السياسية:

أولى عدد من كُتاب الرأي في الصحف العربية والمصرية اهتماما بذكرى مرور عشر سنوات على اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني في مصر، التي دفعت الرئيس الراحل محمد حسني مبارك للتنحي بعد ثمانية عشر يوما من الاحتجاجات المتواصلة.

وتساءل كُتّاب عمّا إذا كانت الثورة قد فشلت في تحقيق أهدافها من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، الذي كان شعار الاحتجاجات التي عمّت القاهرة وكثيرا من المحافظات وقتها، وما هي المكاسب التي حققتها.

“كانت حلما جميلا”

يقول عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية: “بعد عشر سنوات كاملة لا يزال البعض يصرّ على الخلط عمدًا أو بحسن نية بين ثورة الشعب خصوصا الشباب، فى 25 يناير 2011، وبين ركوب جماعة الإخوان الإرهابية لهذه الثورة، وخلفها بعض القوى ذات المصالح”.

ويضيف الكاتب أن “الموضوعية والأمانة تحتمان علينا أن نفرق بين من خرجوا فى يناير مطالبين بدولة مدنية حقيقية، وبين من حاولوا سرقة الثورة وعملوا لمصلحة قوى خارجية، وبين بعض الشباب الذين لم ينضجوا سياسيا”.

ويتابع قائلا: “25 يناير كانت حلما جميلا من أجل الحياة الكريمة، ودولة القانون والدستور. فشلها لا يعيب من آمنوا بها، ولكن يعيب من جعلوها تفشل وسهلوا فشلها”.

ويرى حسين أن “ميزة” الثورة المصرية وكل ثورات الربيع العربى أنها “أظهرت أيضا أننا متأخرون عقودا وربما قرونا عن العالم المتقدم، وأن أمراض القبلية والجاهلية والتطرف والتخلف والاستبداد ما تزال كامنة فى نفوس معظمنا، وليس فقط فى عقول حكوماتنا وأحزابنا السياسية”.

عيش حرية عدالة اجتماعية: ما الذي تحقق من مطالب ثورة 25 يناير بعد عشر سنوات؟

ويقول السيد أمين شلبي في صحيفة المصري اليوم: “سوف يسجل التاريخ أنه بين هذا المصير الذى لقيته ثورات الربيع العربى، كانت مصر هى التى نجت، فالملايين التى انتفضت فى 25 يناير 2011 لإسقاط نظام مبارك هى نفسها، وأكثر منها التى انتفضت فى 30 يونيو 2013 لإسقاط ‘حكم المرشد'”.

ويضيف الكاتب: “تضافر مع هذه الثورة ونجّاها من حرب أهلية أن الجيش المصرى مارس مهمته التاريخية فى الالتحام والوقوف إلى جانب شعبه واحتضان أمانيه، ومن هنا سوف يتذكر التاريخ أن ثورة 30 يونيو هى الابنة الشرعية لثورة 25 يناير وتصحيح واستعادة لها، وأنه منذئذ ومصر تسير بثبات على مسار التنمية والنهضة وبناء الدولة الحديثة”.

“لم تفشل.. ولم تمت”

ويتساءل وائل قنديل في صحيفة العربي الجديد اللندنية: “هل حقا فشلت ثورة يناير في مصر؟”

ويقول: “بعد عشر سنوات، كل من استمسك بعروة الثورة شهيد أو سجين أو مطارد في المنفى، أو مفروض عليه السكوت، أو مجبر على الكلام بما لا يعتقد أو يقتنع”.

ويؤكد الكاتب أن ثورة يناير “لم تفشل… ولم تمت بعد، بدليل أنه على مدار عشر سنوات من عمرها يتم طرح السؤال نفسه مجددا: هل فشلت ثورة يناير؟”

بالمثل، يتساءل قطب العربي في موقع عربي 21: “هل ماتت ثورة يناير، وماتت معها مبادئها؟ وهل انتهى جيل يناير، وانتهت معه روح الثورة؟ وهل حققت الثورة مكاسب؟ وهل بقي منها شيء بعد مرور عشر سنوات على اندلاعها؟”

ويضيف: “يحاول نظام الثورة المضادة الحاكم في مصر الآن أن يروج لفكرة موت الثورة، وعدم السماح بتكرارها مجددا حسبما أعلن السيسي مرارا، ويصدق أنصاره هذا الوهم، كما يستسلم نفر ممن انتموا يوما للثورة لهذا الهراء، فيعيشون حالة من اليأس والإحباط دفعت البعض منهم للتركيز على عملهم فقط، ودفعت البعض للكفر بالعمل السياسي، ودفعت البعض للارتماء في أحضان النظام، وتبوؤ مواقع نيابية أو تنفيذية مقابل المشاركة في تشويه الثورة النبيلة”.

ويؤكد الكاتب أن “ثورة يناير كأي ثورة كبرى قد تمرض ولكنها لا تموت، وقد خاضت الثورة العديد من الجولات بين مد وجزر. ومرور عشر سنوات عليها لا يعني نهايتها، فكل الثورات الكبرى احتاجت لسنوات حتى تستقر بشكل كامل وتتمكن من تحقيق كل أهدافها. وطالما ظل في مصر من يحلمون بالتغيير، وهم كثير، فإن مسعاهم سيكلل بالنصر في النهاية، فإرادة الشعب هي من إرادة الله”.

“الدين والوطنية”

وفي صحيفة المجد الأردنية، يتساءل محمود كامل الكومي: “لماذا فقدت اللحظة الثورية زخمها وفعلها، وخمدت نار ثوريتها وانطفأ بريق الثورة، لدرجة أن الحكومة المصرية لم تعد تحتفل بها-متجاهلة مقولة الرئيس السيسي أنه يستمد شرعية وجوده من ثورتي 25 يناير و 30 يونيو – ومتجاهلة نصوص الدستور ذاته؟”

ويقول الكومي إن “انتفاضة” يناير رفعت شعار “(عيش، حرية، عدالة اجتماعية) دون قيادة واعية، مما سهّل اختراقها ومحاولة تزييف وعيها، فتقوقعت داخل الذات القُطرية”.

وفي موقع رصيف، يقول سعيد القرش: “فشلت الثورة لأسباب منها الصراع التقليدي بين القوتين المسلحتين، وهما من القوى المضادة للثورة، وإن ادّعى أي منهما أنه أهل ثورة فهو يقصد الإصلاح الضامن لامتيازاته”.

ويؤكد القرش: “ليست الثورة مسؤولة عن إنتاج شرور انطلقت في الفراغ التالي لإزاحة رأس النظام. الشرور قائمة، وانتظرت رياحا صادف أن 25 يناير أطلقتها، فخرج مارد اليمين الديني للتبشير بإعلان دولة الإسلام”.

ويرى الكاتب أن “الثورة استحقاق حين لا يجدي الإصلاح. ولا تتأخر الثورات عن موعدها، بعد استنفاد المخزون الثنائي التقليدي للتسكين والتغييب: الدين والوطنية”.

ويضيف القرش: “وإذا كان ابن رشد يرى أن تجارة الدين تجد رواجا حيث يشيع الجهل، فإن تجارة الوطنية أكثر رواجا في مجتمعات مريضة بالجهل والخوف من عدوّ مصطنع. وما أتعس ضحايا التدين الشكلي والوطنية القاهرة”.

كالات