قتل الفلسطينيين المدنيين جريمة حرب ، فكيف بقتل الاطفال الابرياء منهم ؟
ٲ. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*
بلغ عدد الشهداد الفلسطينيين في غزة وحدها ازيد من 9000 شهيد وشهيدة، وازيد من 21000 جريح وجريحة، وصل عدد الأطفال منهم قرابة 40% وعدد منهم لم يتجاوز عمره العام الأول تقريباً ، وهذه البيانات هي حصيلة المجازر حتى يوم الثلاثاء بتاريخ 31/اكتوبر / 2023 م ، وهذه الأعداد المهولة من الضحايا جاء بسبب جرائم العدو الإسرائيلي الصهيوني الذي حدث ووقع بتفويض مباشر ووقح من قبل حكام واشنطن ولندن وباريس وبرلين ومن عدد من عواصم دول الغرب في حلف شمال الاطلسي العسكري العدواني.
قال أحد المتحدثين باسم منظمة اليونيسف الدولية، إن غزه أصبحت مقبرة للاطفال وهو بسبب القتل المتعمد من قبل آلة الجيش الإسرائيلي التي تقتل يوميا الأطفال مع اسرهم بالعشرات أمام مرأى ومشهد من العالم كله.
كل تلك الجرائم الخطيرة في حق الإنسانية ارتكبت خلال ثلاثة اسابيع فحسب ، تم ابادتهم بدم بارد وبتفويض علني من قبل رؤساء ووزراء دول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والمانيا ، اي أن هؤلاء القتلة لاطفال فلسطين هم شركاء مباشرين للعدو الإسرائيلي الصهيوني في هذا القتل البشع والمروع للابرياء من السكان المدنيين الفلسطينيين.
هذه الحرب العدوانية المتوحشة التي شنها آلة الحرب الإسرائيلية ، ورصدتها كاميرات القنوات الفضائية الحرة كقناة الميادين ، وقناة المنار اللبنانية ، وقناة العالم الإيرانية ، وقناة TRT التركية ، وقناة RT الروسية وقناة المسيرة اليمنية وقناة الساحات اليمنية ، جميعها تنقل بالصوت والصورة كل تلك المآسي الإنسانية التي تعرض لها المواطن الفلسطيني الأعزل من اي سلاح ، قصفت منازلهم وهم بداخلها ، وحينما غادروا منازلهم باتجاه المستشفيات والمراكز الصحية ومدارس الانروا التابعة للامم المتحدة ، وقاعات الأفراح وخلافه ، الا ان آلة القتل الاسرائيلية طاردتهم إلى حيث ياوون ودمرت المستشفيات فوق رؤوس مرضاها واطبائها وطالبي الامان فيها مثل مستشفي ( المعمداني ) الذي استشهد بها ازيد من 500 انسان في لحظة واحدة ، ومباني ( مخيم جباليا ) الذي استشهد وجرح به ازيد من 400 انسان.
وكل ذلك القتل المجاني البشع من قبل العدو الصهيوني الإسرائيلي حدث بموافقة مباشرة من قبل حكام واشنطن ولندن وباريس وبرلين وغيرها من عواصم دول حلف شمال الاطلسي
ما اشبه الليلة بالبارحة ونحن نشاهد آثار الدمار والقتل وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ الذي يتعرض له الأبرياء من الفلسطينيين في قطاع غزه ، ما يشاهده العالم اليوم وعبر القنوات الفضائية العالمية من فضائع الهولوكست الفلسطيني ، ان ذبح آلاف الأطفال الفلسطينيين هو الهولوكوست بعينه ، وهي جريمة العصر مع فارق معلن وهو ان هناك شركاء لقتل وذبح الأطفال الفلسطينيين من قبل جيش وحكام دولة العدو الإسرائيلي وشركائهم الحكام في اميركا ،بريطانيا وفرنسا والمانيا ، هؤلاء الشركاء لا يقلوا اجرام عن المجرم القاتل الصهيوني المباشر ، اما في هولوكوست اليهود الضحايا في المانيا النازية فقد كان النازيون وحدهم المسؤولون عن كل تلك الجرائم .
