السياسية:

غالباً ما توصف مقاتلات الشبح الأمريكية مثل إف-35 لايتنيغ الثانية وإف-22 رابتور بأنها “غير مرئية على شاشات الرادار”، لكنها في الحقيقة ليست غير مرئية تماماً. في الواقع يمكن رصد كل الطائرات الشبح الحديثة اليوم، بما في ذلك جيه-20 الصينية وسو-57 الروسية، بسهولة كبيرة حتى على أنظمة الإنذار القديمة التي تستخدم منذ عقود. لكن لا يعني ذلك أنه من السهل إيقاف هذا النوع من الطائرات. فكيف ذلك؟

طائرات الشبح.. التخفي أكثر تعقيداً مما تظن
تعمل تصميمات التخفي في الطائرات الشبح على تقليل بصمة الطائرات على أجهزة الرادار، وتأخير أو حتى منع رصدها، لكن بسبب المتطلبات المادية للطائرات التكتيكية، يمكن رصد الطائرات الشبح بسهولة باستخدام بعض نطاقات الرادار منخفضة التردد، كما يقول تقرير لصحيفة Business Insider الرقمية الأمريكية.

وفي الحقيقة، ليس من غير الشائع أن يتمكن رادار المراقبة الجوية من رصد طائرات الشبح القتالية في نطاقها. ولا نتحدث هنا عندما تحمل تلك الطائرات ذخائر خارجية أو خزانات وقود، بل حتى في “وضع التخفي الكامل”، تظل طائرات إف-22 وإف-35 غير متخفية بشكل كامل كما قد يعتقد البعض.

تقول “بيزنس إنسايدر”، إنه غالباً ما تُناقَش فكرة التخفي بشكل مجرد، كما لو أنها مجرد تقنية واحدة تُدمج في تصميم الطائرة. لكن التخفي في الواقع، مجموعة من التقنيات المتداخلة مع سمات مواصفات التصميم والمواد المستخدمة ووسائل الإنتاج وتكتيكات القتال تهدف جميعها إلى تأخير أو منع اكتشاف الطائرة.

يتأثر تطوير طائرة شبح متخفية دائماً بعوامل التكلفة والقدرة وحدود التقنيات المتاحة حالياً، مما يعني عدم وجود طائرة شبح غير مرئية تماماً.

ما هي تقنية التخفي؟
بشكل عام، يُستخدم مصطلح “التخفي” لوصف جهود الحد من رصد الطائرة على شاشات الرادار، والأشعة تحت الحمراء (الحرارة)، والصوت، وحتى التوقيعات البصرية.

تعمل أنظمة الرادار عن طريق بث موجات كهرومغناطيسية على شكل نبضات ثم تقيس انعكاس تلك الموجات عن طائرة أو سلاح، لكن الطائرات الشبح مصممة لتعكس موجات الرادار بعيداً، بدلاً من إعادة توجيهها إلى جهاز الاستقبال بالرادار.

من المفهوم أن طائرات الشبح مصممة لتأخير أو تفادي رصد الرادار لها، لكن طريقتها في فعل ذلك أعقد بكثير جداً مما يعتقد البعض. ويمكن بث الموجات الكهرومغناطيسية بأطوال موجية وترددات مختلفة، لذلك تتفاعل مع الأجسام التي تصطدم بها بطرق مختلفة أيضاً، مما يجبر المصممين على إجراء بعض التنازلات في التصميم من أجل التركيز على أنواع الرادارات التي تريد تلك الطائرات تفاديها.

الطائرات الشبح مصممة للحد من رصد أنواع معينة من الرادارات لها
تبث مصفوفات الرادار المختلفة، أطوال موجية وترددات مختلفة لأسباب مختلفة. وبالتالي، قد لا تساعد أنواع عناصر التصميم التي تساعد في تفادي رصد نوع معين من الرادارات في تفادي رصد الطائرات بواسطة أي نوع آخر.

ونتيجة لذلك، تهدف تصميمات طائرات الشبح إلى الحد من إمكانية رصدها بواسطة أنواع مصفوفات الرادار التي توجه الأسلحة إلى مواقعها بدقة وفعالية.

ورغم عدم قدرة مصفوفات الرادار التي تعمل في تلك النطاقات على رصد الطائرات الشبح، فإن الهدف هو جعل الموجات التي تعود إلى الرادار صغيرة بما يكفي لتأخير رصد الطائرات، حتى يتسنى لها الاشتباك أو الهروب دون استهدافها.

رادار عسكري روسي تقول موسكو إنه قادر على كشف جميع أنواع الطائرات الشبح، أرشيفية/ Tass
تعمل أجهزة الرادار عن طريق بث طاقة كهرومغناطيسية (موجات راديو) في نطاقات L أو S أو C أو X أو K. يعمل كل نطاق بطول موجي وتردد مختلف، والأنظمة عالية التردد (ذات الطول الموجي القصير) هي القادرة على توفير دقة صورة لازمة لاستهداف طائرة بدقة.

بعبارة أخرى، يمكن استخدام أنواع معينة فقط من أنظمة الرادار لتوجيه صاروخ تجاه هدف والاقتراب منه بما يكفي لتدميره. غالباً ما تكون مصفوفات الرادار منخفضة التردد قادرة على رصد الطائرات الشبح في الهواء، لكن بسبب طولها الموجي الكبير، لن تتمكن من توفير بيانات دقيقة بما يكفي لاستهداف الطائرة بصاروخ.

تكتفي تصميمات الطائرات الشبح بالحد من إمكانية رصدها عن طريق مصفوفات الرادار عالية التردد، بما في ذلك نطاقات رادار S وC وX وK لمنع استهدافها. وبسبب إمكانية رصد طائرات الشبح عن طريق المصفوفات منخفضة التردد مثل نطاقات S وC، يمكن استخدام تلك المصفوفات في أنظمة الإنذار المبكر لتنبيه القوات الدفاعية بوجود طائرات شبح في المنطقة، وتوجيه الأنظمة الدفاعية الأخرى إلى الاتجاه الصحيح.

في الحقيقة، تعمل معظم أبراج المراقبة الجوية بمصفوفات رادار النطاق S، لذا غالباً ما تتمكن من رصد المقاتلات الشبح دون أي صعوبة تذكر.

لهذه الأسباب لا يمكن استهداف طائرات الشبح
بعبارة أخرى، ليس من صعب رصد مقاتلات شبح باستخدام مصفوفات رادار قديمة منخفضة التردد، بينما استهدافها مسألة مختلفة تماماً. لا يمكن للمصفوفات منخفضة التردد توجيه سلاح أو صاروخ بدقة إلى هدف بحجم طائرة، بل يكتفي بالإشارة إلى اتجاه عام ويقول: “يوجد هدف هنا”.

ورغم أنه من أقل عناصر استخدام الطائرات الشبح في القتال مناقشةً، يظل التخطيط للمهمة هو أهم جوانب نجاح العمليات القتالية.

كما أصبح واضحاً لنا الآن، مقاتلات الشبح ليست غير مرئية تماماً، لذا من المهم أن تنطوي عمليات المقاتلات الشبح على قدر كبير ومتقن من التخطيط.

يتطلب التخطيط الجيد استطلاعات واستخبارات جيدة عن ساحة المعركة، حتى يتمكن الطيارون من التخطيط لمسارهم إلى ومن الهدف بطريقة تستفيد من نقاط قوة الطائرة وتتجنب نقاط ضعفها.

لذا، حتى إذا كنت تقود طائرة إف-22 رابتور، التي تعتبر أكثر طائرة شبح مقاتلة قادرة على التخفي، لا يمكنك التحليق ببساطة إلى المنطقة المستهدفة دون خطة. توفر مقاتلات الشبح خياراً مناسباً في بعض المواقف، لكنها ليست الحل الشامل لكل المشكلات التي قد تصطدم بها في القتال.

التخطيط للمهمة ضروري ومهم للغاية
طائرات الشبح مصممة لتأخير أو منع رصدها بواسطة مصفوفات الرادار القادرة على “توجيه الأسلحة” نحو الهدف.

مصفوفات التردد منخفضة التردد غير قادرة على توجيه الأسلحة بالدقة الكافية، لكنها قادرة على رصد مقاتلات الشبح.

نتيجة لذلك، تستخدم معظم الدول مصفوفات التردد منخفضة التردد في أنظمة الإنذار المبكرة لمعرفة دخول طائرات شبح مقاتلة في مجالها الجوي، لكنها تفتقر إلى الوسائل اللازمة لاستهدافها بدقة وفعالية.

يمكن استخدام أنظمة التردد منخفضة التردد إلى جانب أنظمة أخرى ووسائل استهداف مختلفة للسماح بالاشتباك مع مقاتلات الشبح، ولهذا السبب يظل التخطيط للمهمة أمراً ضرورياً حتمياً لكل العمليات الجوية التي تعتمد على أسلوب التخفي.

المصدر: عربي بوست