جبهة لبنان أنكى لليهود من جبهة غزة
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لأسباب كثيرة تبقى الجبهة اللبنانية أشد إيلاماً للعدو الإسرائيلي، ولجيشه المثخن بالجراح من جبهة غزة التي صمدت لنحو عام، ولم ينجز فيها العدو أيٍ حسم عسكريٍ، ولذا فإن حربه في الشمال ستكون أدهى وأمر، وأكثر وبالاً على مستقبل الكيان المؤقت.
أبرز تلك الأسباب تكمن في العامل الجغرافي حيث التضاريس المعقدة والتي تجعل من قوات العدو فريسة سهلة لمجاهدي حزب الله، وبالتالي لا أمل لتحقيق حسم عسكري هناك ولو بعد سنوات خاصةً أن نوعية الكمائن والتسليح تختلف كثيراً عن نظيرتها في غزة، وهذا العمل يرجع الفضل فيه لسورية الأسد التي تشكل بعداً استراتيجياً واسعاً لجبهة لبنان، بخلاف الوضع في القطاع المحاصر من نظام السيسي.
ولا خيار أمام العدو، بعد أن شن خياراته العسكرية الكبرى ضد حزب الله، إلا أن يحقق النصر العسكري الذي توعد فيه بإقصاء خطر الحزب على الكيان، وفي حال فشل في تحقيق ذلك، فهذه هزيمة أخرى تستنزف العدو، وتهدد وجوده المستقبلي، لا سيما في حال تكررت عملية طوفان الأقصى، سواْ من القطاع أو من جبهات الإسناد في لبنان وسورية، وهو ما يخشاه العدو ويعجز عن مجابهته.
وفي جميع الأحوال، فإن الوضع في لبنان أقوى بأضعاف ما هو عليه في غزة، والأمل بالنصر كذلك مضاعف، ومن شأن تأجيج الجبهة الشمالية للعدو تخفيف حدة العدوان الهمجي على القطاع، وإعطاء نفس للمجاهدين هناك، بعد أشهر طويلة من المواجهة، كما أن المغتصبات اليهودية الكبرى -كتل أبيب وحيفا- في مرمى حجر من صواريخ حزب الله الأشد فتكاً على منظومات العدو ومستوطناته.
ولأن جبهة حزب الله أشد وأنكى للعدو الصهيوني، فمن الطبيعي أن يرافقها حرب إعلامية واسعة ضد حزب الله ومن المتوقع أن تعلن الوهابية السعودية الجهاد في جنوب لبنان إلى جانب "إسرائيل"، بعد أن أصبحت المملكة والكيان زوجان في العلن عقب عقود من العلاقات السرية، وباتت معها الجماعات السلفية تجاهر بولائها لليهود، كما فعلت من قبل في العدوان الكوني على سوريِّة.
ومن البديهي أيضاً أن نسمع عويل الرياض وأبوظبي مع كل ضربة موجعة يحققها حزب الله في الكيان، وسيتسابق إعلام النظامين على من يخدم اليهود أكثر، ويسعى للتقليل من قيمة الهجوم، أو تحميل الحزب مسؤولية إبادة "إسرائيل" للمدنيين في لبنان، تماماً كما فعلت المملكة في حرب تموز 2006، بعد اتهمت المقاومة بافتعال الحرب مع "إسرائيل".
الأهم من كل ذلك، أن حزب الله يخرج منتصراً بإذن الله من الحرب، ويتحول إلى قوة إقليمية عظمى تضاهي أكبر الجيوش في العالم، وستزداد معها شعبية المجاهدين في لبنان في كل العالم الإسلامي، ما يعني فشل الشيطنة الإعلامية له من قِبل أدوات الصهاينة، واستعادة الحزب لمكانته الطبيعية كأحد أهم عناصر الدفاع عن ثوابت الأمة في وجه الأطماع الاستعمارية.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب