السياسية- متابعات:

وافق وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الأربعاء، على قرار الانسحاب من الضفة اليمنى لنهر الدنيبر في خيرسون، فهل انتهت معركة خيرسون قبل أن تبدأ؟

منذُ أيّام، تم رصد عدة مؤشرات على نية انسحاب القوات الروسية.. منها:

1- تدمير الجسور

2- إزالة الأعلام الروسية من فوق الأبنية الإدارية الرسمية

خبراء مطلعون أشاروا إلى الانسحاب الذي يبدو أنّه بدأ من منطقة تم الدفاع عنها بشراسة حتى اليوم، وهم يعبّرون عن عجزهم في فهم ما يحصل.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه مع تحويل الضفة اليمنى للنهر من المدينة وضواحيها إلى منطقة عمليات عسكرية محرمة على المدنيين، فقدت القوات الأوكرانية إمكانية استخدام العملاء الموالين لها المنتشرين بين السكان المحليين، والذين رفضوا حتى آخر لحظة المغادرة.

القوات الأوكرانية لطالما هددت بهدم سد كاخوفكا وبادرت لقصفه بصاروخ “هايمرس” الأميركي، إلاّ أنّ الدفاعات الجوية الروسية تصدت لهذه المحاولات بنجاح.

لكن بعد انسحاب القوات الروسية من الضفة اليمنى للنهر واستدراج القوات الأوكرانية إليها، ستصبح أوكرانيا بدورها أمام تهديدين. الأوّل هو القصف الروسي المركّز بينما القوات الروسية تطلق النار من مناطق محمية بمباني سكنية مرتفعة باتجاه أرض مكشوفة. أمّا التهديد الآخر للقوات الأوكرانية فهو تدفق مياه السد بسبب أو بآخر، الأمر الذي باتت هي بدورها رهينة احتمال حدوثه، على غرار “من حفر حفرة لأخيه”.

كذلك، يجب الإشارة إلى مسألة بث أخبار حول ضغوطات غربية لإقناع كييف بقبول التفاوض مع موسكو، وموافقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مقابل تخلي القوات الروسية عن خيرسون وتزويد كييف بالطاقة الكهربائية من زاباروجيا، وجملة شروط تعجيزية أخرى.

وفي هذا الصدد، نشرت مواقع قريبة من المؤسسة العسكرية والدفاع الروسية معلومات مسربة من مكتب الرئيس الأوكراني أنّ مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان اقترح على زيلينسكي صيغة تفاوضية مع موسكو لتكون أساساً لاتفاق سلام.

بموجب الاتفاقية، تُعاد منطقة خيرسون للسيطرة الأوكرانية، ويثبت خط الجبهة على طول النهر الدنيبر مروراً بخط التماس الحالي في مقاطعة زاباروجيا وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك. كذلك، يُعاد وصل أوكرانيا بالطاقة الكهربائية التي تنتجها محطة زابوروجيا النووية، كما يُمنع استهداف مرافق البنية التحتية الحيوية بالصواريخ.

وأيضاً، بموجب الاتفاقية، يُقدّم الغرب قروضاً لأوكرانيا بقيمة 50 مليار دولار، إضافةً إلى جزء من الأصول الروسية المجمدة بهدف إعادة الإعمار. و تزود الولايات المتحدة والدول الغربية الحليفة لها كييف بأنظمة دفاع جوي حديثة ومعدات عسكرية من مدافع ودبابات.

يرى عدد من الخبراء الأمنيين العسكريين المطّلعين، أنّ الانسحاب قد يكون مناورة استدراج القوات الأوكرانية إلى ساحة معركة مكشوفة ليتم استهداف القوات المهاجمة بواسطة سلاح الجو والقوات الصاروخية والمدفعية الروسية، ليتم تحطيم قدراتها على التحرك والمناورة، لا سيما بعد تدمير هيكلية تشكيلات سلاح المدرعات الأوكراني.

يلي ذلك، شنّ هجوم روسي مضاد لن يقف عند حدود نيكولايف، بل قد يمسك بـأوديسا وآخر المنافذ البحرية الأوكرانية، ويفتح الطريق إلى ترانسنيستريا في مولدوفا.

هذا السيناريو ممكن أن يترافق بهجوم من اتجاه بيلاروسيا، المشهد شبيه بمعركة “هلال كورسك” التي أحدثت المتغير المركزي في مسار الحرب، وأدّى هذا المسار لانتصار الاتجاه السوفيتي حينها.

وفي السياق، قال الخبير العسكري فلاديمير يفسييف للميادين: “نعم، نحن نترك الضفة اليمنى لنهر الدنيبر، صحيح. تضررت إحدى فتحات مجاري سد محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية. كان من المستحيل الانتظار أكثر من ذلك، وخطر تدفق السيل بات واقعياً أكثر من ذي قبل.

وأضاف: “هذا نجاح تكتيكي يسجل للقوات المسلحة الأوكرانية، إلاّ أنّهم لن يتمكنوا من عبور نهر الدنيبر للضفة اليسرى (الشرق). الأمر ينتهي عند هذا الحد. لا أعتقد أنّنا سوف نتراجع أكثر بعد الآن”.

في خلاصة الأمر، إمّا أن نكون أمام معجزة تفاهمات دولية أدت إلى تسوية بين موسكو وواشنطن، وإمّا نحن أمام مشهد مناورة من قبل الطرفين، تتمثّل بالتظاهر بالاستعداد للحوار من قبل الغرب، والضغط على أوكرانيا لقبول هذا الحوار، وانسحاب القوات الروسية من خيرسون، وقبول شكلي لمبادرة تسوية واستعادة زمام المبادرة والحسم.

  • أحمد حاج علي – موسكو
  • المصدر: الميادين نت
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع