السياسية: متابعات : صادق سريع

أمريكا في صراع مع الصين بسبب المنافسة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية في العالم

قد نكون الآن أمام إحدى حالات حتمية الحرب.

إنها خطوط الصراع التي تتجمع وتشتعل حتى يصبح القتال حتمياً، دفاعاً عن “امتيازات” ومصالح.

المصطلح صاغه المؤرخ الإغريقي، ثوسيديدس، الذي رصد تاريخ الحرب الطاحنة بين أثينا وإسبرطة.

وفق تقرير نشره موقع عربب بوست ،كتب المؤرخ أنَّ “إسبرطة اعتبرت قوة أثينا، التي كانت تتعاظم يوماً بعد يوم، مصدر تهديد لهيمنتها، وهو ما جعل الحرب بينهما أمراً لا مفر منه”.

أي قوة عظمى مهيمنة لن تتخلى عن مكانتها لصالح قوة أخرى 

وتكون الحرب حينها خياراً حتمياً لحسم المنافسة.

أثينا وإسبرطة الأمس، هما الصين والولايات المتحدة اليوم.

في الأعوام الأخيرة أصبح من المألوف وصف العلاقة بين الصين والولايات المتحدة بأنها “حرب باردة” جديدة، وذلك في إشارة إلى المواجهة التي دامت لجيل كامل ضد الاتحاد السوفييتي.

توترت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بسبب التبادل التجاري وفيروس كورونا وحقوق الإنسان والأمن الإقليمي، بما في ذلك بحر الصين الجنوبي. 

بينما بدأ يُطلق القادة الأمريكيون حربهم الباردة مع بكين، فإن الصين تستعد لحرب مع أمريكا منذ نحو 30 عاماً بعدما تعلمت درساً قاسياً من دولة عربية سحقتها واشنطن من قبل.

في جميع الاحتمالات، ستستمر كل من واشنطن وبكين في دوامة الإجراءات / الإجراءات المضادة.

هذا النوع من الانخراط المتدهور لا يفيد أياً من البلدين ويزيد من فرصة الصراع العسكري، سواء عن طريق الصدفة أو سوء التقدير.

لسوء الحظّ، لا يبدو أن هناك رغبة من واشنطن لتهدئة التصعيد مع الصين، واللافت هو التجاهل الأمريكي لتبعات هذا التصعيد، في حين أن الصين تبدو أنها كانت مستعدة لهذه اللحظة.

هناك عدد كبير من قادة الرأي وصانعي السياسات في الولايات المتحدة لديهم اعتقاد راسخ بأنه لن تكون هناك عواقب غير مقصودة على أفعال أمريكا، لأنهم يرون أن بلادهم قوية جداً، كما يعتقد الكثيرون، أنه يمكن اتخاذ الإجراءات التي يفكرون بها ولن تكون لها نتائج سلبية.

السطور التالية تستعرض أبرز المخاوف الأمريكية في ساحات المنافسة مع التنين الأصفر، منافسة بدأت بالحرب على الشيوعية في القرن الماضي، وتوشك أن تشل كل مجالات التكنولوجيا وصناعة السلاح وحروب الفضاء.

التوسع الاقتصاديأكثر ما يثير قلق أمريكا هو النمو الاقتصادي الذي جعل الصين ورشة العالم ومزرعته ومعمله التكنولوجي المخيف

إذا لم يتم إقناع الصين بأن “تكبح جماح نفسها”، وأن تتعاون حقاً مع الولايات المتحدة، سيكون من قبيل المستحيل تحاشي اندلاع حرب كارثية، أو الحفاظ على مناخ تستطيع فيه الدولتان العيش فيه.

هكذا يتحدث الأمريكيون.. 

هكذا يحذّر غراهام آليسون الخبير الأمريكي في العلوم السياسية والشؤون الدولية من أنه إذا ما تمكن النظام الشمولي في الصين من تحقيق حلمه، ستزيح بكين واشنطن من العديد من مواقع القيادة التي اعتادت عليها الأخيرة خلال “القرن الأمريكي”.

منذ بداية القرن الحادي والعشرين، صعدت الصين لتصبح أكبر اقتصاد في العالم، بحسب نظام القياس الذي تحدد من خلاله وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أفضل معيار للمقارنة بين الاقتصادات الوطنية. 

صارت الصين ورشة التصنيع الأضخم في العالم.

والشريك التجاري الأول لمعظم الاقتصادات الرئيسية.

وأيضاً المحرك الأول لنمو الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية في عام 2008.

تتفوق الصين على منافستها العتيدة في أكثر من مجال، أبرزها:

تكنولوجيا الاتصالات خاصة تقنيات شبكة الجيل الخامس.سباق الأسلحة المتطوّرة مثل منظومة صواريخ هايبر سونيك.ممرات اقتصاد السوق العالمي مثل مشروع “طريق الحرير الجديد”.

تلك هي الكلمات المفتاح أو الأبعاد الثلاثة التي تُحرّك الصراع بين العولمة والعولمة الجديدة.

بين الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتادت الهيمنة على الكوكب، والصين التي لا تتوقف عن التوسع.

التوسع الصيني اسمه “طريق الحرير الجديد”

تم الإعداد لهذا المشروع قبل سنوات من الإعلان عنه بشكل رسمي في 2013 ليربط بين الصين وستين دولة، ويتكوّن من حزام بري من السكك الحديدية والطرق، يمر عبر آسيا الوسطى وروسيا، وطريق بحري يصل إلى إفريقيا وأوروبا الغربية.

طريق تضمن الصين من خلاله وصول سلعها زهيدة الأثمان إلى أغلب أسواق العالم، بأسرع وقت وبأقل كلفة. 

يمثل المشروع نوعاً جديداً من عولمة السوق الاقتصادية، ناعم وخفي مثل الحرير، تحت سيطرة ضابط إيقاع جديد هو الصين وحلفاؤها. 

تسعى الإدارة الصينية لاستكمال مشروع “طريق الحرير الجديد” في نهاية 2030، وهي المدة الكافية حسب توقعاتها لتأمين وصولها بل واكتساحها الأسواق الأوروبية، وأيضاً الأسواق التي تحتكرها البلدان الأوروبية منذ الحقبة الاستعمارية وعلى رأسها السوق الإفريقية. 

أليس هذا مخيفاً للأمريكيين؟

بالفعل تشعر واشنطن بالقلق، لأن الصين تعمل على تحقيق هدفها بصمت، وبدعم روسي وإيراني، يساهم في إضعاف النفوذ الأمريكي على القرارات الحاسمة دولياً.

التمدد الصيني بدأ قبلها بسنوات كثيرة، كما تشرح السطور التالية.

الصين ترسي قواعدها في القارة السمراء

في خطابٍ ألقاه عشية الألفية الجديدة، وصف رئيس جنوب إفريقيا الأسبق تابو مبيكي القرن الحالي بـ”القرن الإفريقي”.

وهو وصفٌ له ما يُبرّره.

بين عامي 2020 و2050، سوف ينمو تعداد سكان إفريقيا الحالي والبالغ 1.3 مليار نسمة، بنحو الضعف تقريباً.

وهذا أسرع من معدلات نمو السكان في أي منطقةٍ أخرى من العالم. 

والنمو الاقتصادي في القارة يتسارع بوتيرة ثابتة، والصين لها استثمارات هائلة، بينما تعتمد إدارة بايدن على نفس السياسة البطيئة غير المحددة.

وبحسب تحليل لمجلة Foreign Affairs الأمريكية بعنوان “إفريقيا تتغيّر.. لكن الاستراتيجية الأمريكية لا تُواكبها”، فإن القارة السمراء لم تكن يوماً ضمن الأولويات الأساسية للولايات المتحدة على الإطلاق.

لكنها أصبحت أولوية بعد أن انتشر النفوذ الصيني في أرجاء القارة.

تتوقع تقارير بأن ينتهي التنافس المحموم على النفوذ بين الجانبين إلى استقطاب في القارة السمراء، ينتهي بتمزيقها، بين معسكر شرقي يحسب على الصين، وغربي يحسب على الولايات المتحدة.

كيف تصنع الأصدقاء في القارة الفقيرة؟ 

تأسس منتدى التعاون الصيني – الإفريقي عام 2000، بمشاركة 45 دولة إفريقية. 

وتأسس منتدى التعاون الصيني ـ العربي في 2010 وارتقى سنة 2018 إلى مستوى الشراكة. 

تستند التوسعات الصينية في القارة على مرسوم صيني رسمي صدر عام 2006 يحمل عنوان “السياسة الصينية تجاه إفريقيا”. ويحدد هذا المرسوم أهداف الصين في خلق شراكة استراتيجية جديدة مع دول القارة. ويشترط المرسوم على الشركاء الإفريقيين الالتزام بمبدأ “الصين الواحدة”، أي عدم الاعتراف بـ”تايوان”.

وبدأت الصين تنفذ رؤيتها على الأرض.

أسقطت ديوناً لها على دول إفريقية قيمتها 1.2 مليار دولار أمريكي، ووسّعت نطاق المساعدات الخارجية التي تمنحها الصين لتلك الدول.

وبحلول عام 2006 كانت الصين قد قدمت إعفاءات جمركية غطت 191 سلعة مستوردة من 30 دولة إفريقية.

وجعلت من 17 دولة إفريقية مقاصد سياحية لمواطنيها.

وقامت بتدريب عشرة آلاف مهني إفريقي.

وبحلول 2009 أيضاً قدمت الصين دعماً في صورة “قروض تفضيلية” قيمتها 3 مليارات دولار، و2 مليار لقروض للمشترين الأكثر تفضيلاً.

وأرسلت للقارة الإفريقية 100 من أفضل خبرائها في المجال الزراعي.

وأسست عشرة مراكز للتقنيات الزراعية.

وشيدت ثلاثين مستشفى.

وقدمت منحاً مقدارها 40 مليون دولار لإقامة مراكز طبية وإنتاج عقاقير لعلاج ومكافحة الملاريا.

ومن عام 2003 إلى 2020، تضاعفت الاستثمارات الصينية في إفريقيا 30 مرة أكثر مما كانت عليه قبل ذلك.

وساهمت مبادرة “الحزام والطريق” في تعزيز علاقات الصين مع إفريقيا، حيث تحتاج الدول الإفريقية لتمويل وإنشاء مشروعات بنية تحتية، في حين أن بكين تمتلك عدة أذرع وآليات تمويلية، فضلاً عن أن المبادرة تهدف في الأساس إلى ربط أكثر من 70 دولة من خلال إقامة مشروعات بنية تحتية عملاقة.

أكبر مخاوف أمريكا هنا هو الشعور بتهديد الأمن القومي

الإدارة الأمريكية تنظر بقلق بالغ إلى التمدد الصيني في إفريقيا.

القارة تضم أكبر تجمع للدول النامية في العالم، ذات الأسواق المتعطشة للاستثمارات، والنمو السكاني الأسرع عالمياً، والثروات الهائلة.

هي أيضاً أرض الحكومات المفتقرة لأدوات فرض الأمن والاستقرار وتحديث البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية.

وفي 2007 أنشأت الإدارة الأمريكية قيادة عسكرية موحدة جديدة هي قيادة إفريقيا، أو كما تُسمَّى اختصاراً Africom، لدعم الأهداف الأمنية الأمريكية في إفريقيا والمياه المحيطة بها.

وفي أواخر عام 2014 انعقدت قمة أمريكية إفريقية تُعنى بالشأن الاقتصادي في إفريقيا.

لكن القلق من التوسع الصيني في القارة مستمر.

في 2015 صدر تقرير عن مؤسسة راند الأمريكية بتكليف من الجيش الأمريكي، يحمل عنوان “توسع العلاقات الصينية مع إفريقيا، وانعكاساته على الأمن القومي للولايات المتحدة”.

ورصد التقرير القلق من ظهور دور سياسي/عسكري صيني يعوق أدوار الجيش الأمريكي في القارة.

ومن مشاركة الجيش الشعبي الصيني (PLA) في عمليات حفظ السلام في القارة الإفريقية.

ومن توافد مليون مواطن صيني إلى إفريقيا.

وهنا يخلُص التقرير إلى أن الوجود المتنامي للصين في القارة يهدد “الأمن القومي الأمريكي”، الذي يحتاج إلى أنظمة حكم رشيدة ونمو اقتصادي وانتصار على جماعات التطرف والإرهاب، وإلى تحسين حقوق الإنسان.

يزعم الأمريكيون أن الوجود الصيني يعوق كل هذا، حسب ما ذهب التقرير.

في السطور التالية نستعرض مخاوف أمريكية أخرى من تفوق الصين وتمددها في الصناعات العسكرية والتكنولوجية بشكل عام.

حرب التكنولوجيامؤشرات التراجع الأمريكي عن القمة تبدأ من تفوق الصين في تقنيات المستقبل والأسلحة الحديثة

اختار هذا الرجل أن يتحدث مع الرئيس الأمريكي بايدن بصراحة موجعة.

هو جايمي ديمون، المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة جاي بي مورغان تشيس المصرفية العملاقة، التي يبلغ حجم أصولها 3.4 تريليون دولار.

قال ديمون إنه يتوقع انفراجة فورية في الاقتصاد الأمريكي “يمكن أن تستمر حتى عام 2023″، يرى ديمون أن المستقبل يحمل أخباراً سيئة أيضاً.

إليكم أبرز ما كشفه جايمي ديمون:

زعماء الصين يؤمنون بأن الولايات المتحدة في انحدار. أمريكا تخسر أرضاً في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية والتعليم.وشعبها تمزقه السياسة وغياب المساواة العرقية والمساواة في مستويات المعيشة والدخل.ترى الصين الولايات المتحدة بلداً عاجزاً عن تنسيق السياسات الحكومية المالية والنقدية والصناعية والتنظيمية، على نحوٍ متماسك يحقق الأهداف الوطنية.

هكذا جاءت الرؤية القاتمة لواقع أمريكا ومستقبلها القريب في مواجهة الصين، لكن كل العناصر تبدأ من سباق التكنولوجيا، أو ترتبط بتفوق الصين الذي لم يعد يحتاج إلى دليل.

الصين تتقدم نحو المستقبل بكل هذه السرعة

في أواخر عام 2015، شارك قادة الشركات الأمريكية الكبرى في استطلاع لتقييم المنافسة الدولة.

شارك في الاستطلاع كبار المديرين في جوجل ومايكروسوفت وفيسبوك وأمازون، وبلا تردد وضعوا الشركات الصينية في جانب الشركات الألمانية أو الفرنسية في المستوى الثالث.

لكن هذا الحال تغيّر بعد سنتين فقط منذ أن أعلنت الحكومة الصينية خطتها التطويرية الشاملة، فالطموح الصيني الآن هو انتزاع زعامة العالم في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ولعل أوضح مثال على ذلك يتمثل في أن أكبر ثلاث شركات مصنعة للهواتف المحمولة تعتبر آسيوية الجنسية. في المقابل، تسيطر الشركات الأمريكية العملاقة الأربع -جوجل وآبل وفيسبوك وأمازون- على مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات.

والصراع الآن على تقنية الجيل الخامس

أحد أهم النزاعات بين البلدين قضية الأمن في البنية التحتية لشبكة الهاتف المحمول من الجيل الخامس، وهو ما يعتبره أغلب المحللين الاقتصاديين مُحدِّداً أساسياً لمستقبل القرن الواحد والعشرين في التكنولوجيا.

الولايات المتحدة الأمريكية ترفض مشاركة شركة هواوي الصينية في بناء شبكات الجيل الخامس، لاتهامها بالقرب من قيادة الدولة والحزب في بكين. 

تكنولوجيا الجيل الخامس 5G توفر سرعة استجابة للإنترنت أكبر بكثير من تقنية الجيل الرابع، وتحتاج إليها المعدات الطبية، والمعدات الأكثر تطوراً في تصنيع الطائرات ومنظومات الصواريخ والرادارات المتطورة والسيارات بلا سائق.

العنصر الأهم من حسابات المكسب والخسارة المالية، هو الكنز المعلوماتي المتمثل في قاعدة البيانات التي يمكن أن تقع في قبضة من يسيطر على هذه الشبكات التي تؤمّن وتراقب وصول المعلومات.

