السياسية/ تقارير: مرزاح العسل

مع تصاعد المقاومة الفلسطينية ضد كيان العدو الصهيوني وانتظامها بشكل أكبر، وتوسعها جغرافيا، وفي ظل سلوك العدو الإجرامي المتنامي ضد الفلسطينيين، ومع توسع رقعة الأزمات الداخلية له.. باتت مؤشرات زوال الكيان المؤقت تلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى، بل أصبح هذا الأمر هدفاً رئيسياً للمقاومة لا بد من تحقيقه.

وفي هذا السياق يرى مراقبون من خلال التأمل في الأحداث والمحطات الحساسة، التي جرت خلال العقديين السابقين، أن الكثير من المؤشرات تؤكد أن زوال الكيان الغاصب بات قريباً جداً، وربما أسرع مما كان يعتقد أصحاب هذا الهدف أيضاً.

ومن أبرز المؤشرات كما أوردها موقع “الخنادق” الإخباري المختص بمتابعة الشؤون والقضايا الإستراتيجيّة لمنطقة غرب آسيا، لا سيما دول العراق، إيران، سوريا، لبنان، فلسطين، اليمن، السعودية، وتركيا: “فشل كل محاولات هذا الكيان الغاصب ومن خلفه أمريكا ودول المعسكر الغربي، في القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل، من الحروب والاغتيالات والأسر، وصولاً الى كافة أشكال الترغيب المادية”.

ثاني هذه المؤشرات تتمثل في فشل المعسكر الغربي بقيادة أمريكا ومن يتبعها من دول عربية، في الحرب على سوريا بهدف كسر عقدة الوصل الإستراتيجية لمحور المقاومة، رغم إنفاقهم أكثر من اثنين تريليون دولار، واحضارهم لآلاف الإرهابيين من أكثر من 50 دولة في العالم.

وهناك مؤشر آخر وهو فشل المعسكر الأمريكي في مواجهة حزب الله، بكافة أشكال الحروب عسكريةً كانت، أم أمنية، أو سياسية وإعلامية واقتصادية، وعبر مختلف الوكلاء.

كما أن المجتمع الإستيطاني الصهيوني يواجه خطر انقسام حاد داخله، بين ما يعرف بمعسكر العلمانيين ومعسكر اليهود المتدينين، ووصول الاشتباك السياسي بينهما الى حالة تهدّد وجود الكيان الغاصب من الداخل بفعل حرب أهلية.

ومن المؤشرات القوية لزوال الكيان المحتل، هزيمة تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، رغم ما أنفقته دول هذا التحالف وفي مقدمتهم السعودية.

كذلك من أبرز المؤشرات فشل أمريكا في مواجهتها لإيران طوال أكثر من 44 عاماً من كافة أشكال السياسات العدائية، التي تهدف إلى إجهاض ثورتها الإسلامية، التي كان لانتصارها عام 1979 تأثيرات جيوسياسية على المنطقة والعالم، وهذا ما ظهر جلياً في محطات عديدة.

كما فشل المخطط الأمريكي في فنزويلا، ومن بعدها في العديد من دول أمريكا اللاتينية، التي تعدّ الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وعليه فإن الداعم الرئيسي للكيان بات يواجه تحديّات استراتيجية ضده.

ومن المؤشرات أيضاً صعود أقطاب دولية جديدة منافسة لأمريكا، كالصين من خلال الاقتصاد وروسيا من خلال القدرات العسكرية، وفشل كل محاولات واشنطن حتى الآن لاستهدافهما وإضعافهما، لتبقى هي المهيمنة على العالم اقتصاديا وعسكرياً، بل ما حصل هو العكس تماماً، حيث باتت أمريكا مهددة في الكثير من الساحات عسكرياً ومالياً واقتصادياً بفقدانها عامل الهيمنة، بل بات هناك مخاطر داخلية تهدد استقرارها أيضاً.

