الكيان الإسرائيلي يفشل في حربه الإلكترونيّة.. كلمة الفلسطينيين هي العليا
السياسية:
على ما يبدو، لم تنجح الحرب الإلكترونيّة التي يخوضها الاحتلال الإسرائيليّ ضد فلسطين وشعبها ومن يوالي تلك القضية، فعلى الرغم من الهجمة الصهيونيّة الشرسة لتكميم أفواه الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعيّ، وتفعيل قانون منح العصابات الصهيونيّة صلاحيّة واسعة النطاق لمراقبة المحتوى الفلسطيني، في ظل انتقال المعركة مع محتلي الأرض إلى “الحرب السيبرانية” التي أصبحت لا تقل أهميّة عن مقاومتهم وسعيهم لتحرير بلادهم من الجناة المحتلين، إلا أنّ المقاطع الساخرة والمضحكة، والتحديات الغريبة، حول “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، عبر مقاطع قصيرة جدًا، تغزو منصة Tiktok وتحرك متابعي العالم بأسره إلى قضيتهم اليتيمة، الشيء الذي أثار غضب تل أبيب التي تحاول قتل أبناء فلسطين دونما أي انتقاد.
كلمة الفلسطينيين هي الأقوى
بشكل كبير، سيطر شبان فلسطينيون على موقع تيك توك الشهير، من خلال تحدي الاحتلال والسلطة الفلسطينية المتعاونة معه، وعن طريق فيديوهات مع حيواناتهم الأليفة أو أصدقاء أو أفراد من الأسرة، والحديث بلغات متعددة، يجلبون متابعات كبيرة لأفكارهم الهادفة والبسيطة ما جعل كلمتهم هي الأقوى، بعد أن قام الكيان الإسرائيلي بإلزام المواقع الإعلاميّة وشبكات التواصل الاجتماعيّ بحذف مضامين يزعم الكيان بأنّها ذات صلة بـ “الإرهاب وأمن الدولة”، فيما تمارس سلطات العدو على مواقع التواصل الاجتماعيّ رقابة مشدّدة على المحتوى الفلسطينيّ، إضافة إلى تضييق كبير على وصوله إلى العالم، وفقاً لأبحاث أميركيّة موثقة.
وبذلك، يستغل الشبان الفلسطينيون Tiktok، الشبكة الاجتماعية الصينية التي غزت جيل الشباب والمراهقين في جميع أنحاء العالم، ومن ضمن فيديوهات الرقص والطبخ والمزاح هناك أيضًا قدر لا بأس به من السياسة ومحاولة للتعامل مع واقع الصراع المستمر، تمامًا كما في الحياة الواقعية، هنا أيضًا ساحة صراع على القضايا، ويبدو أن مستخدمي Tiktok وانستغرام من أبناء فلسطين السليبة والمؤيدين لهم ينتصرون بقوّة ملموسة على الساحة الافتراضية، فقد تمكّنوا في السابق من إنتاج حملة عالمية لحي الشيخ جراح بالعاصمة الفلسطينة القدس، وبإمكانيات محدودة للغاية، وحققوا ما عجزت القيادة الفلسطينية عن تحقيقه منذ عقود من ناحية جلب الانتباه إلى قضية هذا الشعب الرازح تحت نير الإجرام الصهيونيّ، وخاصة أنّ هذا الجيل من الشباب والذي يتحدث باللغات والعولمة ووسطاء وسائل التواصل الاجتماعي يشكل وجه المجتمع الفلسطينيّ وربما يقوده في بعض الحالات.
وإنّ إسرائيل اعتادت على منع أصحاب الأرض والمقدسات من فضح ممارساته الإجراميّة بحقهم، بالتعاون مع بعض وسائل التواصل الاجتماعيّ التي باتت تجد صعوبة في حذف الرصيد الكبير من مقاطع الفيديو والصور التي لا تُعد وتوثّق حجم دمويّة وإرهاب هذا الكيان على جميع المنصات الإلكترونيّة خوفاً على سمعتها، لكنّها ورغم كل ما تقوم به لم تستطع إخماد ثورة هذا الشعب المتجددة وعلى كل الساحات، وبالأخص ساحة هذا التطبيق الذي يتابعه مليارات من الشباب حول العالم، وببساطة نقله للمحتوى يجعل بعض الفيديوهات المنتشرة تصل لأرقام لا تُصدق من المتابعين، وبالتالي فهو وسيلة إعلاميّة مهمة لنقل وإيصال الرسائل التي يحاول بعض المستبدين إخفائها.
فشلٌ إسرائيليّ ذريع
لا يخفى على متابع للشأن الفلسطينيّ، أنّ “إسرائيل” ورغم حربها الإلكترونيّة الضروس لم تستطع أبداً تكميم أفواه الفلسطينيين الذين يعانون حتى داخل منازلهم من سلطات العدو وعصابات مستوطنيها، وإن محاربة تل أبيب للمحتوى الفلسطيني وشطب المضامين الداعمة لنضال الشعب الفلسطينيّ لم يؤت أؤكله، وقد شاهدنا بشكل واضح مدى أهميّة هذا الموضوع وخطورته من ناحية فضح الصهاينة وخاصة ما قامت به بعض منصات وسائل التواصل الاجتماعيّ المعروفة من إزالة للمحتوى الفلسطينيّ في أكثر من فترة وباعتراف تحقيقات دوليّة، بعد أن أصبحت تلك المواقع ضمن الساحات الالكترونيّة التي تعج بالمنشورات والتعليقات والهاشتاغات المناصرة لفلسطين وشعبها المظلوم.
وفي ظل المساعي الحثيثة للصهاينة بالتعاون مع الشركات العميلة معه إلى إسكات أصوات الفلسطينيين وداعمي قضية فلسطين على منصات التواصل الاجتماعيّ، والبدء بتفعيل نظام رقابة يحارب كلمة أصحاب الأرض والناشطين والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويعطي مساحة للحملات الرسميّة والشعبيّة الصهيونيّة للتحريض على قتل ونهب أراضي الفلسطينيين من قبل العدو ومستوطنيه، قالت المستشرقة الصهيونية كسانيا سفاتلوفا، وفقاً للإعلام العبريّ، ”يبدو أنّ هذا الجيل الشاب، المولود في أو بعد الانتفاضة الثانية، لم يعد يؤمن بحل الدولتين، وبينما أخذت إسرائيل وقتها وهربت من المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، نشأ جيل في رام الله وجنين وغزة و الخليل لم يعد مهتمًا بهذا الحل ولا يؤمن به.
وباعتبار أنّ الشعب الفلسطينيّ اليوم بمجمله، يريدون أرضه بالكامل، من البحر إلى النهر، ولا يرى في “إسرائيل” سوى استعمار دمويّ طال طغيانه، ينتقد شباب هذا الشعب في تيك توك وغيره تعاطي السلطة الفلسطينية مع قضاياهم، وتقول للمستشرقة الإسرائيليّة:”بينما كنت أشاهد المئات من مقاطع الفيديو لشبان وشابات من الضفة الغربية، شعرت بالضبط بما شعرت به في عام 2006 قبل انتخابات البرلمان الفلسطيني – الاشمئزاز من السلطة الفلسطينية التي ينظر إليها على أنها عفا عليها الزمن، الجسم الفاسد والعنيف والدعم لحماس في غياب خيارات أخرى”.
من ناحية أخرى، بات جيل الشباب الفلسطينيّ يؤمن بشكل كامل بأنّ الحل الوحيد في إزالة جاثوم الاحتلال هو المقاومة الكاملة والمقاطعة الشاملة، وعلى الرغم أنّ بعض القيادات السياسيّة في الدول العربية تواصل التعاون مع محتل الأراضي العربيّة، إلا أنّه لا يمكن تجاهل قوة التضامن والروابط التي تتشكل بين المؤثرين الشباب، الذين سيصبحون مع الوقت أداة لإلقاء الضوء على قضايا المظلومين والمضطهدين، ويحققون ما لم تستطع سياسات دولهم أن تحققه.
والدليل على هذا، أنّ مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وبالأخص تيك توك من الفلسطينيين والمؤيدين للفلسطينيين ينجحون بالفعل في إعادة تشكيل جبهة عربية ودولية مختلفة عما نعرفه، هؤلاء الشباب شوهدوا في المظاهرات المناهضة للكيان الغاصب في إنجلترا والولايات المتحدة وأيرلندا وكندا، والتعاطف الذي يتلقونه يظهر جليّاً في أغلب الدول العربية والإسلامية.
في النهاية، يجب على أي شخص يعتقد أن القضية الفلسطينية لم تعد تهم أحداً أو أنها رحلت عن العالم، أن يلقي نظرة على Tiktok ويشاهد الحقيقة المصورة والموثقة بثوان معدودة أحياناً، وأن السيطرة الفلسطينية على تيكتوك تعني أن جيل الشباب في منطقتنا رغم غض الطرف عن أحلامهم ومستقبلهم من قبل حكوماتهم إلا أنّهم سيكونون الحل الوحيد الذي سيعيد الحق إلى أصحابه.
* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع