السياسية: تقرير – نجيب هبة

تعددت جرائم دويلة الإمارات المارقة في جنوب البلاد ، فمن السيطرة على السواحل واحتلال الموانئ واستغلالها اقتصاديا إلى احتلال الجزر والعربدة فيها وأهمها سقطرى التي لم تترك جريمة حرب إلا وارتكبتها فيها.. إلى نهب النفط والثروة السمكية والآثار وحتى الأشجار والنباتات وماخفي كان أعظم..

وقد تناولت تقارير سابقة تفاصيل عن تلك الجرائم الإماراتية التي مهما أوغلت فيها فلابد للتاريخ أن يحاسبها يوما ما عليها.. وفي هذا التقرير نتناول جانباً مختلفاً من جرائم مشيخة الشر الإماراتية في اليمن.. انها جريمة استقدام المرتزقة الأمريكيين وإدخال ماتوصف بشركات الأمن الخاصة الأميركية والتي تعد في حقيقتها شركات اغتيالات إجرامية.. وما نتج وينتج عن إدخالها من جرائم على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاجتماعية والشخصية ، وتدمير الأمن القومي في المحافظات الجنوبية..

ففي وقت سابق، قدم تحقيق استقصائي – نقلته وكالة الأناضول عن مصادر أميركية – عددا من الأدلة توضح وقوف الإمارات وراء جرائم اغتيالات ضد عدد من الشخصيات اليمنية نفذها فريق اغتيالات متخصص تابع لشركة أمن أميركية.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن موقع “بزفيد” أن الإمارات منحت دور الوساطة للمدعو محمد دحلان مستشار ولي عهد أبوظبي للتعاقد مع شركة الأمن الأميركية الخاصة “سبير أوبريشن” المكونة من عسكريين سابقين بالقوات الخاصة بهدف تشكيل فرقة مرتزقة مهمتها اغتيال شخصيات سياسية وأكاديمية ودينية وعسكرية .

ونقل الموقع عن أبراهام غولان، القائد السابق لبرنامج الاغتيالات في فرقة المرتزقة التي استأجرتها الإمارات في اليمن، وهو متعاقد أمني مجري إسرائيلي، أن “برنامج الاغتيالات المستهدفة في اليمن جاء بتكليف من الإمارات”.

ويسلط لجوء نظام الإمارات الإجرامي إلى شركات عسكرية خاصة أميركية مرتزقة ، الضوء على تطورات عدة تشهدها الحروب والصراعات الحديثة، ومن أبرزها تحول الحروب من النمط التقليدي -الذي كان يركز على تدمير القواعد الجوية أو ترسانات الأسلحة – إلى اغتيال أشخاص معينين بشكل مشابه لأسلوب الجرائم العالمية المنظمة، بحسب الموقع.

كما يكشف الموقع عن ماوصفها ب “خصخصة الحروب”، ومزيد من الاعتماد من قبل الدول على شركات خاصة أدت الحروب الأميركية في العراق وأفغانستان إلى إنشاء العديد منها بعد عودة الآلاف من عناصر القوات الخاصة من أرض المعركة، وتأسيسهم لها بدلا من التقاعد عن العمل العسكري ، الأمر الذي يجعلهم يتحولون تلقائياً لقتلة محترفين يسعون وراء المال على حساب الضحايا الذين ينهون حياتهم عبر رصاصات كاتمات الصوت.

القتل مقابل المال

وأفاد موقع “بزفيد” بأن ضابطا إماراتيا قدم للمرتزقة قائمة اغتيالات بها 23 بطاقة لشخصيات سياسية وعلماء دين، كما أنهم حصلوا على 1.5 مليون دولار شهريا مع مكافآت خاصة عن كل عملية اغتيال ناجحة.

كما أكد غولان أن الصفقة التي جلبت المرتزقة الأميركيين إلى عدن تم الاتفاق عليها خلال وجبة غداء في مطعم إيطالي بنادي الضباط في قاعدة عسكرية إماراتية في أبو ظبي، وكان مضيفهم فيها دحلان.

وعرّفت “سبير أوبريشن” عن نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها شركة أمن أميركية خاصة، تقدم مجموعة متنوعة من الخدمات العسكرية والأمنية من التدريب على إطلاق النيران، لحماية مسؤولين ورجال أعمال، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار، وخدمات الأمان الرقمي ضمن تقنيات الحرب الإلكترونية.

تعريف منمق ومغلف بمصطلحات توحي بتقديم خدمات إيجابية وهو مايخفي في طياته كل أنواع الجرائم والتدمير الذي تقوم به هذه الشركات التي لا تستند إلى أي قوانين ويعد عملها مخالفاً لكل قوانين حقوق الإنسان الدولية والأعراف والقيم الدينية والمجتمعية التي تعرفها الدول والمجتمعات..

العمل في المنطقة الرمادية

ومع ذلك، فإن القانون الأميركي لا يجرم الأنشطة العسكرية الخاصة، أو عمل مواطنين أميركيين مرتزقة صراحة.. فهو يسمح بالخدمة في جيوش أجنبية، ومن هنا تبرز معضلة قانونية، للتغلب على الطبيعة الرمادية التي تنشط فيها مثل هذه الشركات. وقد رجح خبراء – لموقع بزفيد – بأنه من الصعب جدا ألا تكون الولايات المتحدة على علم بذلك..

وفي السياق.. عبر المركز الأمريكي للعدالة عن قلقه حول استمرار عمليات الاغتيالات التي تستهدف الكوادر السياسية والدينية والإعلامية والأكاديمية في المحافظات الجنوبية وهذه الاغتيالات تشترك في شيء واحد هو إفلات منفذيها من العقاب.. وهو مايعني بالضرورة تغاضي القوة المسيطرة على الأرض عن هذه العمليات وهو المجلس الانتقالي الجنوبي ومن خلفه نظام أبوظبي الاجرامي.

ودعا المركز الأجهزة الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي إلى سرعة تقديم المتهمين في ارتكاب المئات من جرائم الاغتيالات إلى العدالة وفقاً للقوانين النافذة.

من جانبها ، كشفت قناة الجزيرة القطرية في تحقيق حمل عنوان “أحزمة الموت”، أن المسؤول الأول عن عصابة الاغتيالات في عدن كان يعمل مع الإماراتيين وتحديدا مع “أبو خليفة”.

وذكر تحقيق الجزيرة ، الذي أجرته في وقت سابق من هذا العام ، أن عناصر من تنظيم القاعدة نفذت عمليات اغتيال بتوجيه من ضباط إماراتيين.. وشهد جنوب اليمن بين عامي 2015 و 2019 ما يزيد عن 120 عملية اغتيال حسب ما وثقته تقارير أممية.

وقالت الباحثة المختصة في الشأن اليمني بجامعة أكسفورد إليزابيث كندال إن معظم عمليات الاغتيال أو محاولات اغتيال أئمة المساجد في عدن نفذها أناس كانوا يقودون دراجات نارية، في حين تم تنفيذ بعضها الآخر عن طريق قنابل مزروعة على الطرق، لكن في كلتا الحالتين فإن من قاموا بتنفيذ تلك العمليات كانوا على درجة عالية من الاحتراف.

ونشرت وسائل إعلام غربية معلومات عن قيام مرتزقة أمريكيون يعملون في مجموعة الرمح (Spear) ، بتنفيذ عمليات اغتيال ضد شخصيات حددتها لهم قيادات إماراتية.

أبوظبي استأجرت 30 ألف مُرتزق

وفي ذات السياق، كشفت منظمة رايتس رادار والمعهد الدولي للحقوق والتنمية عن أن الإمارات استأجرت أكثر من 30 ألف مُرتزق من 4 دول في أمريكا اللاتينية.

ونقلت صحيفة الراية القطرية عن المنظمتين إن من بين ال30 ألفاً نحو 450 مُرتزقاً على الأقل نشرتهم الإمارات في اليمن بعد أن تلقوا تدريبات على يد أمريكيين.

وأشارت المنظمتان إلى أن نظام أبوظبي استأجر مُرتزقة أمريكيين لتنفيذ اغتيالات بارزة في اليمن وقد نفذوا بالفعل عدة عمليات في عدن ومدن أخرى أسفرت عن اغتيال عشرات السياسيين والشخصيات المؤثرة خلال السنوات الخمس الماضية.

وأكدتا أن المُرتزقة الذين نشرتهم الإمارات في اليمن مهمتهم هي تنفيذ اغتيالات في عدن ومدن أخرى. وأشارت المنظمتان إلى أن هؤلاء المُرتزقة يستغلون تغاضي الأمم المتحدة عن انتهاكاتهم لحقوق الإنسان في اليمن لمُواصلة جرائمهم دون مُحاسبة.

وأضافتا أن أكثر من 80% من السياسيين والبرلمانيين والإعلاميين اليمنيين أجبروا على النزوح داخلياً أو خارجياً، بحثاً عن الأمان، حيث أصبحوا أهدافاً محتملة للاغتيالات.. مؤكدتين أن الحق في الحياة داخل اليمن أصبح في خطر شديد، وهو بحاجة ماسة إلى إجراءات جادة وفعّالة من الأمم المتحدة؛ وليس مجرد كلمات لطيفة. واختتمت قائلةً “لقد طفح الكيل”.

مرتزقة أمريكيون وفرنسيون

من جهتهما ، أعلنت منظمتان حقوقيتان، اعتزامهما تقديم دعاوى أمام القضاء الدولي، ضد مرتزقة أمريكيين وفرنسيين، نفذوا جرائم اغتيالات ضد قيادات يمنية في مدينة عدن.

وقالت منظمة “سام” للحقوق والحريات ومقرها جنيف، ومنظمة “إفدي” الدولية لحقوق الإنسان ، في بيان مشترك، انهما تعتزمان تقديم دعاوى قضائية ضد المرتزقة، بسبب ارتكابهم جرائم حرب في اليمن خلال الأعوام الماضية.. مشيرتان إلى أنهما ستتقدمان ببلاغ للجهات القضائية في فرنسا ضد المرتزقة الفرنسيين.

وأضاف البيان إن “موقع جي فوروم الإسرائيلي نشر معلومات بشأن استئجار الفلسطيني محمد دحلان مرتزقة أمريكيين وفرنسيين لتنفيذ اغتيالات ضد سياسيين يمنيين ، عمل غير قانوني وتجرمه قوانين البلدين (أمريكا، وفرنسا)”.

وشددت المنظمتان على أن “حجم المعلومات الواردة في التقرير الصحفي وتفاصيل الاتفاق، تثير كثيراً من الأسئلة حول كثير من الاغتيالات التي حدثت في مدينة عدن خلال الفترة السابقة، حيث اغتيلت اكثر من 120 شخصية ما بين سياسي وعسكري ورجال دين”.

وأشارتا إلى أن المرتزقة “قاموا بشكل فعلي بقتل العديد من هؤلاء مقابل امتيازات مالية كبيرة، مما يشكل جريمة استخدام المرتزقة في سياق نزاع مسلح، وجريمة القتل المتعمد لأشخاص يُفترض أنهم محميون بموجب القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان والقانون الداخلي، ومجرَّم في القانون الفرنسي والأمريكي”.

الإفلات من العقاب

وقالت المنظمتان إنه “يجب أن يشعر اليمنيون بالأمان، وأهالي الضحايا بالإنصاف والمساندة في ظل ما وصل إليه الوضع الحقوقي والإنساني في اليمن من انتهاكات وتدهور، واستمرار منتهكي حقوق الانسان في الإفلات من المتابعة القضائية والعقاب”.

وأكدتا “سام، وإفدي” أنهما “تسعيان إلى تحقيق العدالة الدولية للضحايا ومتابعة مجرمي الحرب أمام القضاء الدولي، حيث ستتقدمان ببلاغ للجهات القضائية في فرنسا ضد المرتزقة الفرنسيين بسبب ارتكابهم جرائم قتل خارج نطاق القضاء وجرائم حرب في اليمن، وذلك وفقاً للمعطيات المتوفرة والاعترافات المسجلة، وبناءً على ما ينص عليه القانون الجنائي الفرنسي من عقوبات في حق المرتزقة”.