ويُعد تراجع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، والتي بدأت منذ تحرير العراق عام 2011 بفعل حركات المقاومة وتمظهرت في الآونة الأخيرة بالإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، والذي لم ترضى عنه واشنطن بل وتفاجئت به.. أحد أبرز هذه المؤشرات.

وتقودنا هذه المؤشرات التي تم سردها بالرجوع إلى كلام الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد نصر الله في أحد خطاباته المُتلفزة خلال شهر محرم المنصرم، حيث قال: “(إسرائيل) شهدت أسوأ يوم في تاريخها، وهي على طريق الانهيار والزوال”.

وأضاف: إن كيان الصهاينة كان يُعتبر في السابق قوة إقليمية، لكن بدأ يتدهور إيمانه ووعيه وثقته بنفسه بسبب أزمة الإصلاح القضائي.

وأكد السيد نصر الله أن “إسرائيل” تسير على “طريق الزوال”، بعد أن هزت مظاهرات نشطاء المعارضة، المحتجين على إقرار أول قانون في الإصلاح القضائي.

ويقول الكاتب والخبير في الشؤون الصهيونية عصمت منصور في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”: “نحن مقبلون على عام سيشهد مزيداً من التوتر بسبب الحكومة الصهيونية المتطرفة من جهة، ومن جهة أخرى فإن التشكيلات المسلحة الفلسطينية اكتسبت صلابة وخبرة أكثر، ولديها حاضنة شعبية كبيرة، ما يجعل قدرتها على البقاء أكبر”.

ويضيف: “الأمور ستتصاعد، ولن يكون هناك أفق للتهدئة في الضفة الغربية، ما يجعل وضع السلطة الفلسطينية أكثر ضعفاً، وستكون مبرراتها أضعف لإنهاء المقاومة المسلحة أمام شراسة الاحتلال”.

ويذكر أنه منذ انتصار خيار المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة، أواخر الألفية الثانية، لم تعد عبارة زوال الكيان المؤقت، مجرد حلم أو شعار، بل صارت هدفاً واقعياً يمكن تحقيقه، بشرط الإعداد والاستعداد، ومراكمة الإمكانيات والخبرات.

أما بالنسبة لكيان العدو الصهيوني، فإن الصهاينة يعيشون بوعيهم الجماعي والتاريخي، عُقدة أنه لم تُعمّر لهم دولة أكثر من 80 سنة، بدءاً من “مملكة داوود”، ومروراً بحقبة الحشمونائيم، وبالتالي فإن تجاوز الكيان الحالي للعقد الثامن، سيشكًل مخالفةً لما درجت عليه سنن التاريخ اليهودي.

ويشار إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الحليف الإستراتيجي للكيان الصهيوني تنبأت أيضاً بزوال “إسرائيل”.. مؤكدة أن “انهيارها خلال الـ20 عاماً المقبلة أمر محتوم ولا مفر منه”.

وقالت الوكالة الأمريكية: “إن أكثر من مليوني صهيوني بينهم 500 ألف يحملون البطاقة الخضراء أو جواز سفر سوف يتوجهون إلى أمريكا خلال الأعوام الـ15 المقبلة، وأن حوالي مليون و600 ألف صهيوني يستعدون للعودة إلى أوطانهم في روسيا وأوروبا الشرقية والغرب”.

الجدير ذكره أن ما يجري في المنطقة يبث القلق المصيري لكيان العدو الصهيوني ويدفعه نحو مزيد من التصعيد، ونحو مزيد من الحروب التي من شأنها إذا ما جد الجد لدى الفلسطينيين والعرب أن تعجل في نهاية هذا الكيان الغاصب، فحينما تتزايد نبوءات “زوال إسرائيل”، وتتكامل، فإن المسألة تبقى مسألة وقت، ويمكن للفلسطينيين والعرب أن يعجلوا بهذه النهاية الحتمية لكيان العدو الصهيوني، إن هم تحملوا مسؤولياتهم التاريخية والعروبية والإسلامية.

سبأ