وقد يتعلق الأمر بأسرار الدول.. فمن يعرفك جيداً ويدرك تفاصيلك سيكون الأقدر على السيطرة على اختياراتك والتحكم بها. وهو ما أشار إليه ترامب وهو يتهم هواوي بأنها من ضمن شركات الاتصال التي تستخدم تقنيات تجسّس لصالح الحكومة الصينية.

بحصة بلغت 47% في مجال هواتف الجيل الخامس، تتصدر هواوي القائمة في ذلك المجال البكر والأكثر تقدماً، إضافة إلى التفوق الذي أثار حنق الأمريكيين في مجال شبكات الجيل الخامس.

وعلى نطاق أوسع تستمر الصين في قطع أشواط مبهرة في تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

الصين تسجل السبق في بعض الصناعات العسكرية

لا تتوقف الصين عن بناء أنظمة أسلحة متطورة، أحياناً باستخدام تكنولوجيا أمريكية، قادرة على استهداف في يوم من الأيام حاملات الطائرات الأمريكية أو تايوان، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة Washington Post.

يضيف التقرير أن تطوير الصواريخ الصينية بتقنيات “فوق صوتية” يتم في منشأة عسكرية سرية في جنوب غرب الصين، ويعمل الكمبيوتر الضخم المستعمل في صناعة الأسلحة برقائق صغيرة، صممتها شركة صينية تدعى “فيتيوم تكنولوجي” توظف برامج أمريكية.

وهذه التقنيات فوق الصوتية الناشئة يمكن أن تتيح للصواريخ الانطلاق بسرعة تتجاوز سرعة الصوت بخمسة أضعاف، وبالتالي قد تتيح الإفلات من أنظمة التصدي الدفاعية.

ومنذ سنوات بعيدة تعمل الصين على تطوير صناعة الأسلحة، بإنتاج مقاتلات حديثة، بعضها ثمرة تعديلات لأنواع شهيرة مثل “ميغ- 21” الاعتراضية سوفييتية الصنع، كما وصلت إلى مستويات خيالية في تصنيع المسيّرات العسكرية، وأجهزة الرؤية الليلية، وغيرها.

الطبق الصيني الطائر

كشفت الصين في 2019 عن طائرة مروحية هجومية تجريبية “خفية”.

تصل سرعتها إلى 644 كيلومتراً في الساعة.يمكنها أن تحلق على ارتفاع 6 آلاف متر.مزودة بنظام صاروخي وترسانة تسليح تكنولوجية متطورة للغاية.

وفي صيف 2021 قالت صحيفة The Times البريطانية، إن الصين تقترب من ثورة في صناعة الأسلحة.

نجح علماء الجيش الصيني في تطوير أكثر أنفاق الرياح تقدماً في العالم، مع قدرةٍ على محاكاة سرعة الصوت بـ30 ضعفاً، ليمنح بذلك بكين الأفضلية في سباق الأسلحة فرط الصوتية.

النفق يستطيع محاكاة سرعات تصل إلى 37 ألف كم/ساعة، متفوقةً بفارقٍ كبير عن منافسيها في الولايات المتحدة.

بينما قدّر باحثون للصحيفة أنّ هذا الإنجاز سيجعل الصين متقدمةً على الغرب بـ20 أو 30 سنة.

الآن باتت الصين، التي كانت قبل عشرة أعوام تعتمد على استيراد الأسلحة، تحتل المركز الثاني على قائمة الدول المنتجة للأسلحة، بعد الولايات المتحدة ومتقدمة على روسيا.

اتهامات بسرقات الملكية الفكرية الأمريكية

قبل ثلاثة عقود شرعت شركات أمريكية في نقل إنتاجها إلى الصين لتحظى بميزة انخفاض تكاليف الإنتاج، ولكن كان على هذه الشركات دفع ثمن باهظ نظير الانتقال للصين: “فقد أجبرتهم الصين على نقل التكنولوجيا معهم، وحقوق ملكيتهم الفكرية أيضاً”.

هناك شركات لم تنتقل للصين، تزعم أن الصينيين قد حاولوا التسلل لأسرارها التجارية. وأمام القضاء الأمريكي قائمة طويلة من الاتهامات ضد أفراد صينين وشركات للتجسس والقرصنة الإلكترونية.

