السياسية:

كشفت صحيفة The Guardian البريطانية أن رئاسة جو بايدن تقدّم فرصة لبداية جديدة بين السعودية وإيران، وذلك من خلال مقالِ رأي نُشر على موقع الصحيفة بتاريخ 31 يناير/كانون الثاني 2021، وكتبَه اثنان من كبار الشخصيات السعودية والإيرانية المقربة من القيادات الدبلوماسية لبلديهما.

كاتبا المقال هما عبدالعزيز صقر، مؤسس ورئيس “المركز الخليجي للأبحاث”، وحسين موسويان، وهو دبلوماسي إيراني بارز سابق وباحث أكاديمي حالياً بجامعة برينستون الأمريكية.

بداية جديدة للعلاقات السعودية الإيرانية

حسب ما جاءت به الصحيفة البريطانية، فإن مقترحات الرجلين تأتي ثمرة لمبادرة النقاشات الخلفية التي كانت جارية بينهما على انفراد منذ شهور، كما لفتت الصحيفة إلى أن مناقشات الرجلين تعد أحد الدروب القليلة للنقاشات الخاصة الجارية بين السعودية وإيران، واستناداً إلى القدر الذي جرت الموافقة عليه من دبلوماسيين عاملين في كلتا العاصمتين، قد تشير المبادرة إلى استعداد جديد من كلا الجانبين لاستخدام رئاسة بايدن فرصةً لاستكشاف السبيل إلى نهايةٍ لسنوات العداء الطويلة بين البلدين.

وكان وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قد لـمّح في وقت سابق خلال مقابلة مع صحيفة “اعتماد” الإيرانية الإصلاحية، إلى نهج جديد لبلاده حيال الأمر، كما أقرَّ بضياع العديد من فرص الحوار مع الرياض، مضيفاً أنه من الضروري أن تكون إيران الرائدة في هذه المبادرة، إذ قال ظريف: “ليس لدى إيران أي مطالبة أو مصلحة في الوصول إلى الموارد الطبيعية لدول المنطقة الأخرى. لذلك فإن إيران هي القادرة على المبادرة بخوض هذا النهج من موقع متقدم، ولا ينبغي أن تنتظر الآخرين للقيام بذلك”.
 

من جانبهما، حذّر صقر وموسويان من عواقب استمرار الصراع بين السعودية وإيران، وكتبا في مقالهما إن البلدين ما زالا تحت رحمة سوء تقدير واحد قد يحيل الحرب الباردة التي طال أمدها بين الدولتين إلى ساخنة، ما قد يفضي إلى عواقب كارثية على المنطقة بأكملها.

فيما قالا الرجلان إن كلا البلدين ينظر إلى الآخر على أنه يسعى للهيمنة على المنطقة، فمن جانبٍ تركن الرياض إلى قناعةٍ بأن إيران تحاول تطويق المملكة بحلفائها من المؤيدين والوكلاء، ومن الجانب الآخر تعتبر طهران المملكةَ حليفةً تعمل مع الولايات المتحدة على تقويض الجمهورية الإيرانية.

كما أشار المقال إلى أن الرياض تتهم إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولٍ ذات سيادة، مثل اليمن وسوريا ولبنان والبحرين والعراق، في حين ترى طهران أن السعودية تفعل الشيء ذاته في هذه البلدان نفسها.

ومن ثم يحث مقال الرأي كلا الجانبين على الاتفاق- ربما بمساعدة الأمم المتحدة- على مجموعة من المبادئ الحاكمة بعدم التدخل، وحرمة الحدود الوطنية، ونبذ العنف، واحترام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، واحترام الأقليات الدينية، والتخلي عن استخدام قوات عسكرية بالوكالة لتعزيز المصالح الوطنية لأي بلد من البلدين.

كما يُفترض بتلك المبادئ أن تدعم قواعد التدفق الحر للنفط والملاحة، وصرف النظر عن السعي إلى حيازة أسلحة الدمار الشامل. ويشدد المقال على أن “تأجيل التهدئة سيكون خطأ فادحاً، إذ لطالما أبانت الأوضاع في المنطقة مراراً وتكراراً أنه أينما تُظهر أي مناسبة نادرة فرصةً للحوار البناء، فإنه يجب اغتنامها بسرعة قبل أن تتلاشى كغيرها”.

ومع ذلك، يعترف مقال الرجلين بأن المهمة قد تبدو مستحيلة، غير أنهما يزعمان أن كلا الجانبين قد اتخذ بالفعل خطوات لبيانِ أنه عازم على تجنب أي مواجهة صفرية، ومن الأمثلة على ذلك التعاون الهادئ بشأن تيسير مشاركة المسلمين الإيرانيين في مناسك الحج.
 

كما تشير الصحيفة إلى تصريحات نُقلت عن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم الخميس 28 يناير/كانون الثاني، وقال فيها إنه قد ينبغي إشراك السعودية في أي مسار يُعنى بمتابعة خطوات تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته إيران من جانب والولايات المتحدة والقوى الأوربية الكبرى والصين وروسيا من جانب آخر. 

كذلك فإن هناك توقعات واسعة النطاق بأنه إذا تمكنت الولايات المتحدة وإيران من العودة إلى امتثال متبادل للاتفاق النووي والمناقشات بشأنه، فإنه سيتعين إتباع ذلك بمفاوضات أخرى بشأن علاقات إيران بجيرانها الإقليميين، بحسب المقال.

فيما رفضت وزارة الخارجية الإيرانية، إجراء أي مفاوضات أو تغييرات جديدة على المشاركين في اتفاق طهران النووي مع الدول الكبرى، بعد أن قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن أي محادثات جديدة يجب أن تشمل السعودية.

حيث نقلت وسائل إعلام رسمية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة قوله إن الاتفاق النووي اتفاق دولي متعدد الأطراف صدَّق عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وهو غير قابل للتفاوض، كما أن الأطراف فيه واضحة وغير قابلة للتغيير، على حد قوله.

* موقع عربي بوست