30 نوفمبر.. ذكرى استقلال وطن
محمد صالح حاتم*
سيظلُّ الـ30 من نوفمبر 1967م يومًا خالدًا في سجلات التاريخ اليمني الحديث؛ لارتباطه بحدَثٍ عظيم وهو خروج آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، وإفشال مشروع الجنوب العربي.
رغم طول مدة احتلال بريطانيا لجنوب اليمن والتي امتدت من 19 يناير 1839م حتى 30 نوفمبر 1967م، والتي بقيت 128 عاماً، مارست كُـلّ أشكال القمع والإرهاب بحق اليمنيين، واستخدمت كُـلّ الوسائل حتى استطاعت السيطرة على تلك المحافظات، ومنها سياسة «فرِّقْ تَسُدْ»، والتي تجيد استخدامها؛ فقامت بتقسيم المحافظات الجنوبية إلى 21 سلطنة ومشيخة، وعيَّنت عليها سلاطين ومشايخ موالين لها، وكانت بريطانيا تحلُمُ بالبقاء في عدن والمحافظات الأُخرى؛ نظرًا للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به، والسيطرة على ميناء عدن، ولكن مع الثورات العربية التحرّرية التي انطلقت في أربعينيات القرن العشرين ضد الاحتلال الأجنبي البريطاني والفرنسي والإيطالي، انطلقت ثورة 14 أُكتوبر 1963م ضد الاحتلال البريطاني، والتي استمرت حتى رضخت بريطانيا وأعلنت مرغمة خروجَها من جنوب اليمن مهزومة مدحورة.
كانت بريطاني تسعى لخلق اتّحاد جديد تحت ما يسمى بالجنوب العربي والذي أعلنت عن تأسيسه في عام 1959م مكوّن من 12 سلطنة ومشيخة، انضمت إليه فيما بعدُ عدن، ولكنها فشلت في ذلك، وأصرت على هذه التسمية بعد ثورة 14 أُكتوبر 1963م، وكانت تسعى أن يكون اسم جنوب اليمن بعد الاستقلال الجنوب العربي؛ بهَدفِ تغيير هُويته اليمنية، حتى لا تتحقّق الوحدةُ اليمنية، ليبقى اليمن مقسَّمًا إلى كنتونات صغيرة، ولكنها فشلت بفضل الله سبحانه وتعالى ورفض اليمنيين الأحرار الذين كانوا يفاوضونها في جنيف قبل إعلان الاستقلال.
واليوم وبعد أكثر من نصف قرن نسمعُ من ينادي بإعلان دولة الجنوب العربي، ويتبنى هذا المشروع البريطاني، متناسيًا أن اليمن وُجد واحدًا، وسيبقى واحدًا ولن يستطيع أحد فصل الهوية اليمنية عن جزْء من أرض اليمن، وأن تضحيات وصمود أبناء اليمن 9 سنوات ضد تحالف العدوان، لن تذهبَ هدرًا.
فما فشلت فيه بريطانيا في الماضي لن تحقّقه اليوم، وإنَّ عملاءها مصيرُهم مزبلةُ التاريخ، وإن إعادة الاعتبار لثورة 14 أُكتوبر و30 نوفمبر ستحدث قريبًا، وسترحل القواتُ الأجنبية عن كُـلّ شبر من تراب اليمن السعيد.
* المصدر: صحيفة المسيرة