السياســـية : تقرير || صادق سريع*

هكذا تتفق سرديات وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية على أن الدور الوظيفي للاحتلال الإماراتي، باحتلال ما يسمى مليشيا الانتقالي لمحافظتي حضرموت والمهرة، الهدف منه تفكيك الجغرافيا اليمنية وتوسيع خارطة النفوذ السياسية والبحرية لتقاسم ثروات النفط والغاز والمعادن في اليمن بين دول العدوان والاحتلال الإقليمية والعالمية.

ويؤكد موقع "مالتي بولارا" أن سعي الإمارات لاحتلال المحافظتين باستخدام مليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي، وسط تواطؤ الاحتلال السعودي وما تسمى الشرعية الموالية له، يصب في مصلحة الولايات المتحدة و"إسرائيل".

ويرى أن سيناريو الاحتلال لمحافظتي حضرموت والمهرة اليمنيتين تم وفق خطة أمريكية ومباركة "إسرائيل"، على الرغم من امتعاض حليفتها الرياض مع محاولة الأخيرة الإمساك بالعصا من المنتصف.

ويعتبر خبراء الموقع أن أنظمة تحالف العدوان الأمريكي والسعودي والإماراتي و'الإسرائيلي' في اليمن، في الأحداث الأخيرة، اثبتت مشاركتها الفعلية في تنفيذ المخططات التأمرية لتفكيك اليمن وتقسيمه إلى شمال وجنوب.

صراع النفوذ والثروات

بدوره، أشاد معهد "الأمن القومي 'الإسرائيلي' INSS" بدور ما يسمى مليشيا المجلس الانتقالي، الذي يتبع إدارة حكيمة في أبوظبي - حسب اعتقاده، بقدرته على إرباك خارطة النفوذ في جنوب اليمن كوكيل مسلح لخدمة الأنظمة الإقليمية.

في حين اعتبرت صحيفة "هآرتس" العِبرية ما جرى في حضرموت والمهرة بأنها ليست مجرد صراع سياسي داخلي، بل تنافس بين دولتين خليجيتين حليفتين للمشروع الأمريكي - 'الإسرائيلي' الذي يتبنى العدوان على اليمن لتوسيع خارطة النفوذ وتقاسم الثروات في المحافظتين الغنيتين بالنفط والغاز والمعادن.

وقالت: "ما يثير للسخرية أن رجلاً مثل المرتزق عيدروس الزبيدي، الذي يجاهر بالانفصال لتفكيك ما تسمى الحكومة الموالية لتحالف العدوان، يشغل منصب نائب المرتزق العليمي فيما يسمى مجلس القيادة (الثمانية) المشكل من فصائل متناقضة بل ومتصارعة".

وأضافت: "الإمارات والسعودية ومن ورائهما أمريكا و'إسرائيل' يدفعون باليمن نحو الهاوية وأزمة إنسانية واقتصادية كارثية، بل يفككون السلم الاجتماعي اليمني بخلق النعرات الطائفية والمناطقية ليكون يمنًا ضعيفًا ومقسّمًا يمنحهم أكبر موطئ قدم فيه".

بدوره، رأى موقع "كونڤرزيشن" الأكاديمي الدولي أن اليمن تحوّل إلى ساحة صراع عسكري مشتعلة بين مشروعين خليجيين دخلا باسم تحالف لإعادة ما تسمى الشرعية، بينما أصبحا يحتلان أجزاءً من اليمن.

وأكد أن سلطة الاحتلال السعودي، التي تدعي أنها تحكم السيطرة على خيوط اللعبة في اليمن، وجدت نفسها أمام أمر واقع فرضه الاحتلال الإماراتي عبر استخدام مليشيا المجلس الانتقالي.

السيناريو الخطير في اليمن

ويعتبر موقع "إستونيا" الأوروبي أن سيناريو فك الارتباط في جنوب اليمن، الذي تنفذه مليشيا الاحتلال السعودي والإماراتي، هو الأخطر الذي سيحقق لواشنطن ولندن ويافا المحتلة أهدافًا جيوسياسية ومصالح اقتصادية ونفوذًا عسكريًا بالسيطرة على موارد إنتاج الطاقة في جنوب اليمن، بالإضافة إلى إنشاء قواعد عسكرية إستراتيجية مثل تلك الموجودة في جيبوتي.

وأكد الموقع أن المستفيد المباشر من إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية في اليمن هي "إسرائيل"، التي تعتقد أن ذلك يضعف قوات صنعاء وأي جبهة معادية لها بالمنطقة، فيما تعتبر مليشيا الانتقالي أداة إماراتية حليفة لها.

من وجهة نظر خبراء إستونيا، فإن التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة تعكس توجهات براغماتية غربية في إدارة أزمة اليمن، تقوم على توسيع دائرة الصراع بدلًا عن تقليصه وحسمه، عبر إنتاج أزمات سياسية جديدة ومعقدة لإعادة رسم خارطة النفوذ الإقليمي والدولي على الجغرافيا.

.. واللحظة الأخطر

بدورها، وصفت صحيفة "رأي عُمان" ما يجري في حضرموت والمهرة باللحظة الأخطر التي يمر بها اليمن في تاريخه بصراع نفوذ داخلي يفتح الباب أمام خطر التقسيم، بدءًا من الشرق الذي ظل لعقد كامل بمنأى عن الحرب.

وأشارت إلى ضرورة عدم تحويل حضرموت والمهرة إلى ساحة تنافس نفوذ إقليمي عبر وكلاء محليين أو إلى أوراق ضغط للمساومة المؤقتة، مؤكدة أن قوى الاحتلال قادرة على كبح أي تمددات أحادية ودفع الأطراف نحو ترتيبات أمنية تحمي المجتمعات المحلية وتبقى تحت مظلة الدولة اليمنية، لا تحت مظلة الأمر الواقع.

وأكدت صحيفة "المونيتور" الأمريكية أن الفراغ في السلطة بالمناطق الجنوبية والشرقية المحتلة قد يدفع صنعاء لاستئناف حملتها العسكرية، ما سيربك حسابات أنظمة الاحتلال الإقليمية والدولية في جنوب اليمن المحتل.

الإمارات في خدمة أمريكا و"إسرائيل"

وهنا يشير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني إلى أن سلطة الاحتلال الإماراتي تستخدم مليشياتها في جنوب اليمن والمرتزقة الأجانب سيئة السمعة، بالوكالة عن دول الغرب، لفرض واقع جديد في محافظتي حضرموت والمهرة المحتلتين لخدمة المصالح الأمريكية 'الإسرائيلية' والسيطرة على الثروات والممرات البحرية الحيوية في اليمن.

وأكد أن بناء جيش الاحتلال الإماراتي القواعد العسكرية بالجزر اليمنية في جزر سقطرى وميون يمنحه وحلفاءه في الجيش الإسرائيلي والأمريكي قدرات متقدمة بمراقبة أهم ممر مائي إستراتيجي في المنطقة والعالم، وهو مضيق باب المندب.

وأعتبر مهمة أبوظبي في جنوب اليمن في إطار الدور الوظيفيّ بإدارة السيطرة والنفوذ للمليشيات المحلية والمرتزقة، في حين تتحكم واشنطن ويافا بالقرار الإستراتيجي وفق أولويات مخططة مسبقًا للسيطرة الفعلية على الموارد الطبيعية.

وكانت مليشيا ما يُسمّى المجلس الانتقالي الجنوبي قد سيطرت، في 3 ديسمبر الجاري، على محافظتي حضرموت والمهرة الغنيتين بالنفط والغاز، باحتلال عسكري باسم عملية "المستقبل الواعد لتحرير الجنوب"، وسط صمت وتواطؤ ما تُسمّى الشرعية ونظام العدوان والاحتلال السعودي، وما تسمى الجامعة العربية والأمم المتحدة.

الخلاصة: إن أفعال الاحتلال الإماراتي عبر مليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي في جنوب اليمن تهدف إلى انتهاك سيادة اليمن وتفكيكه، وتهديد استقراره، وأمنه، ونهب ثرواته وتقويض سلطة الدولة اليمنية الموحدة، ما يجعل اليمن ساحة للتدخلات ونفوذ قوى الاستعمار الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي ووكلائها سلطات الاحتلال السعودي الإماراتي التي تتفقا على أن لا يكون لليمن موحداً بجيش قوي.