شهداؤنا.. دماءٌ نبتت بأرض اليمن وطلعٌها في سماء فلسطين
السياسية || محمد محسن الجوهري
لا جَرَمَ اليوم أنَّ اليمانيين كافةً، بمختلف مشاربهم ومناطقهم، يتباهون بمواقف صنعاء السياسية والعسكرية المناصرة لأهلنا المظلومين بغزة وسائر أرض فلسطين، ويقف جميعهم إجلالاً لإنجازات القوات المسلحة، سواءً الجوية منها، أو تلك التي في البحار.
كما ينتظر اليمنيون قاطبة على أحرِ من الجمر، ظهورَ الناطق العسكري للقوات المسلحة اليمنية، وهو يتلو بكل شموخ، بيانات النُصرة لغزة، في زمنٍ عزَّ فيه الناصرُ لمظلومية الشعب الفلسطيني بين العرب، واكتفى أغلبهم بالصمت، وبعضُهم قد سارع في الخيانة، كما هو حال السعودية وممالك الخليج.
وهنا يتبادرُ إلى ذهنِ كلِ يمني تساؤلٌ بديهي، ماذا لو كان تحالف العدوان على اليمن، بقيادة المملكة والغرب، قد نجح في احتلال البلاد، وإعادتها إلى كنف الوصاية الخارجية؟
لا شكّ بأن موقف اليمن تجاه فلسطين كان سيختلف إلى حدٍ بعيد، وسيكون متمماً للهوان العربي السائد، كما هو حال حكومة الفنادق الموالية للرياض وأبوظبي.
ولربما كان اليمن في عدادِ المهرولين إلى معسكر التطبيع والخيانة، ولربما كان الصهاينة يتجولون في شوارع صنعاء كما يفعلون ذلك في معظم العواصم العربية، ابتداءً من الرياض وحتى الخرطوم.
إلا أنَّ ذلك الكابوس لم يُكتبْ له النجاح رغمَ حجم العدوان على اليمن وطول مدته، والفضل في إفشاله بعد الله يرجع إلى تضحيات الشهداء العظيمة، والتي حالت كسدٍ عملاق دون إصابة اليمن بالصغار والاحتلال، ومكنت البلاد من الظهور بقوةٍ وثباتٍ في مسرحِ السياسة العالمي.
ولولا تلك التضحيات اليمانية الزكية، ما رفع كلُ يمني رأسَه وهو يشاهد مسيرات اليمن وصواريخه تقصف مستعمرات اليهود في ام الرشاش المحتلة المسماة حاليا إيلات، ولما رأينا بحريتنا تقتاد السفينة الصهيونية في عمق البحر الأحمر، وتجبر الأسطول الأميركي على مغادرة مياهنا الإقليمية.
إنَّ ما نحظى به اليوم من الفخر والكرامة والقوة، هي نتاج دماء الشهداء الذين انطلقوا للقاء الله في وقتٍ تلاشى فيه أغلب الناس، وخاضوا بإمكانياتٍ محدودة معاركَ ضارية مع جحافل الغزاة، التي جاءت مصحوبةً بأعتى وسائل الدمار وأعنف آلات الحرب.
ومع مرور كل صباح، يظهر لنا جلياً ثمارُ تضحيات الشهيد اليمني، وكيف استطاعت انتشال وطنه من مربع الوصاية إلى محور القوة والجهاد، وجعلت لأول مرة اليمن يتصدر المعسكر الإسلامي المدافع عن فلسطين.
كما لا ننسى أن البصيرة التي انتهجها أولئك العظماء، هي من وهبت لدمائهم كل هذا العطاء، في وقتٍ سقط فيه أضعاف أعدادهم في صف الخيانة والارتزاق، وصاروا إلى العدم في ذات اللحظة التي صُرعوا بها.
والوفاء لذلك كله، أنّ يستمر اليمانيين في نهج الشهداء العظماء، والبناء عليه حتى تنتصر مظلومية فلسطين، ويسترجع شعبها حقوقه المشروعة كافة؛ وهذا عهدنا لهم إلى قيام الساعة.
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع