السياسية:

إنها حكومة الاستمرارية، هذه هي الملاحظة الأولى على تركيبة الحكومة الفرنسية الجديدة، إذ حافظ الرئيس على التوازنات التي التزم بها لتشكيل حكومتين خلال فترته الرئاسية الأولى، سواء من حيث التوازن بين الرجال والنساء، أو ضم شخصيات تعبر عن اليمين واليسار.

تتألف الحكومة الجديدة من 27 وزيرا، و15 منهم يأتون من الحكومة السابقة، وتتضمن 14 وزيرا رجلا و13 وزيرة امرأة، تصبحن 14 امرأة بعد إضافة رئيسة الحكومة، أي أن الرئيس ماكرون التزم بالمساواة الكاملة في التركيبة الجديدة

رئيسة حكومة محسوبة على اليسار، ولكن…

إليزابيث بورن رئيسة الحكومة الجديدة والتي كانت وزيرة العمل في الحكومة السابقة، محسوبة على الاشتراكيين نظرا لأنها كانت مديرة مكتب سيجولين رويال المرشحة الاشتراكية السابقة للرئاسة، ولكنها، لم تكن أبدا عضوة في الحزب الاشتراكي، وتعاونت مع الاشتراكيين باعتبارها كادر تكنوقراط، تعرف مؤسسات الدولة المختلفة بصورة عميقة وتجيد التفاوض مع النقابات، كما تولت مسئولية تنفيذ الإصلاحات التي تعتبر يمينية، وأشهرها تخفيض تعويضات البطالة، ويشرح نقابيون ظروف المفاوضات معها، موضحين أنها قادرة على الاستماع لمطالبهم على مدى ساعات طويلة، ولكنها، في نهاية الأمر، لا تتنازل عن حرف واحد مما جاءت به وتريد تطبيقه.

وزراء من اليمين ومن اليسار

احتفظ كل من برونو لومير وزير الاقتصاد وجيرالد دارمانا وزير الداخلية، ويأتيان من صفوف اليمين التقليدي بمناصبهم،

غبرييل آتال الناطق الرسمي باسم الحكومة، والذي برز بأداء لامع خلال الفترة الرئاسية الأولى بالرغم أنه في الثالثة والثلاثين من العمر، والقادم من صفوف الاشتراكيين وأحد الذين انضموا لماكرون منذ البداية، حصل على وزارة الحسابات العامة، والتي تعتبر نقطة الانطلاق لمناصب رفيعة، وتولى أمرها كافة الرؤساء الفرنسيين السابقين بدء من جاك شيراك

سباستيان لوكورنو، وزير مناطق ما وراء البحار، المحسوب على اليمين التقليدي، حصل على وزارة الجيوش بالرغم من أنه لم يتجاوز الخامسة والثلاثين، ويعتبر من حلقة المستشارين الضيقة المقربة للرئيس ايمانويل ماكرون.

أوليفييه دوسوبت العضو السابق في الحزب الاشتراكي يدخل الحكومة كوزير للعمل، أي أن الاختيار وقع على اشتراكي سابق ليقود مشروع قانون لرفع سن التقاعد إلى 65 عاما، الذي يلقى معارضة قوية من النقابات ومن الرأي العام عموما، كما تم اختيار بريجيت بورجينيون كوزيرة للصحة، وستواجه مهام صعبة تتعلق بنهاية وباء كورونا وأزمة قطاع الصحة الكبيرة.

وتبرز في التركيبة الحكومية كاترين كولونا وزيرة الخارجية الجديدة كمفاجأة لم تكن متوقعة، سفيرة فرنسا في بريطانيا وتعتبر دبلوماسية مخضرمة، وكانت قد احتلت منصب الناطقة الرسمية باسم الرئاسة الفرنسية في عهد شيراك، ومحسوبة على الديغوليين، وتيار شيراك تحديدا

عموما، رصد المراقبون أن الوزارات الثمانية الكبرى يحتل اليمين خمسة منها، بينما ترك لليسار ثلاث وزارات.

الوزراء من أصول أجنبية:

ريما عبد الملك، الفرنسية من أصول لبنانية، أصبحت وزيرة الثقافة، بعد أن كانت مستشارة الرئيس للشؤون الثقافية منذ 2019، وحققت نجاحات في منصبها السابق.
باب انديايه، وهو من أب سنغالي وأم فرنسية، باحث في شؤون الأقليات ومدرس في معهد العلوم السياسية وكان مدير متحف الهجرة، الذي أصبح وزير التربية والتعليم، بالرغم من أنه لا يتمتع بأي خبرة سياسية أو بمعرفة خاصة بملف التعليم في فرنسا، ويطرح رؤى وشخصية تتناقض كليا مع وزير التربية والتعليم السابق.
باب انديايه وزير التربية التعليم الفرنسي وجان ميشيل بلانكير الوزير السابق
باب انديايه وزير التربية التعليم الفرنسي وجان ميشيل بلانكير الوزير السابق
الوزراء من أصول أجنبية، وبصرف النظر عن قدراتهم، قد يسمحون لماكرون بسحب بعض الأصوات من اليسار الراديكالي، الذي يقدم نفسه كالمدافع الوحيد عن المهاجرين والفرنسيين من أصول أجنبية. ولكن دورا خاصا ينتظر باب انديايه، بحكم خياراته البحثية حول الأقليات وانتمائه لجمعيات مدنية تتبنى قضاياهم، إذ يشكل في نظر اليمين المتطرف وبعض قطاعات اليمين نموذجا للسياسي المرفوض، حتى أن بعض المراقبين يعتقدون أن ماكرون جاء به ليلعب دور مانع الصواعق، بحيث تتركز الهجمات عليه وتحتل الساحة الإعلامية، ويخفف من حدة هذه الهجمات على بقية أعضاء الحكومة.

حكومة للانتخابات التشريعية أو للفترة الرئاسية الثانية

تعاني الحكومة الحالية من غياب شخصيات سياسية فرنسية كبيرة، ويحتل التكنوقراط مساحة كبيرة فيها، مما يطرح السؤال، عما إذا كان الرئيس سيحتفظ بها في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية في شهر يونيو / حزيران المقبل؟

المرجح، هو انه سيحتفظ برئيسة الحكومة التي ستكون منفذا فعالا ووفيا لخططه الإصلاحية، وأغلبها يثير نقمة الرأي العام الفرنسي، كما يمكن الاحتفاظ ببعض الوزراء المشابهين لها، ويمكن أيضا الاحتفاظ بالوزراء الذين تمكنوا من البقاء بفضل أدائهم في الحكومة السابقة، ولكنه سيقوم بالتأكيد بتعديلات وزارية هامة، وفقا لنتيجة الانتخابات التشريعية، قد تطيح ببعض الوزراء الذين يجري اختبار قدراتهم حاليا.

المصدر: مونت كارلو