السياسية:

“مقعد اقتصادي ممتاز”، قد تبدو هذه الجملة مزيجاً غريباً من منظور شركات الطيران؛ نظراً إلى أنه من النادر أن تكون المقاعد الاقتصادية كأنها في الدرجة الممتازة هذه الأيام. لكن هذه المقاعد الواقعة بين الدرجة الاقتصادية ودرجة رجال الأعمال على الرحلات الدولية، كانت مثيرةً حتى قبل جائحة كوفيد-19، وبما أننا بدأنا جميعاً السفر مرةً أخرى في 2021، فمن المُقرَّر أن تبدو هذه المقاعد جذَّابة للعديد من المسافرين، كما يقول تقرير شبكة CNN الأمريكية.

لماذا ستكون هذه المقاعد أكثر جاذبية؟ يتوقَّف الأمر على مزيجٍ من العوامل 

أولاً، تؤدِّي الأزمة الاقتصادية إلى تحوُّل مسافري درجة رجال الأعمال إلى الدرجة الاقتصادية الممتازة سواء كان هؤلاء الأشخاص يسافرون للعمل، والذين تُشدَّد سياسات السفر الخاصة بهم، أو أولئك المسافرون بغرض الترفيه، الذين يحرصون على محافظهم أكثر من حرصهم على الراحة أثناء السفر. 

ثانياً، سيكون أمام المسافرين المعتادين على السفر أميال طويلة يقطعونها تعويضاً عما فُرِضَ من قيودٍ على السفر، ومع سياسات السفر المُرهِقة تلك التي تجعل المسافرين، من أجل العمل يحجزون في الدرجة الاقتصادية، من المُحتَمَل أن نرى بعضهم يحجزون لأنفسهم مقاعد أفضل قليلاً. هذا إلى جانب المسافرين بغرض الترفيه الذين يبحثون عن قليلٍ من التفاخر، حتى في الأوقات الصعبة. 

ثالثاً، بعد أكثر من عام على تفشي جائحة كوفيد-19، لم نعد معتادين نفسياً التعامل مع الآخرين. سيكون من الغريب للغاية التفكير في ذلك على متن طائرة، لذا فإن المساحة الإضافية بالدرجة الاقتصادية الممتازة ستكون موضع ترحيب. 

سيكون المقعد الاقتصادي الممتاز الأكثر جاذبية للمسافرين خلال 2021ما المقعد الاقتصادي الممتاز؟

إنه مقعد أكبر بالأساس كما يقول بِن أورسون، المُصمِّم المسؤول عن العديد من أكثر المقاعد نجاحاً في العقد الماضي، وهو الآن المدير الإداري لشركة Orson Associates. 

وأضاف: “الجزء الأهم فيما يقدِّمه المقعد الاقتصادي الممتاز للركَّاب هو ترقية كبيرة من حيث الراحة مقارنةً بالدرجة الاقتصادية. توفِّر المقاعد الاقتصادية الممتازة عادةً ما يقرب من 5 إلى 10 بوصات من مساحة إضافية للساق، واستلقاء أكثر راحة للساق، وتجربة ترفيهية أفضل مع شاشةٍ أكبر بكثير”. 

المقاعد أعرض أيضاً بنحو 2 إلى 3 بوصات، وعادةً ما يكون هناك مقعدٌ أو مقعدان أقل في كلِّ صف: 8 مقاعد في طائرة بوينغ 777 أو إيرباص A380 على سبيل المثال، مقارنةً بـ10 مقاعد في معظم الدرجات الاقتصادية. 

يقول أورسون: “أتى هذا النهج ثماره لشركات الطيران، إذ قالت كلٌّ من شركة الخطوط الجوية البريطانية وفيرجين أتلانتيك، إن الدرجة الاقتصادية الممتازة لكلِّ قدمٍ مربعة هي الجزء الأكثر ربحية في الطائرة”. 

تجمع الدرجة الاقتصادية الممتازة بين ميزات فئتَي الأعمال الفسيحة والفاخرة من ناحية، والفئات الاقتصادية الأقل اتساعاً والأقل فخامة من ناحيةٍ أخرى. وتطلق شركة إيرباص على هذه الفجوة الآخذة في الاتساع اسم “وادي الراحة”. 

مقعد اقتصادي بامتيازات إضافية

يوضِّح مات راوند، كبير الإداريين الإبداعيين في أستوديو التصميم Tangerine، أنه بالنسبة لشركات الطيران، يساعد ذلك في سدِّ هذه الفجوة، وأنه إلى جانب هذا المقعد الأكبر تأتي بعض الامتيازات الإضافية. 

ويقول: “تميل الخطوط الجوية إلى توفير حصول المسافرين على الدرجة الاقتصادية الممتازة على مزيد من الخدمات ذات الأولوية، مثل حجوزات المقاعد المجانية وأولوية الصعود إلى الطائرة وزيادة بدل الأمتعة. وتتنوَّع الخدمات وفقاً لشركة الطيران”. 

عادةً ما يتَّجه الركَّاب إلى الدرجة الاقتصادية الممتازة من منطلقين: إما الصعود من الدرجة الاقتصادية، وإما الانخفاض من درجة رجال الأعمال. 

يوضِّح راوند قائلاً: “كان أداء الدرجة الاقتصادية الممتازة في فترة ما قبل الجائحة جيداً للمسافرين بغرض الترفيه أو للمسافرين من شركاتٍ كبيرة وصغيرة تراعي تكلفة السفر”. ويضيف: “في بعض الحالات، كان هناك ميلٌ للركَّاب في رحلات عمل إلى السفر في الدرجة الاقتصادية الممتازة خلال النهار والعودة على سريرٍ مسطَّحٍ بالكامل في درجة رجال الأعمال بالرحلات الليلية”. 

أطلقت طيران الإمارات مؤخراً أحدث طائراتها A380 بمقاعد اقتصادية فاخرة فاخرة/ طيران الإمارات

ولكن، حيث أصبحت مقاعد درجة رجال الأعمال أوسع وتقلَّصَت مقاعد الدرجة الاقتصادية في كلٍّ من مساحة الأرجل والمرفقين، كيف تغيَّرَت المقاعد الاقتصادية الممتازة منذ تقديمها قبل ما يقرب من ثلاثين عاماً على متن رحلات فيرجين أتلانتيك وإيفا إير؟ 

يقول بيتر تينينت، مدير دار تصميم Factorydesign: “لم تتغيَّر بالفعل”.  ويضيف: “حين صمَّمنا أول مقعد من طراز World Traveller Plus التابع للخطوط الجوية البريطانية في عام 2000، كان أساس تخصيص المقاعد عبارة عن منصة قديمة لدرجة رجال الأعمال. وقد بدأ استبدال هذه المقاعد التقليدية الأكبر حجماً، وحلَّت محلها عروض درجة رجال الأعمال المُحسَّنة، لذا كان هناك خيارٌ واضح إلى حدٍّ ما للتقليل من درجة رجال الأعمال إلى عرضٍ مُخفَّض للجلوس بين درجة رجال الأعمال والدرجة الاقتصادية”. 

ورغم العديد من التطوُّرات في وسائل الترفيه والاتصال على متن الطائرة، مثل الشاشات التي تعمل باللمس والإنترنت الهوائي وغير ذلك، لم يتغيَّر المقعد الأساسي كثيراً. وقول تينينت: “كانت هناك العديد من المقاعد الاقتصادية الممتازة الجديدة، بعضها مُخصَّص حديثاً والبعض الآخر مشتقٌّ من المنصات الحالية، لكنها جميعاً لا تزال تتَّبِع المبدأ نفسه”. 

ماذا عن المستقبل؟ 

يقول مارتن داربشاير، الرئيس التنفيذي لشركة Tangerine، إن الدرجة الاقتصادية الممتازة “منقذ للحياة بالنسبة لي بصفتي مسافراً من رجال الأعمال يدير شركة خاصة، وبالتالي لا يمكنه السفر على درجة رجال الأعمال متى أردت”. 

ويضيف: “بالنسبة إلى رحلةٍ يومية، فإن الدرجة الاقتصادية الممتازة وسيلةٌ مريحة للطيران مع خدمةٍ ذات جودة معقولة. المقصورة الأصغر ممتازة أيضاً، لأنها توفِّر مساحةً أكثر خصوصية”. 

تحظى الدرجة الاقتصادية الممتازة أيضاً بشعبيةٍ كبيرة بين كبار السن المسافرين في إجازاتٍ يقضونها بالخارج، خاصةً أنه يمكنهم عادةً الحجز مبكِّراً مقابل أسعار أقل.  وبشكلٍ عام، يقول أورسون: “الدرجة الاقتصادية الممتازة ستستمر في جذب المسافرين طوال القامة وكبار السن، أو أيِّ شخصٍ تمثِّل له الدرجة الاقتصادية الكثير من التحديات الجسدية”. 

ولكن بالنظر إلى المستقبل، كما يقول أورسون، “هل يمكن أن يكون هذا النهج هو الذي أطلق الدرجة الاقتصادية الممتازة في المقام الأول؟ (وهو اختيارٌ مدروسٌ لتلك الجوانب من درجة رجال الأعمال التي تهم الركَّاب، مثل اتِّباع نهجٍ أكثر تكنولوجية في الراحة أو خصوصية أكبر أو اتصال مُحسَّن) هل يمكن تطبيقها مرةً أخرى لإطلاق طريقة جديدة للسفر مُصمَّمة بشكلٍ مثالي لتلبية الاحتياجات المتطوِّرة باستمرار لركَّاب المستقبل؟”. 

مهما كان شكل المستقبل، يلاحظ تينينت أن “الطيران ساحة معركة للتمييز بين الخدمات. إذا كان بإمكان شركة طيران واحدة أن تقدِّم -أو تدَّعي- شيئاً أفضل أو مختلفاً أو جديداً مقارنةً بمنافسيها، فإنها ستقدِّم ميزةً تجارية”.

عربي بوست