السياسية :

تعالت أصوات من بعض الأوساط العلمية والسياسية الدولية معبرة عن قلقها من اعتزام وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” استخراج موارد القمر بما قد يتعارض مع بنود القانون الدولي ويقود العالم إلى صراع دولي تتعارض فيه مصالح بعض الدول التي تمارس أنشطة على القمر وتتنافس على تحقيق التفوق العلمي فيما يخص الخبايا الكونية.

ولا عجب أن تدور النقاشات اليوم حول تحديث أنظمة القانون الدولي بمعاهداته واتفاقاته التي أُبرمت في وقتٍ لم تكن فيه هيمنة الدول الكبرى قد تخطت الغلاف الجوي، كما لم يكن معلوما حينها أن الأقمار والكواكب الموجودة في مجموعتنا الشمسية تحوي ثروات طبيعية كالحديد والتيتانيوم اللذيْن يزخر بهما القمر. فمعاهدة الفضاء الدولية لعام 1969 تحتاج إلى مزيد من التعزيزات، والدول الأكثر تقدما تطالب اليوم بسن قوانين مفصّلة وخاصة بمجال الفضاء، يمكن على أساسها رسم ملامح معاهدات تقاسم ثروات الفضاء وإنشاء نظام تراخيص للبحث والتنقيب والاستغلال، مع فرض التزامات محددة على الدول والشركات المهيمنة على حصص السوق الفضائية.

وهذه الأيام، تحتدم الخلافات بعد أن عبّرت “ناسا” عن رغبتها في الحصول على كميات كبيرة من الصخور والأتربة القمرية، فاتحة الباب أمام العروض المقدمة من شركات القطاع الخاص، داخل الولايات المتحدة وخارجها، على أن تصبح المواد التي يتم جمعها وإحضارها إلى الأرض بحلول عام 2024، ملكية حصرية لوكالة الفضاء “ناسا”، في أحدث خطوة تتخذها “ناسا” للتسويق لخططها في استكشاف الفضاء.

وأبدت ناسا استعدادها لدفع ثمن عينات يتراوح حجمها بين 50 و500 غرام، أي ما يعادل نصف كيلوغرام عند وزنها على الأرض، وذلك كجزء من خطة أكبر تعتزم ناسا من خلالها التجهيز لإرسال أول امرأة إلى القمر بحلول عام 2024، في إطار التحضير لحقبة جديدة من الاستكشاف. فلدى ناسا عشرات المشاريع الأخرى قيد العمل والإنشاء من أجل الاستعداد لهذه المهمة.

وعلى الرغم من الآراء المشككة والغاضبة من تصرفات وكالة الفضاء الأمريكية دون انتظار نتائج النقاش القانوني، إلا أن ناسا تؤكد أن الحكومة الأمريكية، غير الموقعة على معاهدة القمر لعام 1979، تهدف من التحركات الأخيرة إلى حشد دعم وتوافق دولييْن حول ما يخص استخدام الموارد العامة والخاصة في الفضاء الخارجي، من أجل تحفيز استثمارات القطاع الخاص في مجالات استكشاف الفضاء بما يوسّع ساحة الاستثمار ويحقق أرباحا تفوق أموال دافعي الضرائب وتعود على البشرية بالنفع الكبير.

ولا تنحصر اهتمامات وكالة ناسا على موارد القمر، بل تتوسع بالشراكة مع وكالة الفضاء الأوروبية للحصول على عينات التربة من المريخ إلى الأرض. فالنيزك الذي تم اكتشافه مؤخرا في القارة القطبية الجنوبية أثبت أن أية ذرة تراب تأتي من الفضاء يمكنها أن تفتح الباب أمام اكتشافات كبرى.