وتزعم الحكومة الأمريكية أن الحجم الإجمالي للملكية الفكرية التي سرقتها الصين خلال السنوات الأربع بين 2013 و2017 تصل إلى 1.2 تريليون دولار. وبحسب متخصصين يبرز هذا الملف بين الأسباب الأكثر أهمية للتوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين.

حروب التجسس على أمريكا.. هل هي من اتجاه واحد؟

يفتح مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI تحقيقاً جديداً لمكافحة التجسس، مرتبطاً بالصين، كل 10 ساعات.

ويوجد حالياً نحو 2000 قضية نشطة، معظم هذه القضايا يرتبط بالتجسس الاقتصادي، الذي شهد زيادة بنسبة 1300% في السنوات القليلة الماضية.

والعمليات الاستخباراتية الصينية متنوعة ومتعددة المستويات، وتشمل كل الأدوات والقطاعات المتاحة. 

ويمثل التجسس الصيني على أمريكا وسيلة بكين الرئيسية لمنافسة واشنطن وصولاً إلى هدفها للتفوق عليها.

في وقتٍ سابق من عام 2021، أعلنت أفريل هاينز، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، في الكونغرس، أنَّ بكين أصبحت أولوية لا تُضاهى بالنسبة لوكالات الاستخبارات الأمريكية.

تشكل هذه العمليات الاستخباراتية خطراً شديداً على الأمن القومي والرخاء الاقتصادي الأمريكيين. وقال مسؤولون في مركز الأمن ومكافحة التجسس الأمريكي، إن التجسس الصيني يكلف بين 200 إلى 600 مليار دولار سنوياً من الملكية الفكرية المسروقة.

التهديد النووي الصيني بالتنسيق مع روسيا

يثير صعود القوة النووية الصينية المتسارع، إضافة إلى الأنظمة النووية الروسية الجديدة “المدهشة”، قلقاً كبيراً في الولايات المتحدة الأمريكية.

وبالرغم من أن ترسانة الصين النووية أصغر من ترسانة أمريكا أو روسيا، لكنها تزداد تقدماً وبسرعة كبيرة.

الصينيون في طريقهم نحو نشر قوة نووية مُوسَّعة جداً. 

يمكنهم نشر ما يصل إلى 250 صاروخاً مزوداً بعشرة رؤوس حربية، وهو حشد أكبر بكثير مما حذَّرت منه أجهزة الاستخبارات الأمريكية في وقتٍ سابق من 2021.

كل هذه التطورات بالغة الأهمية أيضاً للردع التقليدي. 

أحد بواعث القلق الرئيسية للجيش الأمريكي هو كيفية الحفاظ على الحاجز بين الصراع التقليدي والنووي.

لدى الولايات المتحدة خصمان ناشئان يُعدَّان ندّين لها من الناحية التقليدية، هما روسيا والصين. 

وكلا البلدين يملك سلاحاً نووياً.

المواجهة العسكريةالصين تسير بخطى ثابتة نحو مركز “القوة العظمى” وتايوان قد تكون امتحاناً للقوة أمام الجيش الأمريكي

مع نهايات تسعينيات القرن العشرين أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن الصين بدأت تتمدد في الفراغ الذي تركته في القارة الإفريقية جنوب الصحراء.

وبعد الانهيار المالي في عام 2008، تحوَّلَت بكين إلى بناء أسسٍ لنظامٍ صيني داخل آسيا. اتَّضَحَ ذلك بصورةٍ أفضل من قِبَلِ الرئيس الصيني آنذاك، هو جينتاو، في مؤتمر السفراء الحادي عشر للصين في العام 2009. 

أعلن جينتاو أنه كان هناك “تغييرٌ كبير في ميزان القوى الدولية”، وأنه يتعيَّن على الصين الآن “إنجاز شيءٍ ما بنشاط”. 

ويرى متخصصون أن ما نعيشه هو “عصر تغييراتٍ كبرى لم نشهدها منذ قرون”. تزامَنَ ذلك مع انتخاب دونالد ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، وهو ما يرمز إلى تفكُّك المحرِّك السياسي في الغرب.

وتربعت الصين بالتدريج على عرش التفوق العسكري للكوكب.

واستعدت في السر ليوم مواجهة مرتقب قد تضطر إليه.

مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة.

درست الصين بشكل مكثف الطريقة الأمريكية للحرب في خلال عاصفة الصحراء، التي هزم فيها الجيش الأمريكي نظيره العراقي في أوائل التسعينيات.

ومنذ ذلك الوقت قامت الصين بتطوير قدراتها العسكرية بعد، أن رأت الهزيمة الكبيرة التي تلقاها الجيش العراقي الذي كان متخماً بالأسلحة السوفييتية، التي كانت تمثل دوماً النموذج الذي يقلده الصينيون.

بدأ في ذلك الوقت التحول المستمر للجيش الصيني الذي استمر لعقود طويلة، وتضمن تغييراً لكيفية تنظيم القتال، والعقيدة العسكرية، وتحديثاً دراماتيكياً لأسلحة الحرب، حسب مقال لمجلة The National Interest الأمريكية كتبه دانييل ديفيس الزميل الأول في أولويات الدفاع.

وكلها مصممة بصراحة لهزيمة هجوم أمريكي على الصين.

هكذا بدأ “التسخين” بعيداً عن ساحات المعارك المحتملة.

لكن الجميع يرشحون تايوان لاستضافة المواجهة الرهيبة بين الصين وأمريكا، أو على الأقل ضرباتها الأولى.

هل تغزو الصين تايوان خلال السنوات القادمة؟ 

بات هذا السؤال يتردد في الأوساط الغربية واليابانية بشكل كبير، في ظل تزايد أسباب التوتر التي تدفع لهذا الاحتمال داخل الصين وتايوان على حد سواء.

الأدميرال فيليب ديفيدسون، الضابط العسكري الأعلى في واشنطن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لديه إجابة حاسمة: نعم، سيحدث هذا في غضون السنوات الست المقبلة، مع تسريع بكين لتحركاتها لتحل محل القوة العسكرية الأمريكية في آسيا، حسبما نقلت عنه The Guardian البريطانية.

تُعتَبَر تايوان، محور نظام التحالف الأمريكي في جنوب شرق آسيا، أكبر جزيرةٍ في “سلسلة الجزر الأولى”، وهي مجموعة الجزر الملتفَّة حول الصين. 

إنها الهدف التالي للصين.

وما مِن أحدٍ يعرف ما إذا كان الغرب مستعداً للقتال لإنقاذ تايوان من مخالب الصين، أم يكتفي ساعة الخطر بالإدانة والعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية.

في تايوان الآن وحدات عسكرية أمريكية لتدريب الجيش التايواني ضد أي هجوم صيني على الجارة “الصغيرة المشاغبة”.

التدريبات جزء من الجهود المبذولة لتعزيز دفاعات الجزيرة مع تزايد القلق بشأن تصاعد غزوها من الصين، كما كشفت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.

في واشنطن يعتقد المسؤولون أن تعميق العلاقات بين الوحدات العسكرية الأمريكية والتايوانية أفضل من مجرد بيع المعدات العسكرية التايوانية.

ويعربون عن قلقهم بشأن إرسال الصين “رقماً قياسياً” من طلعات الطائرات الحربية فوق منطقة الدفاع الجوي التايوانية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولا أحد ينسى رؤية بكين لتايوان على أنها جزء من الصين. 

ولا تعهدات بكين مراراً بالسيطرة على الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر.

ها هو النسر الأمريكي يحلق باحثاً عن عدو جديد

قد لا تكون الصين بالخطورة التي تحاول إدارة “ترامب” تصويرها للعالم.

وقد يكون من الخطر استمرار نهج الإدارة الأمريكية في التعامل مع الصين بعدائية، لا بد أن تنعكس سلباً على العلاقات بين البلدين على مستقبل العالم أجمع.

هذه الفكرة هي خلاصة دراسة بعنوان “هل تخلق الولايات المتحدة حرباً باردة مع الصين؟”، نشرتها مجلة Horizons، بعدد شتاء 2019.

الباحث هو جيفري ساكس، أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا والمستشار بالأمم المتحدة، وهو يرى أن الصين كانت تاريخياً حليفاً للولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد الانتصار الشيوعي بقيادة “ماو تسي تونغ” بدأت تتحول إلى خصم للأمريكيين، وهو ما تجلّى بوضوح خلال خمسينيات القرن الماضي في الحرب الكورية، ومن ثَم بات يُنظر إليها كدولة معادية من جانب صانعي السياسة الأمريكية.

وبعد الإصلاحات الاقتصادية الصينية في عام 1978 بقيادة “دنغ شياو بينغ”، الذي تولى قيادة الحزب الشيوعي الصيني وتبنى أفكار اقتصاد السوق حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي، كان يُنظر لبكين من جانب السياسيين ورجال الأعمال وحتى الجمهور الأمريكي باعتبارها شريكاً تجارياً جديداً ومهماً.

بيد أن الأمور قد اختلفت في الوقت الحالي بشكل كبير، حيث عادت النظرة إلى الصين باعتبارها عدواً خطيراً.

هذا العداء الأمريكي يرجع في نظر الباحث إلى ما يصفه بأنه “جنون العظمة” الأمريكي، القائم على خلق الأعداء عبر المبالغة في الحديث عن الأخطار التي قد لا يكون لها وجود بالأساس.

عاش المواطن الأمريكي عقوداً على “حواديت” الوحش السوفييتي الذي يريد أن يسرق روح الحلم الأمريكي، ويدمر الحضارة الغربية لكي تنتصر الطبقة العاملة على جثة الجميع.

ثم دخل المواطن الأمريكي طاحونة الحرب على الإرهاب، في فيلم درامي على الهواء مباشرة، من كهوف تورا بورا في أفغانستان، إلى إسقاط تمثال صدام في بغداد.

النسر الأمريكي الذي غادر أفغانستان في لقطة النهاية لفيلم الحرب على الإرهاب لن يكفَّ عن الطيران.

يحتاج لإعلان الحرب على فريسة تُرضي غرور مواطنيه، وتهدهد مخاوفهم، حتى لو كان مُبالغاً فيها.

استجاب ترامب لغواية خلق أعداء لأمريكا، واستعمل لهجة خشنة تجاه الصين وإيران، وبالغ في عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، لم تُغير كثيراً على أرض الواقع.

وعندما يصل الأمر إلى الإضرار بالمصالح ترتفع قليلاً درجة حرارة الصراع، وتهدد بالأسوأ.

وهكذا لم تعد حرباً باردة

وصف العلاقة بين القوتين الأكبر “بالحرب الباردة” يبدو مناسباً لما جرى، لكن هل يبقى مناسباً لما سيحدث في المستقبل القريب؟

في الحرب الباردة الأصلية، كان الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه معزولين إلى حد كبير عن الاقتصاد العالمي، وخاضعين لقيود اقتصادية مشددة. 

ولكن الصين أصبحت الدعامة الرئيسية للاقتصاد العالمي، علاوة على أن اقتصادها مندمج إلى حد كبير مع الاقتصاد الأمريكي.

الحرب الباردة بين السوفييت والغرب اعتمدت تكنولوجيا التسلح وسباق الفضاء ساحة للتنافس، والسباق الصيني الأمريكي الآن يدور على أشده في مجال التقنيات الحيوية، مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية 5 جي.

إبان الحرب الباردة، كان العالم منقسماً إلى معسكرين ثابتين إضافة إلى كتلة عدم الانحياز.

ولكن الصين ليست الاتحاد السوفييتي.

أي أقوى بكثير.

على سبيل المثال لم يبلغ الناتج المحلي الإجمالي السوفييتي في ذروته إلا 40% من نظيره الأمريكي. 

والصين ستتساوى مع الولايات المتحدة خلال هذا العقد.

وتعد الصين أقوى منافس تواجهه الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر، ولذا فإن العلاقة بين البلدين يجب أن تدار بحكمة وربما لعدة عقود قادمة.

وهذه المنافسة تهيمن على زمننا الراهن، ويجب علينا التخلي عن الكليشيهات والمقاربات التاريخية الكاذبة في توصيفها. 

هذه ليست “الحرب الباردة الثانية”، وإنما أخطر من ذلك بكثير.

شدّوا أحزمتكم!

الرحلة كثيرة المطبات، وما نحن إلا في بدايتها.