السياسية بمناسبة اليوم العالمي للطفلة تعرض مشاهد يومية من حياة الطفولة في اليمن
السياسية – خاص:
يصادف اليوم الجمعة (11 أكتوبر) اليوم العالمي للطفلة ، الذي أعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 ديسمبر 2011 باعتباره اليوم الدولي للطفلة،
و يهدف اليوم الدولي للطفلة إلى تركيز الاهتمام على الحاجة إلى التصدي للتحديات التي تواجهها الفتيات وتعزيز تمكين الفتيات وإحقاق حقوق الإنسان المكفولة لهن. السياسية الإلكترونية الصادرة عن وكالة الانباء اليمنية سبأ بمناسبة هذا اليوم تعرض مشاهد يومية من حياة الطفلة اليمنية والتي تشق حياتها بكل معاني الإصرار والصمود والمثابرة في ظل معاناة طاغية فرضتها أوضاع الحرب والعدوان والحصار، فإلي المشاهد:
بثينة الريمي ..أيقونة الصمود
ربما بثينة الريمي هي الطفلة التي فتحت أعين العالم على ما يتعرض له اليمن من قصف وعدوان أستهدف كل شيء بالقتل والدمار.
في حديث لها لوسائل الاعلام، قالت بثينة “كنت مع أمي في الغرفة ومع أبي وإخوتي وعمي، ضرب الصاروخ الأول، فذهب أبي لكي يأتي لنا بالسكر حتى يساعدنا على تخطي الصدمة، لكن الصاروخ الثاني ضرب، وبعده الثالث، ودمّر البيت”.
تقول بثينة في حوار لها مع وكالة الانباء الفرنسية : “أريد لهذه الحرب أن تتوقف وأن نعيش بسلام …وأن يعيش أطفال اليمن بسلام”، وتضيف “أريد ان أذهب إلى المدرسة لأصبح طبيبة”.
نجت بثينة الريمي من ضربة جوية قاتلة على المنزل التي تسكنه في حي فج عطان في العاصمة صنعاء، والتي قضت على كل أفراد عائلتها.
كانت صورة الطفلة بثينة وهي ترفع أصابع يدها محاولة فتح عينها التي سلمت لها بعد ان قتلت طائرات العدوان كل شيء تملكه قد أثار ت مشاعر الملايين من الناس في العالم .
ومنذ بدء العدوان العسكري على اليمن في 26 مارس في عام 2015، أصبح أطفال اليمن عرضة للموت، حيث قتل أكثر من 2200 طفل، بحسب الأمم المتحدة.
هلع منيرة
منيرة طفلة في الخامسة من عمرها، يعتريها الهلع عند سماع الاصوات القوية والانفجارات “القوارح”، ابتداءً من الطرقات والضربات القوية على الابواب والنوافذ، وصوت انفجار الطمش والالعاب النارية، تنتابها نوبات الهلع وتبدأ بالتعرق والارتعاش والتبلد.
تقول والدة الطفلة:” أُصيبت منيرة بنوبات الهلع بعد أن تعرضت صنعاء لهجمات طيران العدوان في 2015 ، مما سبب لها خوف وقلق عندما تسمع أصوات قوية، وتضيف الوالدة:” وفي الليل تعاني منيرة من التبول اللاإرادي والأحلام المفزعة وعدم الاستغراق في النوم، وتتطور حالتها احيانا الى عدم رغبتها في الاكل ومتابعة العابها مع الاطفال الآخرين.
وتشير والدة منيرة إلى ان العائلة قامت بالانتقال الى الريف بعد الضرب الشديد من قبل العدوان على مدينة صنعاء، وهناك زادت معاناة منيرة نتيجة لاختلاف البيئة في الريف عن المدينة ، حيث يكثر إطلاق الرصاص وخصوصاً في الاعراس والمناسبات وبالتالي قررت العائلة العودة الى صنعاء ومحاولة عرضها على طبيب نفسي.
أفراح.. بائعة الكتب الصغيرة
تفترش الرصيف بسطة لها، تنظر إلى المارة بعيون حزينة، لاتزال تلبس زيها المدرسي ؛ فهي الآن عائدة من مدرستها لتتربع على رأس مكانها الصغير والذي تبيع فيه كتيبات صغيرة تتراوح قيمتها ما بين 150 إلى 250ريال، أحيانا يأتي إلى جانبها أمها وأختها الصغيرة؛ فيكون المشهد أكثر مأساوية، مما يدلل على أن بيتها خالي الوفاض من كل شيء، أو أن صاحب البيت طلب الايجار ولم يستطيعوا السداد أو ربما هناك أطفال ينتظرون الحليب ..لا أدري…
يحدث تدفق للخير أن يأتي أحدهم ويشتري تلك الكتيبات بثمن مرتفع وذلك من باب الشفقة وإيصال الإحسان واستجابة لحزن القلب على منظر تلك الفتاة التي يمكن ان تكون في الصف الرابع او الخامس الابتدائي.
تتوزع نظراتها بطول الشارع الكبير الذي تقبع فيه بكتبها، تشاهد الفتيات مع آبائهن وأمهاتهن يقطعون رصيف المارة ذهاباً وعودة، تكسر نفسها الغاضبة لوضعها غير الطبيعي مترجية الأمل بحياة سعيدة يكتبها الله سبحانه وتعالى لها في الايام المقبلة.
رغد وماريا الرسامتان الصغيرتان..
في فصلها، الذي تتفرقه 15 طاولة دراسية، تعكف رغد وفي يدها مشرط صغير تستخدمه؛ لتقطيع الورق الكرتوني، عيناها تتوزع على زملائها في الصف؛ حتى لا يسبقها احد في رفع لوحته الحائطية على جدران الفصل…إنها تقوم الآن بوضع قطعتها الاخيرة على راس الفيل الذي يلتصق مع مجموعة اخرى من رؤوس الحيوانات أليفة في لوحة رغد… لقد اصبح جدار الفصل بفضل أنامل رغد السحرية وكأنه حديقة عامرة للحيوانات.
اما ماريا ؛ فلها طريقة اخرى لرسم الحياة، تتحول طاولتها في صفها الدراسي اثناء دروس وحصص المهارات الحياتية الى ورشة صغيرة، فهي تمتلك هواية فنية جميلة وقدرة فائقة في مجال صناعة الاشغال اليدوية، حيث تستطيع من خلال المواد المتوافرة لها؛ ابتكار تحف وعقود واخراص واقراط ، تُوحي للناظر اليها، بأنه يتجول في معرض كبير للتحف والهدايا …لكن كل شيء يهون في سبيل متعة التنافس ونشوة الانجاز وابراز الموهبة وخفة الاصابع في صناعة الاشياء كيف ما اتفق ومن أي شيء قابل للإبداع.
فهل ثمة من طريق أجمل لممارسة هذه المهارات الجميلة؟ بالنسبة لرغد وماريا، ليس هناك ما هو أجمل.
الطفلة النائمة
لاتدري ماذا تعمل! ولا اين هي!! اُحكم الرباط عليها خصوصاً الايدي والارجل، حتى لا تستطيع تحريكهما، والغريب قوة النوم الذي تستغرق فيه من الصباح وحتى الظهيرة ومن الساعة الثانية ظهراً وحتى المساء، وكأنها في فترات دوام متصلة.
هذه طفلة أصرت والدتها التي تحتضنها في تلك الحالة وإلى جانبهما كرتون فارغ يضع فيه المارة ما جادت به نفسهم من الصدقة.
الام أيضا تظل في وضعية جلوس منعطفة طوال فترتي المكوث…
الطفلة النائمة والتي لا يتجاوز عمرها السنة او السنتين هي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع تلك الاسرة من خلالها جمع مال الصدقة وتستعطف الناس ليرموا ذلك المال في الكراتين الفارغة.
إنتصار الراعية
انتصار في الصف الثاني الابتدائي، لكنها الآن ترعى أغنام ربما يفوق عددها عدد زملائها وزميلاتها في فصلها المدرسي.
تدرس انتصار في مدرسة اساسية من مدارس الريف بمحافظة ذمار، في الصباح تذهب الى المدرسة مع إخوتها ، تغادر المدرسة احيانا بعد الراحة؛ فكثير من الايام لاتدرس إلا ثلاث حصص فقط ؛ نظراً لغياب المدرسين عن المدرسة بحجة عدم وجود رواتب.
تسارع انتصار الزمن من أجل الوصل الى المنزل وتناول صبوحها ، تلحق انتصار جدها الشايب والذي يرعى الاغنام من الصباح وحتى تعود انتصار من المدرسة.
المشاهد لانتصار وهي تقود غنامها الى مرابض العشب والمرعى يلحظ حنانها الطافح عليهن لكي تمتلئ ببطونهن، علاوة على مواردة الماء ومساقاتهن.
أمسكت انتصار العصى وهشت بها على الاغنام، لكي تبدي لهن قوتها القيادية، عندما أخذتهن الحوافر للاعتداء على حقول الذرة والقضب المجاورة لساحات الرعي.
دفتر هلا
لقد اختارت ان يكون الغلاف مميزاً، صورته الاولى لفتاة تحبها، مرحة ، ذكية، نشطة، يحبها كل الناس، أما صورته الثانية فكانت لفتاة تلبس نظارات، شعرها أزرق، تكتب على دفاترها، موزعة انظارها على كل من حولها، إنها مفكرة، الصورة الثالثة المعلقة على الغلاف تبروزت فيها فتاة غاضبة ، مشاكسة، تضرب كل الفتيان، لا تحب الدراسة وتحب اللعب اكثر.
هذه كانت تفضيلات هلا في دفترها أبو اربعين الذي أخذته من بين الدفاتر التي اشتراها والدها عند بداية العام الدراسي الجديد لصفها لثالث الابتدائي.
لم تكتف هلا بصور الثلاث الفتيات على غلاف دفترها العربي، فقد قامت بتوزيع أكثر من عشرين صورة لاصقة لكل ابطال وبطلات مسلسلات الاطفال والانميشن على اوراق دفترها.
وفي إطلالة على دفترها وماذا تكتب فيه، كان القلم الرصاص هو المسيطر على تغطية كل السطور والمساحات البيضاء، أما كلماتها المكتوبة فكبيرة مقعرة وتخرج عن السطر تارة في الاعلى وتارة أخرى في الاسفل، النقاط في احيان كثيرة ترفض مرافقة الكلمات ؛ فتبدو تلك الكلمات منزوعة الاغطية والاربطة.
ويزداد شكل الكلمات اقتراباً من اللغة الصيينة والكتابة المسندية اليمنية القديمة ، إذا كان الواجب كثيفاً.
وفي صفحة واحدة فقط كان الرسم حاضراً، وهو عبارة عن صورة تحتوي على شجرتين واعشاب صغيرة يدخل اليهما أًم وطفلها، تم رسمها بالقلم الرصاص وتلوينها بالالوان الخشبية، واستعانت هلا في رسم تلك الصورة بالمطبعة الناسخة.