السياسية || محمد محسن الجوهري*

في 26 يوليو 2018، نفذت القوات الجوية اليمنية هجوماً بطائرة مسيرة نوع "صماد-3"، استهدف مطار أبوظبي ما أدى إلى اندلاع حريق في إحدى مراكب الإمداد في محيط المطار، وقد نفت الإمارات الخبر في حينه، وذكرت أنها اعترضت الطائرة المسيرة قبل وصولها، أما عن الحريق الذي نشب في المطار في ذلك اليوم، فقد نسبته لحادث عرضي تسببت به إحدى مركبات النقل.

الإعلام الحربي اليمني استطاع في مايو 2019 أن يدحض النفي الإماراتي، بعد أن بث مشاهد جديدة لهجوم يوليو 2018، تظهر فيه الطائرة المسيرة "صماد-3" لحظة قصفها لمنشآت حيوية في ساحة المطار التابعة لمبنى المسافرين رقم 1، وحظيت المشاهد بمتابعات واسعة حول العالم، وكشفت حقيقة الاعتراض الإماراتي للمسيرة اليمنية.

ولم يكن هجوم يوليو 2018 هو الوحيد على الإمارات، فقد سبقه استهداف مفاعل "براكة" النووي بمنطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، بصاروخ كروز مجنح، وتزامن الهجوم مع أحداث فتنة عفاش في صنعاء في ديسمبر 2017، وكالعادة أعلنت أبوظبي اعتراض الصاروخ، إلا أن الشركة المشغلة لمحطة براكة للطاقة النووية (الشركة الكورية للطاقة الكهربائية كيبكو)، أعلنت في مايو 2018، تأجيل بدء العمل بالمفاعل لأسباب فنية وإلى أجل غير معلن.

وفي الفترة من يوليو وحتى ديسمبر 2018، نفذت القوات الصاروخية والطيران المسير سلسلة هجمات على منشآت حيوية في دبي وأبوظبي، تركزت على مطاري الإمارتين، وكانت سبباً في إجبار مرتزقة الإمارات على توقيع اتفاق السويد، ووقف العمليات العسكرية في الساحل الغربي.

ومطلع العام 2022، عاودت القوات اليمنية استهداف الإمارات، وذلك لردع الأخيرة من التصعيد عبر مرتزقتها في عددٍ من الجبهات الشرقية، خاصة شبوة ومأرب، وأسفرت عن وقوع خسائر كبيرة في الاقتصاد الإماراتي، وحذرت واشنطن حينها رعاياها من السفر إلى الإمارات باعتبارها منطقة غير آمنة بسبب هجمات الحوثيين، حسب وصف خارجيتها.

بعد تلك الهجمات، ومرافقها من استهداف منشآت نفطية سعودية، اضطر تحالف العدوان إلى الدخول في هدنة شاملة لمدة شهرين فقط برعاية أممية، ولكنها (أبوظبي) عجزت حتى اليوم من إعادة فتح جبهة اليمن تحسباً لهجمات أخرى قد تنهك الاقتصاد الإماراتي.

ومع ذلك لا تزال الإمارات تسعى لتأجيج الوضع الداخلي في اليمن، خاصة عقب اندلاع عملية طوفان الأقصى المباركة، وانخراط اليمن في الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة وهو الأمر الذي دفع "إسرائيل" إلى الزج بعملائها في تصعيدٍ داخلي، تارةً على شكل عقوبات اقتصادية وأخرى على شكل فوضى أمنية، وكلها لإجبار اليمنيين على التراجع ووقف الإسناد لغزة.

وبما أن مناصرة الشعب الفلسطيني هو خيار يمني لا رجعة فيه، فإن التراجع عنه عار بكل المقاييس على اليمنيين كافة، ومهم كلف الأمر فإننا في معركة مقدسة وسُتقابل خيارات "إسرائيل" وحلفائها بالردع المباشر وغير المباشر، فمن يجرؤ على قصف الكيان فلن يتردد في قصف عملائه مادام وهو يمتلك العقيدة الجهادية وقوة الردع، ولا فرق بين يهودي في فلسطين وآخر خارج فلسطين يسعى لإفشال معركة الإسناد لغزة.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب