السياسية - تقرير II مهدي البحري ***

واجه القطاع الدوائي في اليمن خلال عشر سنوات من العدوان، تحديات جمّة رغم ما سببه الحصار من آثار كارثية على القطاع والمرضى خاصة المصابين بالأمراض المزمنة .

أتى الحصار والعدوان بتداعيات كارثية على أغلب جوانب الحياة في مقدمتها القطاع الدوائي وخصوصاً منذ إغلاق مطار صنعاء، حيث انعدمت وقلت أغلب الأدوية والأصناف التي تحتاج إلى ظروف نقل خاصة (التبريد)، والتي تجاوزت 38 اسماً علمياً تتضمن مئات الأسماء التجارية كانت متداولة قبل العدوان بأرقام كبيرة.

وتسبب الحصار في أن يفقد آلاف المرضى أدويتهم ومنها أدوية زارعي الكلى ومشتقات الدم والأدوية الهرمونية وغيرها وبعض المحاليل التشخيصية.

وأظهرت إحصاءات وزارة الصحة والبيئة تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منها أن هناك قلة في ألف و630 صنفاً لعدد 98 دواءً بسبب العدوان والحصار ولا تصنع محلياً بحسب الاسم العلمي.. مشيرة إلى أن هناك 16 شركة كانت تنتج 559 صنفاً من الأدوية أغلقت سوقها في البلاد بسبب الحصار.
وحسب الإحصاءات توقف 83 مستورداً كانوا يوفرون ألفاً و329 صنفاً من الأدوية، عن الاستيراد بسبب الحالة غير الملائمة التي فرضها العدوان والحصار.. كما ارتفعت نسبة الزيادة في متوسط الاحتياج السنوي لعشرات الأصناف الدوائية من 200 إلى 500 في المائة، فضلا عن منع دخول اليود المشع لمرضى سرطان الغدة الدرقية نتيجة الحصار.


وفي مقابل التحديات الكبيرة طيلة السنوات الماضية شهد القطاع الدوائي جهوداً حثيثة لتطوير الصناعات الدوائية المحلية لتوفير احتياجات البلد من الأدوية الضرورية والتخفيف من تداعيات العدوان والحصار اللذين تسببا في معاناة وكارثة إنسانية لأبناء الشعب اليمني، خاصة المرضى الذين يمثل الحصول على الدواء أمراً أساسياً لاستمرار حياتهم.

واحتلت الصناعة الدوائية وتحقيق الأمن الدوائي صدارة أولويات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى نظراً لما تعرض له هذا القطاع الحيوي من استهداف ممنهج من قبل العدوان وتداعياته التي أدت إلى نقص الدواء.

وفي ظل اهتمام الدولة والحكومة بقطاع الصناعات الدوائية، تم توفير المناخ الملائم لبناء صناعات دوائية وطنية تضمن تحقيق الأمن الدوائي، في إطار توطين الصناعات الدوائية في البلاد.

وتجلى هذا الاهتمام مؤخراً بصدور القانون رقم (4) لسنة 1446هـ بشأن الدواء والصيدلة الذي اشتمل القانون على 99 مادة.

ويهدف القانون إلى تنظيم تسجيل واستيراد وتصنيع وتوزيع وتداول الدواء، وضمان سلامته وجودته وفاعليته ومأمونيته، إضافة إلى ما يتعلق بالاستخدام الرشيد للدواء وتنظيم وصفه وصرفه وبيعه.

كما يهدف إلى حماية الفرد والمجتمع من الأضرار والأخطار الناجمة عن سوء استخدام أو تداول الدواء أو الناجمة عن الأدوية المغشوشة والمهربة أو المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، إضافة إلى تنظيم مزاولة مهنة الصيدلة وفق معايير علمية بما يكفل الارتقاء بها وحماية المجتمع من الممارسات غير السليمة، وكذا تنظيم أسس وقواعد إنشاء وفتح وإدارة وتشغيل المنشآت الصيدلانية وأنشطتها، وما يتعلق بتشجيع الصناعات الدوائية وتوطينها وتطويرها وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

واعتبر وزير الصحة والبيئة الدكتور علي شيبان، القانون أول قانون دواء وصيدلة يصدر في الجمهورية اليمنية، وكان العمل معتمداً على قرار إنشاء الهيئة العامة للدواء وتعديلاته وبعض قوانين الصحة العامة.

وأكد أن إصدار القانون الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات المخطط لها والهادفة إلى تطوير العمل الصيدلاني والرقي به والانتقال من اعتبار الدواء سلعة تباع وتشترى وتحتكر إلى التعامل مع الدواء وتصنيعه وتداوله كخدمة تقدم للناس بدون استغلال، وترشيد استخدام الدواء وحوكمته واستخدامه عند الحاجة فقط، وتنظيم بيع وتداول الدواء.

