السياســـية - تقرير || صادق سريع*

في ظل انتهاج راعية الديمقراطية الولايات المتحدة، سياسة التعتيم الإعلامي لإخفاء إخفاقات قواتها البحرية وخسائرها العسكرية في البحر الأحمر، تتسابق مِنصات الإعلام والتواصل الأمريكية والغربية على تسريب مؤامرات الإجتماعات واللقاءات السرية، والخطط الإستعمارية والفضائح المشفرة هنا وهناك في هذا العالم.

صحيفة "نيويورك تايمز"، نشرت تحليل عميق حول المحادثات المسربة لقيادات أمريكية في إدارة ترامب عبر تطبيق "سينغنال"، ناقشت فيها خطط المعركة وأهداف عمليات واشنطن في اليمن، وأكدت أن الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها عبر عدوانها على اليمن قد تصطدم بالواقع، ولن تكون سهلة التحقيق.

فضائح "سيغنال"

وفق الصحيفة الأمريكية الأوسع إنتشاراً، ناقشت محادثات "سيغنال"، أهداف العدوان الأمريكي في ردع القوات المسلحة اليمنية من تنفذ العمليات المساندة لغزة في البحر الأحمر.

في حين نقلت عن خبراء عسكريين قولهم:"أن قوات صنعاء "لن تُهزم بسهولة"، ولم تردعها الضربات في عهد الرئيس السابق"، بينما قال آخرون:"أن قوة صنعاء قد تستفيد من الضربات الأمريكية لتعزيز قدراتها العسكرية، وموقعها داخل اليمن وخارجه".

القول الفصل في تقرير "نيويورك تايمز"، أنّ التاريخ لا يقف في صف الولايات المتحدة، مستدلة بصمود اليمنيين لأكثر من 274 ألفا و302 غارة وقصف جوي بطيران دول تحالف العدوان بقيادة (أمريكا وبريطانيا و"إسرائيل" والسعودية والإمارات وحلفائهن)، على اليمن خلال ثماني سنوات.

اليمن يفقأ عين أمريكا

وتحت عنوان "صنعاء توجه صفعة موجعة لترامب"، اعتبر المحلل السياسي السوداني عبدالوهاب حفكوف، عملية إسقاط قوات صنعاء الطائرة الأمريكية نوع "E2" الخاصة بالقيادة وعمليات السيطرة لحاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، صفعة لترامب.

وقال: "أظهر اليمن مرة أخرى أنه مختبر سيادي لإعادة تعريف مفاهيم الردع والهيمنة، وأن طائرات واشنطن باتت صيد سهل لصواريخ ومسيّرات اليمن".

وأضاف: "طائرة "E2" ليست مجرد وسيلة، بل تعد عين ومِنصة القيادة، ومركز التحكم المتقدم لمسارح العمليات العسكرية، وإسقاطها يعني خلخلة مباشرة لعصب التفاهم العملياتي الأمريكي، وصفعة صريحة لمنظومة التفوق الجوي التي لطالما اعتبرتها واشنطن مطلقة".

من وجهة نظره، تظهر العملية التطور الملفت في المنظومة الدفاعية اليمنية؛ وقدرتها على الرصد الإلكتروني المتقدِّم، والتكامل في عمليات القيادة الميدانية، والاحتراف في اتخاذ القرارات في لحظة مثالية تعكس أعلى درجات التكتيك الإستراتيجي.

والمؤكد، في سرديته التحليلية، أن اليمن وجّه من موقعه السيادي المستقل، رسالة لأمريكا مفادها، أن "الدفاع عن الأرض لا يحتاج إلى طائرات شبح، بل إلى وعي سيادي وإرادة لا تساوم".

والمحسوم في عقيدته السياسية، أن اليمن باستهداف طائرة "E2"، قد أسقط درّة القيادة الجوية الأمريكية وترجم المعادلة إلى فعل، وسجّل نقطة إستراتيجية حاسمة، وأعلن بصوت الصاروخ؛ أن زمن استباحة السماء اليمنية قد انتهى.

.. ويخرج قوة واشنطن عن النطاق

بدرها، أكدت مِنصة "19" الأمريكية إن القدرات العسكرية الصاروخية اليمنية تشكل تهديداً كبيراً لحاملات الطائرات وقوات البحرية الأمريكية، مما قد يؤدي إلى اتساع نطاق الصراع في المنطقة.

وقالت: "اليمنيون عنيدون يمتلكون صواريخ أبقت بحرية أمريكا خارج نطاق المواجهة، بالضغوط الكبيرة التي تفرضها على تشكيلات بحرية واشنطن والمدمرات والبارجات والمقاتلات وحاملات الطائرات الأمريكية".

وأضافت: "القوات اليمنية باتت مصدر إزعاج كبير لواشنطن، بسبب استهداف وإعاقة حاملات الطائرات الأمريكية، التي آخرها "هاري تورمان" في البحر الأحمر، في حين لم يكن أحد يتصور أن تتمكن قوة صنعاء من إيقاف مجموعات عملاق حاملات الطائرات الأمريكية؟".

.. من خسائر الكيان اللقيط

صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الصهيونية، أجابت عن السؤال المثير حول الخسائر الباهظة التي تتكبدها "إسرائيل"، بسبب استئنافها العدوان على غزة، بفعل استمرار هجمات اليمن بالصواريخ التي تعطل الحياة اليومية، وتقيّد حركة الملاحة الجوية والبحرية، وأثقلت كاهل جيشها، وسببت في إقلاق أمنها وتكلفها عسكرياً ومالياً.

وقالت: "إن الهجمات اليمنية أجبرت الرحلات الجوية على تأخير هبوطها ودَفعت رئيس الوزراء "الإسرائيلي" لمغادرة جلسة الكنيست، والاحتماء في منطقة آمنة".

وأضافت: "هجمات صنعاء تسببت في توسيع نطاق التحذيرات الأمنية داخل الكيان، وأثبتت قدرات تكنولوجيا الصواريخ اليمنية على المناورة وصعوبة اعتراضها، بشكل يزيد مخاوف الصهاينة".

وإذ أشارت إلى عجز أمريكا و"إسرائيل" في احتواء تهديد اليمن المتزايد، أكدت عدم تحمل الكيان تداعيات استمرار حصار صنعاء لميناء أم الرشراش "إيلات" على المدى البعيد، مما يشير إلى تصاعد تأثير الهجمات في المنطقة.

مختصر حصيلة الإسناد

يشار إلى أن القوات اليمنية استأنفت قرار فرض الحظر البحري على سفن "إسرائيل"، في 12 مارس 2025، واستهدفت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، ومدمراتها، لعدة مرات في البحر الأحمر؛ إسناداً لغزة بعد منع الكيان إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، واستئناف العدوان على غزة.

وأطلقت 1170 صاروخاً باليستياً، وفرط صوتي، ومسيّرة، إلى عُمق الكيان، وكبَّدت قوات دول العدوان الأمريكي - البريطاني - "الإسرائيلي"، في المواجهات البحرية، قرابة 230 قِطعة بحريَّة تجارية وحربية؛ ضمن معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، خلال 15 شهراً في إسناد غزة ومقاومتها.