كنت ذات يوم من أيام دراستنا للغة الألمانية في شرق المانيا في النصف الثاني من ثمانينات القرن العشرين وفي زيارة طلابية استطلاعية لمجموعتنا الدراسية ، تلك المجموعة المكونة من عشرين طالباً اجنبياً من عدد من بلدان العالم ، وهم المجموعة [ C ] من طلاب معهد اللغة الألمانية هيردر لدراسة اللغات الأجنبية التابع لجامعة لايبزج في ولاية ساكسونيا ، وكان اسمها يوم ذاك جامعة كارل ماركس في زمن ال DDR ، جمهورية المانيا الديمقراطية .
ادارة معهد ال هيردر تنظم مجموعة من الزيارات لطلابها الأجانب إلى محافظات ومقاطعات المانية ذات طبيعة سياحية أو امكنة تحوي آثار تاريخية تمجد لتاريخ الأمة الجرمانية ، وتعظم لبطولات الأمة الألمانية وما اكثرها من امكنة تاريخية هامة ومتاحف وساحات وقلاع وقصور عملاقة وحدائق تكتنزها المانيا بجزئيها الشرقي والغربي.
احدى هذه الزيارات كانت لمدينة فايمار الجميلة وضمن جدول الزيارة ذهبنا إلى معسكر اعتقال كبير / بوخن فالد وهو عبارة عن معسكر اعتقال واسع صممه النازيون الالمان لكي يمارسوا فيه أبشع الجرائم لقتل اليهود وبقية الاقوام الذين يتعارضون فيه مع فكر وسياسة ورؤية النازيون للحياة في المانيا .
مع العلم انه قد تضاعف عدد المخيمات أربع مرات بين سنة 1939 وسنة 1942 ليصل إلى 300 معسكر اعتقال أو يزيد، حيث كان يُسجن في تلك المعتقلات العمال العبيد ، ومن الجنسية السلافية ، من ( الروس ، والتشيك ، والبلغار ، والبولنديين ….. الخ ) ، ومن مختلف أنحاء أوروبا واليهود والسجناء السياسيون والمجرمون وفئة المثليين جنسياً ، ومن طبقة الغجر المنتشرين في أوروبا.
وكانت هذه المعتقلات وايواء المطلوبين فيها يتم في الأعم دون أي إجراء قانوني ، بل ان ذلك السجن يتم حشر المطلوبين فيه بطريقة تعسفية ومن بين معسكرات الاعتقال هي معسكر : بوخنفالد الذائع الصيت ، وهو واحد من أكبر محتشدات الاعتقال التي أنشأها النازيون وهو متصل بمخيمات كثيرة.
بني المخيم عام 1937 في منطقة الغابات على السفوح الشمالية لإترزبرغ حوالي خمسة أميال شمال غرب مدينة فايمار الجميلة في ألمانيا الشرقية .
بطبيعة الحال هناك جرائم ارتكبها النازيون الالمان ضد العديد من الفآت والاقوام والطبقات ، لكن اليهود هم وحدهم من يتم تكرار وترديد ماساتهم دون سواهم ، وهذا امر معروف ومفهوم عنهم لدي طبقة المثقفين الاوروبيين ، بأن اليهودي وحده يحاول أن يحتكر الماساة والفواجع لذاته ، وهذا ديدن وفلسفة مفكريهم ومنظريهم المعتقين ، والا كيف يمكن ان نفسر ذلك الحدث التاريخي بشأن ضحايا الحرب العالمية الثانية الذي تشير بياناته بموت وضياع قرابة 60 مليون انسان أوروبي وهم من معظم الجنسيات الأوروبية التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية ، لكن لايذكر للمستمع والقارئ العادي سوي 6 مليون يهودي تم احراقهم في هولوكوست النازيين الالمان ، ويتم تجاهل البقية الباقية من الملايين الاوربيين ، هكذا يتم احتكار الفاجعة من قبل اليهود وحدهم .
وقد اشار المفكر العربي / فاضل الربيعي بأنها ( صنيعة ) وصنعة خاصة باليهود علي مدار التاريخ ، هو احتكار المأساة والفاجعة لليهود بمفردهم ، ولذلك قد سجلوا في ما كان يعرف بالسبي البابلي بقياد القائد نبوخذ نصر بأن اليهود والإسرائيليين وحدهم قد تم سبيهم ونقل اطفالهم من اليمن ( من سباء وحمير ) إلى أرض بابل العراق دون سواهم من القبائل اليمنية ، لان منظريهم تاريخيا قد احتكروا توثيق الفاجعة دون سواهم من الاقوام والقبائل.
قتل الأطفال الفلسطينيين في رحاب غزه الطاهرة نستخلص منها الدروس والعبر الآتية :
اولاً :
بسم الله الرحمن الرحيم ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ) صدق الله العلي العظيم .
هذه الآية القرآنية الكريمة تمجد فئة الطفولة واقرنها بالمال كزينة للانسان في الحياة ، وبالتالي فهي تحمل خصوصية الجمال للانسان والتميز والتقرب إلى الله والأعمال الايمانية عبر فئة الطفولة الطاهرة التي وهبها الله الروح كي تصبح ذات شان في الحياة المستقبلية.
ثانياً :
قداسة الروح للانسان عند الله غالية وعالية جدا جدا جدا ، لكن قداسة الروح عند الله بالنسبة للاطفال تكون مضاعفة لفئة الأطفال يقول الحديث النبوي الشريف [ لأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم ]
وبالتالي فان قتل البشر العزل الآمنين في رحاب غزه المباركة هي جريمة حرب ، سيحاكم في قادة العدو الصهيوني وحلفائهم الاشرار من القادة الامريكان ، والفرنسيين ، البريطانيين والالمان.
ثالثاً :
هذه الجريمة النكراء لقتل الاطفال هي شراكة القتلة بالتساوي بين كل العواصم المجرمة ، بين تل ابيب وواشنطن ولندن وباريس وبرلين.
رابعاً :
تخاذل الحكام العرب عن أداء دورهم الاخوي والديني والانساني تجاه الإنسان الفلسطيني في رحاب غزه ، وتقاعسهم عن أداء واجبهم في حماية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشرفين ومسرى رسولنا الأعظم محمد صلي الله عليه وسلم ، تعد جريمة وعيب اسود يلف وجيه العرب والمسلمين في جميع اصقاع العالم ، باستثناء من خرج منهم يقاوم المحتل ، باي طريقة للمقاومة لدعم احرار فلسطين.
خامساً :
يتعرض الشعب العربي الفلسطيني اليوم لمحرقة بشعة أمام مرئي العالم كله ، ولم يحرك النافذون المسيطرون علي القرار العالمي في هذا العالم باية مواقف جاده لايقاف هولوكوست أطفال فلسطين ، وما يحدث اليوم في غزه لاطفال فلسطين قد حدث ما يشابهه لليهود المسالمين بالامس في زمن النازية الالمانية والفاشية الايطالية ومن لف لفهم ! ! !
سادساً :
الجرائم التي ارتكبها كيان المحتل الإسرائيلي الصهيوني ضد أطفال فلسطين نسائها وشيوخها مبرر كاف بان تقطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية للدول والكيانات العربية المطبعة مع كيان دولة العدو الإسرائيلي الصهيوني، والاقتداء بدول امريكا اللاتينية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني احتجاجاً على جرائم الصهينة في رحاب غزه، تخيلوا كم هي المسافة الزمنية والتضاريسية بين امريكا الجنوبية والكيان الإسرائيلي ، وكم هي المسافة ؟ بين الدول العربية المطبعة وبين الكيان الصهيوني ، لكن المعني هنا في تقديس معاني الكرامة والأخلاق والقيم الإنسانية التي حافظ عليها الأجانب واسقطها بعض الحكام والأفراد العرب من ثقافتهم ودينهم واخلاقهم ، والله المستعان .
سابعاً :
يجب أن تخلد كل جرايم قتل أطفال غزة في ذاكرة الأمم ، وتخصيص ساحات وابنية وتماثيل في قلب عواصم البلدان العربية والإسلامية وعواصم الأحرار في العالم ، كي لاتنسى الإنسانية جرائم القتل الجماعي لهذا الكيان الصهيوني اللقيط بحق أطفال ونساء وكبار السن من اهلنا في فلسطين.
الخلاصة :
هذه الجرائم الوحشية بحق الشعب العربي الفلسطيني ، وقتل بالمجان ، والتي تُرتكب بقطاع غزة تفضح همجية هذا الكيان المحتل الصهيوني المؤقت اللقيط ، وتفضح معه المتعاونين معه من حكام أمريكا ، وأوروبا الغربية من حلف شمال الأطلسي العدواني ، إنهم مستعرون ومحتلون لأرض الغير بالامس واليوم ، هم واسلافهم من الأجداد والآباء ، وهم من يمارس رذيلة الكذب والتدليس والتزوير الفج وبشكل علني فاضح.
وفوق كل ذي علم عليم
*رئيس وزراء حكومة تصريف الاعمال – صنعاء