وأوضح أن القانون ينظم آلية توفير مخزون دوائي للدولة بما يضمن الوصول إلى الأمن الدوائي وتوطين الصناعات الدوائية من خلال تشجيع الصناعات المحلية وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي.

وأكد الدكتور شيبان أن وزارة الصحة تدرك أن العمل الطبي ككل والعمل الصيدلاني بشكل خاص يتطلب التعاون من "وزارات وشركات ومصنعين وصيدليات وصيادلة ومواطنين" بشكل خاص ولا يمكن إحراز تقدم دون مشاركة فاعلة وحقيقية من جميع الأطراف لتحقيق المصلحة الوطنية وخدمة الناس.

وثمن جهود كل من شارك ووضع الملاحظات والتنقيح من صيادلة الوزارة والهيئة والنقابة وكذا أعضاء لجنتي الصحة والمالية في مجلس النواب واللجان المساعدة، الذين بذلوا جهوداً مضنية في المناقشة والمراجعة والصياغة حتى إخراجه إلى النور.

وفي ظل اهتمام الدولة والحكومة بقطاع الصناعات الدوائية، تم توفير المناخ الملائم لبناء صناعات دوائية وطنية قوية تضمن تحقيق الأمن الدوائي.

وانطلاقاً من أهمية الأمن الدوائي الوطني بدأت الإجراءات العملية والتنفيذية للنهوض بإنتاج وتصنيع الدواء وتعزيز التنافس بين الشركات المحلية وذلك بتوجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى بإعفاء مدخلات التصنيع الدوائي من الرسوم الضريبية ليصب في خدمة القطاع الدوائي وتطوير دوره الحالي والمستقبلي.

وتبذل وزارة الصحة جهوداً كبيرة في سبيل التوجه نحو الصناعة الدوائية عبر الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية،

حيث أوضح تقرير صادر عن الوزارة تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه، أن الهيئة قامت بإعداد لائحتها التنظيمية، وإصدار السياسة الدوائية للسنوات القادمة، وتحديث قائمة الأدوية الأساسية.

وأشار التقرير إلى أنه تم تنظيم وتسجيل الشركات بما يعزز توفير الأدوية للمواطن وكسر الاحتكار، وحصر 66 صنفاً على الصناعة المحلية، وإصدار قرار توطين ألف صنف خلال الخمس السنوات القادمة، وتحفيز الصناعة المحلية وتشييد ثلاثة مصانع جديدة ضمن خطة الوصول لـ12 مصنعاً، واستقبال 20 طلباً لإنشاء مصانع أدوية جديدة، فضلا عن استقبال طلب لأول مرة لإنشاء مصنع مستلزمات طبية.

وأفاد بأنه تم عمل 38 خط إنتاج أدوية خلال العام الماضي وستصل إلى 48، ويبلغ عدد الأصناف المصنعة محلياً ألف و818 صنفاً، وعدد المعامل الجديدة 15 معملاً، وتم صرف 500 مليون ريال لشركة يدكو لتصنيع المحاليل الوريدية، كما تم إجراء مسح شامل لمناطق لم يتم مسحها سابقاً لاستكشاف وحصر الأعشاب الطبية في البلاد.

وأوضح التقرير أنه تم إعداد دليل شامل للنباتات الطبية، وتحديد 15 نبتة طبيعية لزراعتها وإكثارها، وشراء 40 جهاز فحص اتش بي ال سي وبقية الأجهزة ذات الأولوية لفحص الأدوية، وتوفير جهازي جي سي وجي سي ماس (حديث لأول مرة في البلاد) بقيمة 814 ألف دولار، وترميم المختبر القديم والبدء بتأهيل المختبر الدوائي الجديد بقيمة مليارين و800 مليون ريال، واستكمال الأتمتة في الهيئة والمنافذ، وتسعير ثلاثة آلاف و700 صنف متداول في تطبيق، ومتابعة تثبيت التسعيرة والنزول للرقابة على الشركات والأصناف.

كما قامت الهيئة بتوفير أدوية مرضى الأمراض المزمنة، وأدوية نوعية كالألبومين وهرمون النمو، وتوفير ثلاثة ملايين فيالة أنسولين بقيمة 22 مليون دولار.

وتم توفير أدوية أمراض الدم والأمراض الوراثية والناعور بقيمة 15 مليون دولار، وأدوية الأمراض المناعية وزارعي الكلى والأعضاء والتصلب اللويحي، ومصل الدفتيريا والأدوية الأساسية، وكذا أدوية المراكز والوحدات لأكثر من ألفي مرفق بإجمالي يزيد عن 25 مليار ريال.