السياسية || صباح العواضي*

مضى أكثر من عام على معركة "طوفان الأقصى" والعمليات الإجرامية التي شنها الكيان في قطاع غزة والتي كانت بمثابة عملية انتحار للعدو الصهيوني خصوصا بعد انتصار غزة ومحور المقاومة في معركة كانت الاشرس على مدى سنوات من احتلال الكيان المغتصب للأراضي الفلسطينية وقُدمت خلالها تضحيات كبيرة على طريق القدس.
سبعون عاما وأكثر لم يجرء أحد على مواجهة محور الشر المتمثل في كيان الاحتلال الصهيوني وأمريكا رغم ارتكابها أبشع الجرائم بحق المسلمين في المنطقة العربية والإسلامية ونهب ثرواتها واستغلال أراضيها واستباحتها.
معركة إسناد غزة تغير موازين القوى
خلال هذه المعركة تغيرت موازين القوة لصالح المقاومة الإسلامية ودولها الحرة وعلى رأسها اليمن التي واجهت صلف وعناد هذا "الكيان اللقيط"، لتبرز كلاعب أساسي في هذا الصراع وربما لحظة حاسمة صنعت متغيرا في المعادلات الاستراتيجية من خلال موقعها الجغرافي المتميز فكانت الثمرة التي قطفت خلال عام من الإسناد دافعت فيها عن المستضعفين في غزة وكسرت في الوقت نفسه كبرياء أمريكا والكيان الإسرائيلي الأكثر إجراما في المنطقة.
وحسب مراقبون فقد أصبحت اليمن ضمن المعادلات الجديدة كقوة ولاعب أساسي في الصراع القادم دفاعا عن الشعوب العربية قاطبة، لتدحض معادلة ترسخت في أذهان الأغلبية أن قوى الشر لا يمكن مواجهتها أو حتى مجرد التفكير في مقارعتها.
هذه المرة كانت المواجهة حقيقية بقيادة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظة الله- الذي رسخ في الشعب اليمني معاني العزة والكرامة من خلال خطابه الأسبوعي الذي يقدم من خلاله شرحا مطولا عن معاني مواجهة قوى الاستكبار العالمي، حسب من تضمنه القرآن الكريم فكان من ثمار ذلك وعي مكتمل الأركان وحس بالمسؤولية تجاه مقارعة الظالمين وحب الانتماء لرسول الله صلوات الله عليه وآله والاقتداء به للتحرك من أجل قلب موازين القوى لصالح المؤمنين.
اليمن راهنت على النصر الإلهي وبرزت كقوة صاعدة في المنطقة بعد أن فرضت نفسها في الجغرافيا والبيئة المحيطة بها.
لماذا اليمن قوة لا يستهان بها؟!
اليمن وخلال المعركة التي خاضتها مع أمريكا والكيان الإسرائيلي، اصابت الهدف وجعلت العدو يعاني ويلات الحرب وكبدته خسائر عسكرية واقتصادية وافشلت تحالفات دولية تزعمتها الولايات المتحدة لحماية الكيان الغاصب، ومن يستهين بمعركة الإسناد اليمنية أو التقليل من أهمية الوقوف بجانب أبناء فلسطين، عليه التعلم من تكتيكات وخطط قواتها المسلحة التي انهكت العدو وجعلته يرضخ اخيرا لوقف اطلاق النار، رغم زعمه الانتصار على المقاومة في لبنان وفلسطين أو توغله في سورية عقب تحريك قوى الظلال والظلام لتغطية هزيمته من قبل محور المقاومة، فلكل معركة تضحيات كبيرة، ولولا تلك التضحيات لكان الكيان الصهيوني المحتل اليوم يتوغل في المنطقة العربية بدون رقيب أو حسيب لتحقيق وهم أرض "إسرائيل الكبرى" وكذبة اخترعها مدعيا أنها عقائدية، ولكانت مقدساتنا اليوم في خبر كان بعد سنوات من الضعف والاستكانة والمهادنة وآخرها التطبيع الذي أظهر مدى خضوع بعض الحكام العرب لأمريكا والكيان الإسرائيلي.
ويرى مراقبون أن العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية كان لها دورا كبيرا في الضغط على الكيان الصهيوني لوقف العدوان على غزة وطاولة المفاوضات بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها.
وكما هو معلوم فان المواجهة العسكرية في البحر الأحمر والبحر العربي لها الدور البارز في إفشال الحماية الأمريكية للكيان الصهيوني أمام العالم الذي طالما جعل من حاملات الطائرات الأمريكية بعبع يخاف منه الجميع دون استثناء، لكنها اليمن التي حطمت المعدات الحربية الأمريكية الامر الذي جعل واشنطن وشريكتها في الإجرام في حيرة من أمرها.
اليمن وكما توقعنا قبل عام من خلال التقارير التي نشرناها أنها صانعة القرار الجديد في المنطقة، وفي مواجهة قرارات الصهيونية العالمية التي اجرمت في الأرض وقطعت سبل السلام وشنت الحروب في كل مكان، والصراع مازال مستمر حتى قيام الساعة لكن الأهم أن لا ننسى أن هذا النصر كان ومازال بعون الله المنتصر الذي أيد عباده المؤمنين فأعزهم بنصره وأيدهم بجنود لم تروها وكان النصر وكانت البشرى.
اخيرا نحمد الله على نعمة إسناد الشعب اليمني للمقاومة في فلسطين، ولأن اليمن خاض معركة النصر ولم يقف عاجزا أو متنصل، فيحق لنا أن نفخر بهذا النصر وتقديم التبريكات لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وهي كذلك للقيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى والشعب اليمني.

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب