أرسلت الجمهورية السودانية الآلاف من القوات العسكرية للانخراط ضمن قوات التحالف العربي التي تقود عملاً عسكرياً في اليمن منذ أواخر مارس من العام 2015 , والحاصل الآن تكافح الخرطوم لإضفاء طابع شرعي على هذا الانخراط أمام الرأي العام.

بقلم: لويس امبيرت

باريس,6 يونيو 2018 (صحيفة “لوموند”الفرنسية, ترجمة: أسماء بجاش- سبأ)

بحذر شديد, تقاتل القوات السودانية في اليمن, وعلى الرغم من انه لم يتم ذكر مشاركة تلك القوات ضمن بيانات قوات التحالف العربي المنضوي تحت راية المملكة العربية السعودية، إلا أن مشاركة هذه القوات تظهر فقط في مقاطع الفيديو التي يبثها المتمردون الحوثيون خلال المعارك التي تشهدها جبهة ميدي: تقع مديرية ميدي ضمن السلسة الحدودية المثبتة بين البحر الأحمر والجبال المطلة على الحدود مع السعودية.

إذ يوجد العديد من المقاتلين الأفارقة الذين يبدو أنهم يعملون بشكل مستقل, بالإضافة إلى العديد من الجثث وأوراق الهوية والمعدات العسكرية المضبوطة.

يقوم أولئك الجنود الذين تدعمهم القوات السعودية بدوريات في محافظة الحديدة, منذ فبراير 2018.

لم ترد الخرطوم تسليط الضوء على الآلاف من جنودها الذين أرسلوا إلى اليمن ضمن قوات التحالف العربي منذ العام 2015، وذلك لأنهم يناضلون لإضفاء طابع شرعي أمام الرأي العام لهذه الحرب التي تستهدف بلد عربي من أفقر دول العالم، في حين تشن تلك الحرب واحدة من أغنى دول العالم المملكة العربية السعودية.

يرسل السودان أعضاء شبه عسكريين ضمن قوات الدعم السريع وهي هيئة جندت في الأصل من قبائل دارفور العربية في العام 2016 .

تقوم تلك القوات بحراسة القواعد الإماراتية في جنوب اليمن, كما أنها أيضا بمثابة المدافع عن جبهة الساحل الغربي.

ففي بعض الأحيان, ووفقا لما تورده الصحف اليمنية, فقد رفضت تلك القوات الذهاب إلى ارض المعركة.

يتم دفن معظم المقاتلين السودانيين الذين لقوا حتفهم في اليمن في الأراضي المقدسة بالمملكة السعودية.

لم تُشر أي تقريراً صادرة عن الجانب السوداني أي إحصائيات لعدد القتلى، في حين أدلى مسؤول رفيع المستوى في منظمة مراسلون بلا حدود” محمد حمدان دوغو” بتصريح في نوفمبر 2017 إن عدد القتلى بلغ 412 شخص.

تعتبر القوات الإماراتية الأكثر نشاطاً ضمن منظومة التحالف العربي على الأرض بالرغم من عددها القليل إلا أنها تلقت العديد من الضربات الموجعة ذهب ضحيتها المئات من جنودها.

ومن جانبها, أشارت الخرطوم مرارا إلى أن الانسحاب من اليمن هاجسا لطالما راودها.

ففي 2مايو، أعلن وزير الدفاع السوداني”علي سالم” أمام البرلمان أن النظام يهدف إلى إعادة تقييم مشاركته في الحرب.

إذ يوجد طريقة لرفع مستوى الرهانات, تكمن في كون القوات السودانية تمكنت منتصف أبريل المنصرم من بسط سيطرتها على مديرية ميدي للمرة الثالثة, والآن يبدو أن موقفها أصبح أكثر صلابة.

وبالتالي يمكن لهذه القوات أن تشارك في الهجوم الكبير ضد ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة المتمردين وبتنسيق وإشراف من دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومن جانبه, أشاد العقيد “تركي المالكي” المتحدث باسم التحالف العربي بالقوات السودانية الذين أتموا مهمتهم على أكمل وجه, وفي حال فرضنا أن هذه القوات لا تريد المشاركة في العمليات العسكرية، لكانوا قد غادروا بالفعل.

وفي 23 مايو المنصرم، طمأن الرئيس السوداني عمر البشير نائب وزير الدفاع السعودي الذي يزور الخرطوم, بأن القوات السودانية باقية في اليمن طالما كان ذلك ضروريا.

قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران:

اتخذ الرئيس السوداني عمر البشير في العام 2015، هذا القرار مع رئيس الأركان “طه عثمان الحسين”, الذي كان همزة الوصل الرئيسية في قضية مشاركة القوات السودانية في اليمن، دون التشاور مع الشخصيات الرئيسية الأخرى للنظام.

أعلن السودان في العام التالي قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الإيراني, على الرغم من مرور ربع قرن من العلاقات الدبلوماسية الجيدة, وتقديراً لتلك الخطوة, أودعت السعودية المنافس الإقليمي الرئيسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية مليار دولار- أي ما يعادل 860مليون يورو- في بنك السودان المركزي، كما أودعت من جانبها, دولة الإمارات مبلغ 500 مليون دولار.

ومنذ ذلك الحين، لم تدفع الرياض المساعدات العسكرية البالغة 5 مليارات دولار للسودان, إذ أن التحالف العربي هو الذي يدفع رواتب قوات الدعم السريع دون أشرك السلطة المركزية في الخرطوم بذلك.

سهلت مواءمة النظام السوداني مع الرعاة الخليجيين على الرفع الجزئي للعقوبات الأمريكية في أكتوبر 2017, ومع ذلك، لم يتحسن الاقتصاد السوداني.

كما لم تشهد العلاقات السودانية المصرية العضو السلبي في التحالف العربي أي تحسن, إذ تعيش العلاقات المصرية السودانية حالة من التوتر حول قضية بناء سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق، حيث اختارت السودان الانحياز إلى الجانب الإثيوبي.

وعلاوة على ذلك، تتمتع الخرطوم بعلاقات جيدة مع قطر وتركيا، وهما الأعداء اللدودين لكلا من مصر والإمارات العربية المتحدة.

وافق الرئيس السوداني نهاية ديسمبر من العام 2017، على تسليم أنقرة إدارة شبة جزيرة سواكن المطلة على البحر الأحمر لمدة 99عاماً, حيث تعتبر تلك الجزيرة من بقايا الإمبراطورية العثمانية.

أثار هذا الإعلان شائعات حول انتشار قوات مصرية وإماراتية وإريترية إلى جانب متمردين سودانيين على الحدود الفاصلة بين إريتريا والسودان.

تعتبر أبو ظبي الحليف المقرب لمصر, حيث تملك الأولى أيضا قاعدة عسكرية في ميناء عصب الإريتري المطل على البحر الأحمر والذي تسعى من خلاله للحد من النفوذ التركي, فهذه الحلقة تكشف مدى حدود مجال النفوذ الإماراتي في القارة الأفريقية.

أشار الباحث “رولاند مارشال” من المركز الدولي للبحوث المشتركة للعلوم السياسية, في مذكرة تحليلية إلى أن الرياض وأبو ظبي تتوقعان أن يعمل حلفاؤها الأفارقة كعملاء وهذا الموقف مستمر, وقد أثبت هذا الاستبداد نتائج عكسية تماما.