السياسية-وكالات:

 

لا ينقص مدينة البصرة العراقية سوى صفارة افتتاح مباريات كأس الخليج 2023 (خليجي 25) في 6 كانون الثاني/ يناير الحالي، لتؤكد مدى جاهزيتها والجهد الذي بذلته المدينة والمسؤولون العراقيون لتقديم بطولة ناجحة تحمل أهمية كبيرة للعراق، وسيُبنى عليها للاستحقاقات الرياضية المقبلة، وحتى غير الرياضية.

مجرد القول إنَّ بطولة بهذا الحجم لها أهميتها التاريخية للخليج ودوله ومنتخباته من خلال التنافس التقليدي بينها، ستكون بضيافة العراق وفي مدينته البصرة في ملعبَيها الحديثين؛ ستاد البصرة الدولي أو “جذع النخلة” والميناء، اللذين يعدان من الأفضل في قارة آسيا، يكفي لمعرفة مدى أهمية استضافة العراق هذه البطولة، وخصوصاً أنها تأتي بعد سنوات طويلة غابت فيها المباريات الدولية عن الأراضي العراقية بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد حيناً، وبسبب البنية التحتية حيناً آخر، كما كان يتذرع بذلك دائماً الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” أمام طلبات العراقيين لرفع الحظر.

كان العراقيون يشاهدون بحسرة منتخبهم “أسود الرافدَين” طيلة الأعوام السابقة، بما في ذلك في الاستحقاقات المهمة، مثل تصفيات كأس العالم، وهو يتنقل بين هذا البلد وذاك للعب مبارياته البيتية، وهذا ما كان يفقد المنتخب العراقي عاملَي الأرض والجمهور ليكون له تأثيره مقارنة بالمنتخبات الأخرى التي تلعب على أرضها وبين جماهيرها.

لكن العراق لم يألُ جهداً لاستعادة حقه باستضافة المباريات مجدداً على أرضه، تزامناً مع تحسن الأوضاع الأمنية، خصوصاً بعد الانتصار على الجماعات الإرهابية. وفي الوقت عينه، كان الاهتمام بإنشاء الملاعب الكبرى على غرار ملعبَي “جذع النخلة” والميناء وملعب كربلاء الدولي وملعب المدينة الدولي في بغداد.

هذا الجهد أثمر قراراً اتخذه الاتحاد الدولي لكرة القدم في شهر شباط/فبراير الماضي، ورفع بموجبه الحظر عن الملاعب العراقية، لكنه لم يكن قراراً نهائياً، بمعنى أنَّ “الفيفا” تقدّر الوضع الأمني في العراق لاستضافته المباريات. وعلى هذا الأساس، جرى بعد ذلك بشهر نقل المباراة المقررة بين المنتخب العراقي أمام منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2022 من العراق إلى الأردن.

تأكيد للاستقرار الأمني والاستعداد اللوجستي

من هنا تأتي أهمية بطولة “خليجي 25” في الدرجة الأولى، ليؤكد العراق من خلالها أمام “الفيفا” والاتحادات الكروية في العالم استقراره الأمني واستعداده اللوجستي لاستضافة البطولات والمباريات المهمة بنجاح.

هذا الأمر يمكن التأكد منه من خلال الدعوات التي وُجهت لحضور فعاليات البطولة على أعلى مستوى، إذ يقول مدير إعلام بطولة “خليجي 25” وعضو الاتحاد العراقي لكرة القدم، أحمد الموسوي، لوكالة الأنباء العراقية إنَّ “هناك دعوات مهمة وُجهت من قبل رئيس مجلس الوزراء (العراقي) إلى رؤساء دول ورؤساء وزراء مجلس التعاون الخليجي واليمن”، ويضيف أن “هناك دعوات وُجهت إلى مسؤولي الرياضة في العالم على مستوى الاتحاد العربي واتحاد غرب آسيا والاتحاد الدولي والاتحادَين الآسيوي والأوروبي”.

هكذا يريد العراقيون أن يشاهد الجميع “على الأرض” ما سيقدمه العراق من خلال استضافة هذه البطولة، وذلك بعدما سمع هؤلاء وقرأوا كثيراً عن الأوضاع الأمنية والبنى التحتية اللتين لم تكونا تسمحان له باستضافة البطولات والمباريات الكبرى، وكانتا تبقيان بالتالي الحظر على ملاعبه من “الفيفا”.

 أهمية اقتصادية

ثمة أهمية أخرى للبطولة تتمثل بالجانب الاقتصادي، إذ إنَّ نجاح البطولة تنظيمياً في ظلِّ الاستقرار الأمني سيتيح للعراق توطيد علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال استثمارات اقتصادية تفتح أبواب العراق مجدداً أمام جيرانه الخليجيين وحتى من خارج الخليج.

لهذا كلّه، تحظى بطولة الخليج 2023 “خليجي 25” بكل هذا الاهتمام في العراق، مع رغبة أيضاً ليست خافية لدى دول مجلس التعاون الخليجي في إنجاح البطولة، التي لن يكون نجاحها للعراق وحده، بل أيضاً لكل من يحب استقراره.