بمزاعم وذرائع كاذبة ومُفبركة.. سيناريو الفشل الصهيوني ينتقل من غزة إلى لبنان
السياسية - تقرير: مرزاح العسل*
مع مرور نحو عام من العدوان الصهيوني على غزة ودخول العدوان على لبنان أسبوع الثاني.. يُعيد العدو الصهيوني سيناريو المجازر والأحزمة النارية والدعايات المفبركة من غزة إلى لبنان، لينقل استراتيجية فشله في مواجهة المقاومة وإرادة الشعوب التواقة للحرية.
ومع بدء الغارات الصهيونية المُكثفة على لبنان، بدأ العدو الصهيوني باختلاق الذرائع والأكاذيب لتبرير قصفه الهمجي على المدنيين، كما جرى في قطاع غزة، حيث استخدم جيش العدو مقطع فيديو، مُنتجًا يظهر منزلًا في جنوب لبنان بداخله صاروخ كروز، كمبرر لحملة القصف الواسع على المدنيين.
وهذا يُعيدنا بالذاكرة إلى مقطع فيديو مشابه لمجمع الشفاء الطبي حاول فيه العدو الصهيوني تصوير المجمع للعالم، كمركز قيادة وسيطرة يتبع لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وكمخزن أسلحة وصواريخ، واستخدامه كمقدمة ومبرر للعدوان على المجمع على مرحلتين انتهتا بتدمير المجمع بالكامل.
وهذه المزاعم والمبررات الواهية كُشِف عن زيفها، حيث لم يقدم العدو الصهيوني أي دليل، ولم يجد ما يثبت ما روجه للعالم بأسره، وهو ما أكدته تقارير عالمية مستقلة.
كما روج العدو الصهيوني لاستخدام عناصر حزب الله المدنيين دروعًا بشرية، وهي نفس الأكذوبة التي استخدمها العدو في عدوانه المستمر على غزة، وذلك المبرر الكاذب لشرعنة قتل المدنيين، في وقت كانت كل الشهادات تثبت أن العدو هو من يستخدم المدنيين دروعا بشرية.
وتقول إميلي تريب، مديرة منظّمة "إيروارز" وهي منظّمة بريطانيّة تراقب الصراعات: إن جيش العدو الصهيوني الذي يواصل التهديد والوعيد للبنان، قال: إنه ضرب أكثر من 1600 هدف في لبنان الاثنين، وهو رقم لا يوجد له سوابق تذكّر في حروب القرن الـ21.
وأشارت إلى أن رئيس أركان جيش العدو الصهيوني هرتسي هليفي يواصل تهديده بمواصلة التصعيد على عموم لبنان.. متوعدًا بتسريع العمليات بكل القوة، وكذلك من مسؤولين صهانية، في مشهد تكرر ذاته في الحرب المُستعرة في غزة.
وفي العدوان المتصاعد على لبنان، كانت الطواقم الطبية هدفًا لآلة الحرب الصهيونية، حيث قتل العدو أربعة من الطواقم الطبية، واستهدف مركبات الإسعاف جنوب لبنان، في حين استهدفت المقاتلات الحربية محيط مستشفى الإيطالي في مدينة صور.
والعدوان هذا تكرر ذاته، على المستشفيات والمؤسسات الصحية في غزة، إذ لم يسلم أي مشفى من البطش والإرهاب الصهيوني، حيث أخرج العدو معظم المستشفيات عن الخدمة بعد تدميرها، وقتل 885 من الطواقم الصحية، واعتقلت العشرات منهم.
واستخدم العدو الصهيوني في حربه المتصاعدة ضد لبنان، سلاح التهجير والنزوح للمدنيين في إطار ضغطه على المقاومة، وهو السلاح الذي استخدمه في الحرب المستمرة في غزة، إذ أفادت تقارير إعلامية بأن نصف مليون لبناني نزحوا من أماكن سكنهم، هربًا من حمم القصف الصهيوني، في حين أن مليوني فلسطيني نزحوا منذ بدء الحرب.
ومنذ أيام، كان المشهد الأبرز نزوح العوائل الواسع من جنوب لبنان ومنطقة البقاع إلى شمال الليطاني، وهذا جرى في غزة، إذ تحولت المدارس إلى مراكز إيواء، وبدأ الناس بالتوافد إلى مناطق يعتقدون أنها أكثر أمنًا.
وفي صباح الإثنين، ظهر المتحدّث العسكريّ الصهيوني دانيال هاجاري، في مشهد مشابه للّذي فعله في غزّة، وطلب من الناس إخلاء البلدات في جنوب لبنان والبقاع "قبل إسقاط قنابل تزن 2000 رطل على منازلهم ومدارسهم واحيائهم".. وخلال الحرب الحاليّة على غزّة، أفادت التقارير بأنّ ما يصل إلى 84 في المائة من سكّان غزّة هجروا وبعضهم عدّة مرّات.
وكما هي حرب غزة، ينفذ العدو الصهيوني آلاف المجازر، ويتبع سياسة الأحزمة النارية، نقل نفس الأسلوب إلى لبنان، بتنفيذه مجازر مروعة ضد المدنيين، وتدمير المنازل فوق رؤوس السكان.
كما اعتمد سياسة الأحزمة النارية المكثفة، بقصف مئات الأهداف في وقت قصير وبشكل طولي، ما يحدث أصوات انفجارات هائلة، وينجم عنها دمار واسع، إضافة لقتل وإصابة المئات.
أما فيما يخص الحرب النفسية، فمنذ بدء العدوان المتصاعد في لبنان، عمدت الأجهزة الاستخبارية الصهيونية على بث كم كبير من الأخبار الكاذبة والموجهة والتي تهدف من خلالها إلى تدمير الروح المعنوية للشعب اللبناني.
وزعم جيش العدو أن غاراته المكثفة على لبنان، أعادت حزب الله إلى الوراء 20 عامًا، وهي ذات الأكاذيب التي استخدمها عندما أعلن عن تفكيك ألوية كتائب القسام واحدة تلو والأخرى، وما يثبته الميدان عكس ذلك، إذ تواصل المقاومة بغزة تصديها للعدو، وإيقاع جنوده في كمائن محكمة.
إضافة لذلك، تعمد العدو بث رسائل تحريض وإخلاء عشوائية عبر موجات الراديو، وهو ما جرى في قطاع غزة، حيث يستقبل الأهالي آلاف الاتصالات التي تحرض على قيادة المقاومة، وتدعوهم لإخلاءات عشوائية، لضرب الجبهة الداخلية.
وفي الحرب المستمرة على غزة، دمر العدو الصهيوني البنية التحتية بشكل كامل، في محاولة لإعادة قطاع غزة عشرات السنوات إلى الوراء، وهو ما يهدد به العدو لبنان بإعادته للعصر الحجري، وكشفت التقارير عن رفض صهيوني لمطالب أمريكية بتجنب استهداف البنى التحتية في لبنان.
في السياق ذاته، ذهب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن قنابل نتنياهو القاتلة والهجوم الصهيوني على جنوب لبنان "لن ينجح".. ورأى أنه يجب إسقاط نتنياهو؛ لأن الحقيقة أصبحت أوضح من أي وقت مضى، فالزعيم الصهيوني يحتاج إلى حروب أبدية ليظل في السلطة.
وبحسب التقرير، فإن الرعب الذي يتكشّف في لبنان يشكل جريمة تضاف إلى الجرائم الأخرى، وأن نتنياهو يحوّل جنوب لبنان، وربما البلد بأكمله، إلى ما يشبه غزة الثانية.
وشدد التقرير على أن الهجوم الصهيوني على لبنان لم ينجح في العام 2006، ولن ينجح الآن، وأن "استراتيجية" نتنياهو، كما هو الحال دائما، تهزم نفسها بنفسها.
وخلص التقرير إلى أن الهجمات التي وقعت الأسبوع الماضي على أجهزة النداء واللاسلكي واغتيالات القادة الرئيسيين هي المقدمة، وأن "الحرب إلى الأبد" فقط هي السياسة التي تُبقي نتنياهو في منصبه وفي السلطة.
في تؤكد الكاتبة أمال شحادة في مقال لها في صحيفة "اندبندنت" البريطانية، أن "إسرائيل" صعدت قتالها وانطلقت لتنفيذ خططها ضمن معادلة "تكثيف القتال يشكل ضغطاً لتحقيق مطالب "إسرائيل"، وهذا ما سبق واستخدمته "إسرائيل" في غزة تجاه "حماس"، عندما أعلنت أن تكثيف القتال وملاحقة قياديي الحركة سيُخضعها ويدفعها نحو صفقة أسرى وفق الشروط الصهيونية، بما في ذلك بقاء الجيش في محور فيلادلفيا.
واعتبرت أن هذه المعادلة، التي فشلت في غزة، ينفذها الكيان الصهيوني اليوم في لبنان، وفي عملياته المكثفة التي أطلقتها، الإثنين، واتسعت لتشمل مناطق مدنية واسعة، يريد العدو من خلالها تكثيف الضغط على "حزب الله" والمتوقع أن يستمر لأيام.
وقالت: إنه وعلى رغم تمسكها بهذه المعادلة فإن "إسرائيل"، وفي أعقاب انتقادات واسعة لها بعد أن انسحبت من مناطق عدة من غزة ثم عادت إليها وكانت حركة "حماس" قد أعادت تعزيز قدراتها فيها، تريد هذه المرة في لبنان استمرار القتال وإن طال لأيام والقضاء على البنى التحتية العسكرية لـ"حزب الله" ومخازن الأسلحة.
وأشارت شحادة إلى أنه ومع مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023، دون أن تحقق "إسرائيل" هدفًا واحدًا من أهدافها المعلنة، يعكس السياسة التي تعتمدها الحكومة الصهيونية بعد هجوم "طوفان الأقصى" والمبنية على ضمان استمرار الائتلاف الحكومي ومصلحة نتنياهو الشخصية.
وأكدت الكاتبة أنه ووفق هذا المنطق عملت "إسرائيل" على مدى نحو عام من دون خطة استراتيجية تشمل جدولا زمنيا للقتال واليوم التالي له، وها هي تدخل اليوم في حربها على لبنان دون خطة استراتيجية توصلها لتحقيق هدف إعادة السكان إلى بيوتهم، والقضاء على قدرات حزب الله.
ويرى مراقبون أن الاستراتيجية الصهيونية في القتل والتهجير والحصار وإنكار الحقوق والاعتقال والإبادة والمجازر طاغية بكل حلقات الصراعات التاريخية أي منذ نشوء هذا الكيان المؤقت وحتى يومنا هذا، وهذه الاستراتيجية ملازمة في عقل القيادة الصهيونية التي استلمت زمام صناعة القرار السياسي.
ويؤكد المراقبون أن هذه العقلية المجرمة ديدن كل القادة الصهاينة الذين نفذوا أبشع الجرائم بحق شعوب المنطقة وخصوصا الشعبين الفلسطيني واللبناني.. مشيرين إلى أن هذه العقلية الصهيونية المجرمة التي نفذت آلاف المجازر بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حديثاً وتحديداً منذ السابع من أكتوبر وهذه العقلية التي نفذت الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في واحدة من أبشع الانتهاكات للإنسان كإنسان في التاريخ القديم والمعاصر ها هي الآن تنقلها إلى لبنان.
سبأ