السياسية || محمد محسن الجوهري*

لا يُطلق الله - سبحانه وتعالى - تحذيراتٍ عبثية في كتابه الكريم، وعندما حذرنا من الأعراب، فلخطورة دورهم النفاقي على واقع الأمة، بدليل ما نراه اليوم على يد أسرة آل سعود من تماهٍ مع المشروع الصهيوني، على حساب ثوابت الأمة الإسلامية كقضية فلسطين التي تاجرت بها تلك الأسرة المارقة منذ عهد مؤسسها الأول، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.

وكما نرى اليوم، فإن آل سعود وكذلك سائر الأعراب، يعشقون السلطة والمكاسب المادية بنهم، وعلى استعداد أن يضحوا بأي مبادئ دينية في سبيل أهدافهم الدنيوية الرخيصة، وقد وجد فيهم الغرب الكافر ضالته لضرب الإسلام والمسلمين من الداخل، فكانت الوهابية هي نتاج التزاوج الكبير بين الصهيونية وآل سعود، وما نتج عنها من مؤامرة كبرى على المسلمين كافة، وقد أمعن آل سعود في عداوة الإسلام والرسول، وتبنوا كل ما يخدم اليهودية من عقائد وطقوس وسياسات.

فحربهم الأولى كانت على الرسول (ص) نفسه، وقد عمدوا إلى هدم كل الآثار النبوية المتعلقة بالرسول وآل بيته الأطهار، ومنعوا حتى الاحتفال بالمناسبات الدينية المرتبطة بالرسول، كالمولد النبوي والهجرة وغيرها من المناسبات الإسلامية.

وعوضاً عنها أقروا مناسبات احتفالية أخرى لا علاقة لها بالدين، كالاحتفال باحتلال آل سعود للحرمين، ويوم وصولهم للسلطة، إضافة إلى تقديس كل ماله علاقة بمؤسس كيانهم والاحتفاظ بمقتنياته العفنة، وفي ذلك إقرار منهم بأن تاريخ دولتهم يبدأ من هناك، وليسوا امتداد للرسالة النبوية التي يرون بأن الحديث عنها مجرد بدعة وضلالة.

أمّا على الصعيد السياسي، فقد تكفل آل سعود بهدم الوحدة الإسلامية، وبث النعرات الطائفية والمذهبية، وتشجيع الاقتتال الداخلي في كل البلاد الإسلامية، وتشويه الإسلام عبر الجماعات التكفيرية التي لا تمثل من الدين شيئاً، وإنما هي وسيلة لتهويد المسلمين باسم الإسلام.

والأدهى من ذلك، تحرُّك النظام السعودي العلني في الدفاع عن الكيان الصهيوني، ومحاربة كل من يدعو إلى تحرير فلسطين، وشيطنة الأنظمة الإسلامية المناصرة للقضية الفلسطينية، ومحاربة أي فصيل فلسطيني يسعى لتحرير فلسطين، كما هو ظاهر في حربها العلنية ضد حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية.

ومؤخراً، وخلال العقد الأخير، انهمك النظام السعودي في عدوانٍ غاشم على الشعب اليمني، بعد أن أعلن عن ثورته المستمدة من ثوابت الأمة، والحريصة على وحدة المسلمين في مواجهة أعدائهم من اليهود الصهاينة وحلفائهم.

وبعدوانهم على اليمن أقدم آل سعود على خطوة من شأنها سقوط نظامهم المتداعي، فالحرب مع اليمن مؤشر على هلاك أي دولة عبر الأزمان، وما نراه من تغييرات جذرية في القواعد الثقافية السعودية إلا مقدمة لتغيير كبير ستشهده بلاد الحرمين عما قريب، والسيناريوهات لسقوطهم متعددة، أبرزها الاقتتال الداخلي فيما بينهم، أو الانتفاضة المسلحة على يد الوهابية نفسها، حيث تسعى دول أخرى -بينها قطر- إلى استثمار ذلك الفكر لضرب السعودية في عقر دارها.

ولا ننسى أن نصف السعودية من اليمن، ليس على مستوى الجغرافيا وحسب، بل حتى العامل السكاني، وفي ذلك مؤشر آخر على أن المستقبل في المنطقة "يمانيٌ" بامتياز، وهذه بشارة لكل الأمة الإسلامية، فعز اليمن من عز المسلمين كافة، ويشهد بذلك الواقع اليمني بعد المسيرة القرآنية، ومشروعها العظيم، بقيادة ورثة الكتاب من آل محمد (ص).

* المقال يعبر عن رأي الكاتب