“كوفيد-19” يتربع على عرش ويلات وآلام السكان في اليمن
بقلم: هالة كودماني
(صحيفة” لا ليبراسيون” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)
يفتقر البلد الذي أضعفه بالفعل تسع سنوات من الحرب التي تسببت في انتشار المجاعة وتشريد ونزوح السكان وتفشي العديد من الأمراض الخطيرة, إلى الاختبارات والمعدات الوقائية والمعلومات المتعلقة بالفيروس التاجي.
دقت المنظمات الدولية نواقيس الخطر واحدا تلو الآخر, حيث قالت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس التاجي ينتشر دون أن يتم اكتشافه بين أوساط السكان, في حين قال جان نيكولا بوزي ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في العاصمة صنعاء أن عدد الحالات المشتبه فيها في تزايد مستمر, بينما لخصت كارولين سيغان، منسقة برنامج منظمة أطباء بلا حدود في اليمن, الوضع الحاصل في هذا الجزء من العالم, إذ أشارت إلى أن الكارثة قد حلت بالفعل وقد أطبقت خناقها على البلد, فاللحظة المروعة وصلت بالفعل -الفيروس التاجي- إلى البلد الذي دمره الحرب والفقر وسوء التغذية والأمراض الخطيرة الأخرى.
لا يمكن قياس الانتشار الواسع للوباء بالأرقام, لأنها تكاد تكون معدومة أو تم التقليل من شأنها بشكل مثير للسخرية في اليمن المقسمة بسبب الحرب الأهلية الدائرة فيها.
وفي حين سجلت الحكومة المعترف بها دولياً والمدعومة من قبل المملكة العربية السعودية في جنوب البلد, رسمياً 128 حالة تلوث, بينما سجلت 20 حالة وفاة، فإن سلطات الحوثيين في صنعاء، التي تسيطر على المناطق الشمالية في حالة إنكار تام للمرض وتطارد كل من يتحدث عن المرض, أضف إلى ذلك وجود عدداً محدوداً جداً من الاختبارات وعدم وجود أي معلومات أو إجراءات وقائية, وهذا يبقي السكان في الظلام حول الأعراض.
بيد أن عدد الوفيات الذي ارتفع خلال الأيام الأخيرة وزيادة عدد المرضى في المراكز الصحية الفاشلة هما أساس هذه النتيجة المقلقة.
ففي مدينة عدن وحدها التي تضم قرابة مليون نسمة, تعتبر المقابر هي المؤشر الرئيسي للفاشية في اليمن, حيث تم تسجيل ما يقرب من 500 حالة وفاة في غضون أسبوع واحد, جميعها تحمل بصمات كوفيد -19.
بثت قناة “سكاي نيوز” الإخبارية البريطانية صوراً التقطها مصورون محليون في أحدى المقابر في عدن, حيث يحفر عشرات الرجال لحوداً في الأرض بأيديهم العارية لدفن العديد من الجثث التي تُحمل على أكتاف عشرات من السكان.
ومن جانبها, تؤكد كارولين سيغان من منظمة أطباء بلا حدود قائلةً: “ليس لدينا أي فكرة عن المنحنى الوبائي, و شعارنا هو “نحن نفعل ما في وسعنا!”.
أنشأت المنظمة غير الحكومية، التي كانت موجودة لعدة سنوات في اليمن، في الآونة الأخيرة في عدن المركز الوحيد المتخصص لمكافحة الفيروس التاجي في البلد, حيث أشارت إلى أن من بين 60 مريضاً تم إدخالهم خلال الأيام القليلة الماضية، توفي منهم 20 مريضاً.
الغالبية العظمى من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاما”, وصحيح أنه في مقاييس العمر المتوقع في اليمن، ربما يكون هذا يعادل الفئة العمرية من 70 إلى 90 سنة في فرنسا, لكننا حزننا أيضاً على وفاة أعضاء من فرقنا، بمن فيهم طبيب أطفال وطبيب أسنان في عدن.
تثير العوامل المتفاقمة جراء جائحة الفيروس التاجي في اليمن مخاوف من حدوث دمار في المستقبل, حيث وقد تم إضافة فيروس كورونا إلى قائمة الأمراض الخطيرة الأخرى الموجودة والمتواترة على هذا البلد: الكوليرا وحمى الضنك والحصبة.
كما يسلط ممثل المفوضية جان نيكولا بوزي الضوء على الوضع الغذائي في اليمن, حيث قال أن مناعة السكان تكون منخفضة جداً عندما يتم تناول وجبة واحدة في اليوم ولا يتم تطعيم الأطفال باللقاحات اللازمة.
خطر القات:
وبالإضافة إلى ذلك، تستمر الحرب على الرغم من الوضع الصحي المأساوي, وقد أدت المواجهة المستمرة منذ العام 2014, بين الحكومة المدعومة من التحالف العربي بقيادة الرياض في الجنوب والجماعة الحوثية الموالية لإيران في الشمال في الأسابيع الأخيرة, والصراع الدائر بين الانفصاليين الجنوبيين والقوات الحكومية الموالية للحكومة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي إلى تقسيم معسكر التحالف السعودي الإماراتي, حيث شهدت مدينة عدن معارك عنيفة في الأيام الأخيرة بين الإخوة الأعداء.
يجب عدم إغفال الذكر عن أحدى الممارسات اليمنية الشائعة التي تساهم في انتشار الفيروس: القات, حيث أن الغالبية العظمى من الرجال في اليمن يمضغون هذه النبتة في جلسات يومية جماعية, إذ يجلسون على الأرض دون مراعاة لمبدأ التباعد ويبصقون ما تبقى من تلك الأوراق في وعاء مشترك.
وخاصة أن القات، مثل الأمفيتامينات الأخرى، يسبب ارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من إضعاف أولئك الذين يصابون بالفيروس, وبالتالي فأن هذه العادة تعتبر بمثابة وصفة سريعة للتلوث في ظل هذا المشهد الكارثي في اليمن الذي يصارع كوفيد-19.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.