التكتيك العسكري المبدع.
- الدعم اللامحدود للمجاهدين في فلسطين.
- خروج مسيرات اسبوعية لنصرة الشعب الفلسطيني
- تعزيز العلاقات مع حركات المقاومة الأخرى في المنطقة.
2-3 الحصار البحري والجوي: خطوة استراتيجية لم تسبق.
إذا كان فرض الحصار البحري والجوي على إسرائيل قد أحدث زلزالًا في الاقتصاد العسكري الصهيوني، فهل كانت هذه خطوة متوقعة أم كانت بمثابة ابتكار استراتيجي؟
لقد أثبتت اليمن، من خلال هذه العملية، أن بإمكان الأمة الإسلامية أن تواجه الإمبريالية العالمية والاحتلال الإسرائيلي بطرق مبتكرة ومدروسة.
إن يوم القدس العالمي لم يكن مجرد يوم للإحتجاج، بل كان بداية حركة استراتيجية عميقة. وقد تجسدت رؤيا الإمام الخميني في طوفان الأقصى والحصار البحري والجوي الذي فرضته اليمن على إسرائيل، ليؤكد على أن المقاومة ليست مجرد رد فعل، بل هي إستراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق النصر النهائي. هل يمكن أن نعتبر أن هذه الاستراتيجية قد أحدثت تحولًا جذريًا في معادلات الصراع في المنطقة؟
هل باتت القدس أقرب من أي وقت مضى؟
- الجواب يُكمن في وحدة الأمة الإسلامية وتضافر الجهود، التي لم تعد تقتصر على الفلسطينيين فقط، بل أصبح الكل جزءًا من هذا المشروع الجهادي الكبير.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب