تصورات الجولة القادمة من طوفان الأقصى
طوفان الأقصى 2.. رؤى عن الجولة المقبلة من الصراع
السياسية || محمد محسن الجوهري*
"إسرائيل" صنيعة الغرب وكل قوى الشر في العالم، بدءًا من أوروبا وحتى الولايات المتحدة، وهي رمز لهيمنة ذلك الشر العالمي وخطر وجودي على البشرية جمعاء، وليس على العرب وحسب. وحتى تتحرر الأمة، فلا بد من كسر ذلك الصنم، وهذه حتمية لا بد من وقوعها، واليهود يعلمون هذه الحقيقة المرعبة، ويعيشون أيامًا عصيبة تحسبًا لحدوثها الوشيك.
وقد رسمت عملية طوفان الأقصى الفرضية الأولى لزوال الكيان، وأعادت للعرب حلم الخلاص من الاحتلال الغربي الجاثم على صدورهم منذ قرون. وكان مقدرًا لتلك العملية تحرير كامل الأراضي الفلسطينية لولا بعض العوامل غير المهمة، كدور الوسيطين المصري والقطري، وتدخلهما لإقناع مجاهدي حماس والجهاد بالتراجع إلى القطاع والاكتفاء باحتجاز الأسرى دون المرابطة في الأراضي المحررة بغلاف غزة ومحيطه.
كما أن مجاهدي غزة اضطروا إلى التكتم على العملية لضمان نجاحها، ولذلك لم تكن جبهات الإسناد حاضرة من اللحظات الأولى، وإلا لكتب لها فرضية أخرى أشد إيلامًا للعدو الصهيوني. وكل ذلك لا يمنع من تلافي تلك الحسابات والعمل على تنفيذها في الجولة الأخرى من الصراع والتي ستكون حاسمة بإذن الله.
حزب الله الذي كان مكبلاً بقيود سياسية وأمنية، أهمها معارضة الوهابية المسيحية لوجوده في البلاد، وكوارث الجاسوسية التي نالت من أشرف رجاله، وحالت دون تدخله بعنفوانه المعهود، كما حدث لاحقًا في 24 نوفمبر، أو الأحد الأسود في "إسرائيل". إذا تكرر هذا اليوم في الجولة القادمة وبالتزامن مع التقدمات الميدانية لمجاهدي غزة، فإن النتائج ستكون كارثية على العدو، وقد تصل طلائع القسام وسرايا القدس إلى مركز ثقل العدو في وسط البلاد، حيث تل أبيب وغوش دان، ولا عاصم حينها من حرب شوارع مميتة ومزمنة، أخطر من تلك التي نفذتها الكتائب في القطاع نفسه.
وقد يصل التصعيد إلى أقصاه عندما تنفذ إيران عمليات الوعد الصادق في اللحظات الأولى للاجتياح، وتنجح في إخراج سلاح الجو الصهيوني من المعركة قبل أن تصل الطلائع المجاهدة إليها وتنال منها كما فعلت بقاعدة "زيكيم" وغيرها في 7 أكتوبر 2023. وهذا السيناريو القاتل لا يغيب دوماً عن عقلية العدو الإسرائيلي ومستوطنيه، وهو السبب الأول لهروعهم إلى الملاجئ على مدى عامٍ ونيف.
ولنا أن نتوقع أن تشتعل الجبهة السورية وتربك حسابات العدو من حيث لا يحتسب، فمن غير البدهي أن تبقى عصابات الدواعش متحكمة في المشهد السوري إلى الأبد، لكن وجودها الحالي يمهد لتغييرات جذرية لم يعهدها اليهود، كتلك التي فاجأتهم في لبنان عشية ظهور حزب الله إلى المواجهة من العدم، بعد أن كان الجيش الصهيوني قد نجح في إقصاء الكتائب الفلسطينية وإخراجها من البلاد، بالتعاون مع الجناح الوهابي المسيحي بقيادة عائلة الجميّل.
أما عن اليمن، فهي جبهة المدد، ومن الصعب توقع مفاجآتها في تلك المعركة كما لم نتوقعها في الجولة الأولى من طوفان الأقصى، ولكنها ستكون موجهة للعدو وتعادل أضعاف أضعاف سابقاتها، خاصة وأن السلاح اليمني في تطور مستمر، وقد تمتلك القوة الصاروخية أسلحة خارقة ومميتة للكيان، وهي خيارات يحسب لها العدو ألف حساب، ويعلم علم اليقين أن اليمن لا يبخل بما يملك، وأن العجز فقط يمنع شعبه وقيادته من مسح إسرائيل من الوجود.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب