من الانحدار إلى الصعود
د. شعفل علي عمير*
أثبتت الأحداثُ بما لا يدعُ مجالاً للشك بأننا أمام مرحلة مفصلية تمثل حجر زاوية لمنعطف تاريخي جديد سوف تتشكل فيه وتتبلور ثقافتان متضادتان، الأولى هي ثقافة التحرّر والعودة إلى جذورها الأصلية التي كادت أن تغمرها تلك الأتربة الناتجة من الثقافة المضادة والمغايرة لها والتي عملت على طمس الهُــوِيَّة الدينية والوطنية لشعوب عربية وغير عربية، إسلامية وغير إسلامية، إنها الثقافة الثانية المضادة التي استهدفت البنيَة الثقافية والدينية للعرب والمسلمين؛ نتيجة لغياب الثقافة الأولى وعدم قيام أربابها بدورهم في التصدي لمخرجات ثقافة الشر، ثقافة الهيمنة والمسخ الإنساني والقِيَمي؛ فقد خلت الساحة “والتي تعني هنا المساحة الفكرية” التي يمثلها مجتمع الجغرافيا العربية والإسلامية كانت فعلاً شاغرة ليستغلها أرباب هذه الثقافة فيعبثون بها فكريًّا وقيميًّا وثقافيًّا لعقود طويلة من الزمن، نتج عنها فهمٌ مغلوطٌ لمعنى الوطنية ومضمون الانتماء الحقيقي للدين كهُــوِيَّة والوطن ككيان يذوب فيه الإنسان جسدًا وروحًا.
وهنا فقط تتضح أهميّة أن يكون هناك من يثور ضد تيار الثقافة الثانية ثقافة المسخ والانحطاط، ثقافة الشر الذي ليس له حدود ليقابل هذا الشر كله بثقافة تحمل الخير كله لكل الإنسانية، ثقافة تصحح المسار الفكري وتعالج ما أحدثته ثقافة الشر من جروح في جسد الإنسانية وانحراف عن قيمها.
ولأن الشر قد أوغل في الأُمَّــة؛ فقد أراد الله “سبحانه وتعالى”، أن يخلق في هذه الأُمَّــة من يخلِّصُها من مخالب الشر ويقوّم ما أصابها من اعوجاج فكري وقِيَمي فكان رائد الثورة التصحيحية في تقويم القيم الدينية ومبادئ الإنسانية من اليمن، الذي رفع راية الجهاد ضد كُـلّ ما أصاب الأُمَّــة من استسلام فكري؛ فكانت مهمته صعبة وشاقة بعد أن عشعشت في عقول وأفكار المجتمع تلك الثقافة المغلوطة المخالفة ليس للثقافة الإسلامية فحسب بل وللتعايش الإنساني.
برز السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظُه الله- في زمن الأُمَّــة في أَمَسِّ الحاجة لمن يوقظها بعد سباتها، في زمنٍ تكالبت فيه قوى الشر لتفرزَ ثقافتَها النتنة في عقول وأفكار المجتمع المسلم، جاء ليقولَ للأُمَّـة: “إننا مستهدَفون” جاء ليصحّيَ الأُمَّــة من غفلتها؛ فكان الجرسَ الذي دَقَّ ناقوسَ الخطر لتعرِفَ الأُمَّــة أنها فعلاً في سُبات فاستنهضها لتقومَ بدورها الإسلامي والإنساني معاً؛ فنهضت الأُمَّــة لتعاود صعودَها بعد انحدارها لعقود.
فالحمدُ لله على نعمةِ القيادة والشكرُ لله على أن أصبح شعبُنا اليمني أولَ الشعوب في صحوته وأولَها في وعيه ونخوته.
* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه