السياسية :

المحرر السياسي

مثلت الهدنة في اليمن والتي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي، برعاية الأمم المتحدة أول اختراق على مستوى تهدئة الحرب منذ اندلاعها عام 2015م، والعدوان على الشعب اليمني، ما يمكن القول إنها قد أسهمت عبر بنودها في تخفيف حدة القتال.

الشيء المؤكد أن قبول صنعاء للهدنة جاء لتأكيد النية الصادقة نحو السلام، لكن وفق البنود المحددة لها، ومن غير المعقول أن يتم تنفيذ جزء من البنود وتجميد البقية، وهو ما يؤكده تصريح نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع الفريق الركن جلال الرويشان بقوله “من غير الممكن القبول بحالة اللا حرب واللا سلم التي تدفع إليها دول العدوان”.

وباستقراء سريع لما حققته الهدنة، فقد أسهمت في تحقيق هدوء نسبي في اليمن بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب والعدوان، ما أدى إلى انخفاض عدد الضحايا المدنيين وفتح جزئي للرحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي، وهو ما سمح لأكثر من ثمانية آلاف مواطن، الحصول على خدمات الرعاية الطبية ومواصلة الدراسة في الخارج ومتابعة الأعمال التجارية، كما ساعدت في الحصول على كميات من الوقود والحفاظ على سير الخدمة العامة.

ومن الأهمية بمكان، لابد أن تتحول الهدنة إلى فعل إنساني بعيداً عن التوجسات والمحاذير الخاطئة والسعي الجاد إلى تحويلها لاتفاق سياسي وذلك لن يحصل إلا بتعزيز الثقة وأخذ مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار.

فللهدنة استحقاقات إيجابية مشروعة تتمثل في الرفع الكامل للحصار ووقف دائم لإطلاق النار وصرف رواتب الموظفين الذي حُرموا من مرتباتهم منذ سبتمبر 2016م، وصولاً إلى حل سياسي شامل ودائم يحقق الغايات المنشودة من الهدنة وبنودها.

ولعل أبرز بند من بنود الهدنة، هو صرف مرتبات الموظفين المنقطعة منذ ست سنوات وما يشكل ذلك من أزمة إنسانية لمئات الآلاف من الموظفين وأسرهم، فهذه المسألة أوضحت جلياً أن دول العدوان بالغت في مراوغتها وهي من تنهب ثروات اليمن من عائدات النفط والغاز التي تمثل 75 بالمائة من عائدات صرف الأجور والمرتبات.

لقد خرج مسار الهدنة عما خطط له، وعودته إلى مساره الطبيعي يتطلب التطبيق الصحيح لبنودها المتمثلة في إيقاف العدوان ورفع الحصار ودفع رواتب الموظفين، وهذه المطالب محقة ومشروعة تتطابق مع ما تطالب به صنعاء فيما الطرف الآخر يسعى إلى الالتفاف على مضامين الهدنة ولم يبدِ أي نية إزاء تنفيذ خطوات بناء الثقة.

ومن هنا يبرز تساؤلاً مشروعاً مفاده هل يمهد تمديد الهدنة إلى تثبيتها وصولاً إلى إنهاء حالة الحرب، ويضع آلية لصرف رواتب الموظفين وفتح الطرق بين المحافظات وزيادة الرحلات الجوية وفتح وجهات جديدة وتدفق سفن الوقود والغذاء والدواء بانتظام إلى ميناء الحديدة .. ربما الأيام المقبلة ستكشف ذلك ؟.

(سبأ)