السياسية:

بشكل مفاجئ انتشرت شركات الأمن الخاصة في سوريا، تتخفى وراء عمل الحراسة، لكن دورها الأساسي هو إعداد شباب مجندين يخدمون لصالح القوات الموالية لإيران وروسيا في الأراضي السورية.

وحسب المعلومات التي حصل عليها “عربي بوست” من مصدر حكومي، فإن “الحكومة السورية وبمجرد فتحها الباب أمام تأسيس شركات أمن وحراسة خاصة، سارع العديد من الأشخاص لإصدار التراخيص، إلى أن وصل عدد الشركات الخاصة في سوريا إلى حوالي 80 شركة”.

قتال مع إيران

كشفت مصادر سورية مقربة من القوات الموالية لإيران بسوريا لـ”عربي بوست”، أن “عدداً كبيراً من شركات الأمن الخاصة يعمل مع قوات الحرس الثوري، في المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات داخل الأراضي السورية”.

“عربي بوست” تواصل مع أحد المسؤولين عن إدارة واحدة من هذه الشركات في مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور، حيث السيطرة للقوات الإيرانية، الذي أكد أن “الشركة تعمل في مجال الحراسات الخاصة، بالشراكة مع القوات الإيرانية الموجودة في المدينة”.

وقال المسؤول في حديثه مع “عربي بوست” إن “الشركة تُوظف المئات من الشباب السوريين، وتقوم بتدريبهم على أكمل وجه لحماية الحجاج الشيعة القادمين من إيران والعراق، كما أنها تُقدم خدمات أمنية لرجال الأعمال والعسكريين”.

وأضاف المتحدث أن “الشركة تقوم بتدريب هؤلاء الشباب، وهم مجموعة من ضُباط المخابرات السورية السابقين بجانب ضباط من الحرس الثوري الإيراني، لأن الشركة تأسست برأس مال إيراني وإدارة سورية”.

وأشار المتحدث إلى أن “ضباط الحرس الثوري التابعين لإيران هم المسؤولون عن تدريب المنتسبين الجدد، وإعطائهم كافة التعليمات والتوجيهات”.

حماية النفط والقتال ضد داعش

شركة “الفجر”، هي شركة أخرى لخدمات الحراسة والأمن الخاصة التابعة للقوات الإيرانية في سوريا، لكن عملها لا يقتصر على حماية الحجاج الشيعة أو الأفراد داخل سوريا، وإنما تُساعد في تأمين نقل النفط من العراق إلى المصافي السورية.

أحد الموظفين في الشركة قال في تصريح لـ”عربي بوست”، إن “قوات الحرس الثوري هي من يتولى تدريب أفراد الأمن في الشركة، هذه الأخيرة التي ترسلهم لحماية عمليات نقل النفط من هجمات داعش”.

وحسب المعلومات التي حصل عليها “عربي بوست” فإن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى الاستعانة بأفراد الأمن في هذه الشركات لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في الريف السوري.

يقول موظف شركة “الفجر” لـ”عربي بوست”: “شهرياً يقوم ضباط الحرس الثوري بفرز الشباب الأكفاء، ويتم نقلهم إلى معسكرات القوات الإيرانية، لتلقي أنواع مختلفة من التدريب، وإرسالهم لمقاتلة داعش في بعض المناطق بمقابل مادي”.

إغراءات مادية

حسين (اسم مستعار)، شاب سوري، يبلغ من العمر 25 عاماً، انضم منذ ثلاثة أشهر إلى إحدى شركات الأمن الخاصة التابعة للقوات الإيرانية في سوريا، قال لـ”عربي بوست”: “لم أكمل تعليمي الجامعي، وليس لي مصدر رزق ثابت، وأحد الشباب بالمنطقة التي أقطن بها هو من عرفني على هذه الشركة، فتقدمت بطلب العمل، وأجريت العديد من الفحوص الطبية، وتم قبولي، مقابل راتب 350 دولاراً أمريكياً شهرياً”.

وأضاف حسين أنه “في بداية عمله تم تعيينه ضمن مجموعة أخرى لحراسة نقل الأموال من مدينة لأخرى، ثم عَرض عليه مسؤول في الشركة الذهاب إلى الحسكة للقتال هناك وحماية نقل النفط، مقابل 600 دولار أمريكي شهرياً”.

يقول حسين “وافقت على الفور، الراتب مغر بالنسبة للأوضاع المعيشية التي تمر بها سوريا، زميل لي ذهب إلى إدلب مقابل 400 دولار فقط، وكلنا تم تدريبنا على أيدي القوات الإيرانية”.

وبحسب حسين، فإن لديه أصدقاء آخرين في نفس المنطقة التي يقطنها، ذهبوا للعمل في مثل هذه الشركات التي أرسلتهم إلى مدينة البوكمال والميادين، للتدريب داخل معسكرات لواء “فاطميون” التابع للحرس الثوري الإيراني.

وينتمي لواء فاطميون إلى الحرس الثوري، الذي أُسس سنة 2014 للقتال في سوريا، ويبلغ قوامه حوالي 14 ألف مقاتل، جميعهم من الشباب الأفغان الذين تم تدريبهم في معسكرات الحرس الثوري داخل الأراضي الإيرانية، قبل إرسالهم إلى سوريا لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، مقابل راتب شهري، وتسهيلات لإقامة عائلاتهم داخل إيران.

منافسة روسية

وكما تتنافس إيران وروسيا على كل شيء داخل الأراضي السورية، وصل التنافس بين البلدين إلى شركات الأمن الخاصة، فقد تم تأسيس العشرات من شركات الحراسة والأمن التابعة للقوات الروسية في دمشق.

شركة “المهام”، واحدة من الشركات الأمنية المرتبطة بالقوات الروسية في سوريا، ومهمة هذه الشركة في المقام الأول هي حماية نقل النفط من المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

موظف في شركة المهام تحدث لـ”عربي بوست”، قال: “لدينا كافة أنواع الخدمات الأمنية، كما أننا نُنافس الشركات الأمنية الأخرى والمحسوبة على القوات الإيرانية، وأفراد الأمن لدينا تم تدريبهم على أعلى مستوى على أيدي القوات الروسية”.

وأضاف المصدر ذاته أن “شركة “المهام” تقدم حماية القوات الروسية المتمركزة في أماكن مختلفة في سوريا، كما أنهم يقومون بتأمين الشخصيات الحكومية البارزة، وتأمين نقل الأموال”.

ويخشى بعض المراقبين من أن تكون هذه الشركات ذات الارتباطات الإيرانية أو الروسية، قد استغلت سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها الشباب في سوريا، لخلق ميليشيات محلية، تدين بالولاء لطهران وموسكو، خاصة أن التنافس بين روسيا وإيران، في هذا الأمر، جعل كلاً منهما تزيد من استقطاب الشباب، بإغرائهم برواتب ومزايا مختلفة.

أيضاً، هناك مخاوف من أن يتم استخدام الشباب السوري، من خلال هذه الشركات الأمنية للقتال خارج الأراضي السورية، في حروب إيران بالوكالة في المنطقة.

عربي بوست