بقلم د.يوسف الحاضري

للأسف الكثير مننا يفهم معنى التسليم فهما قاصرا او منقوصا او مغلوطا فيظن انه الطاعة ، في اطار (وأطيعوا الله ورسوله وأولي الامر منكم) فتتوقف مسألة التسليم عند هذا الامر في وقت ان الطاعة هنا لا تعني التسليم لأن بقية الآية توضح ذلك (فإن تنازعتم في شيء) فالتسليم لا يؤدي الى تنازع او اختلاف والطاعة لأولي الامر قد تؤدي إلى اختلاف في وجهات النظر لأنها أي الطاعة تندرج في اطار تنفيد المهام الموكلة للإنسان ممن هم أعلى منه منصبا (الوظيفة) او عمرا (الاسرة) او غيرهما والطاعة أيضا غالبا فيها مرغبات للآخر فعندما يؤمر الشخص ممن هو أعلى منه منصبا لينفذ امرا فسيحصل على مكافئة مثلا او ترقية او شكر او غيرها من امثلة الطاعة (أمر الله لنا بالصلاة والزكاة والصيام ) فنتائجها عظيمة على نفسياتنا وطهرها وتقواها وزكائها) وفي الأغلب نجد معظم الناس طائعين .
أما التسليم فهو أوسع واشمل من هذا المفهوم حيث يصل الأمر الى تنفيذ أمور خارجة عن نطاق المألوف والمعقول والمعروف للناس والله شدد عليه بشكل كبير جدا حيث قال ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في انفسهم حرج مما قضيت ويسلموا تسليما) لذا جاءت الآية اللاحقة تبين الامر اكثر بقوله تعالى (ولو انا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم) أي ان الامر موجع ومؤلم وغير مقبول عند كثير من الناس (ما فعلوه الا قليلا) عكس الطاعة ، لذا يكون التسليم فقط لشخص واحد في كل زمان وهم الأنبياء ثم الاولياء من ال بيت رسول الله الذين يتحركون بمنهجية النبي كما هو الامر في عصرنا السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي سلام الله عليه، ومن أمثلة الأوامر التي تمثل التسليم هو أمر الله لنبيه إبراهيم عليه السلام بذبح إبنه اسماعيل ومن قبلها امره له بإخراج زوجته هاجر وطفله اسماعيل وحيدين في وادي غير زرع ، فالأمران غير مألوفين وواقعيين لذا قال تعالى في امر الذبح (فلما أسلما وتلة للجبين) وأيضا تسليم هاجر لإبراهيم في موضوع تركهما في وادي غير زرع وتسليم اسماعيل في موضوع الذبح وغيرها من نماذج كثيرة وعديدة .
مقياس السلامة الدينية (أفي سلامة من ديني) هو التسليم، الجهاد في سبيل الله والإنفاق يعتبران من التسليم أيضا والصبر على الأوضاع التي نعيشها ونحن في اطار التحرك للخروج منها أيضا من أمور التسليم عوضا عن ان التسليم قد تمتد أوجاعه لفترة طويلة وهو يصقل النفوس ويرتقي بصاحبها عند الله والبشر منازل عديدة وعظيمة وراقية
التسليم يحتوي أيضا على مفاهيم الاحسان والصبر والتقوى ومن نتائجه على الانسان تثبيتا لهم في الدنيا فيكونون هم من المخلصين الذين يعجز الشيطان في ازلالهم (ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا) ويؤتون من لدن الله نفسه اجرا عظيما في الدنيا (اذا لآتيناهم من لدنيا اجرا عظيما) وهم المهتدون الثابتون حتى يصبحوا علامة من علامات الصراط المستقيم (ولهديناهم صراطا مستقيما).
الطاعة للسيد عبدالملك الحوثي عندما نستجيب له عندما يدعونا مثلا للخروج للساحات أما التسليم له فهو عندما يتجاوز مسألة الرواتب (التي يعلم الجميع ان العدو هو سببها) ويطلب مننا ان ننفق مما معنا … التسليم عندما يطلب مننا ان ننفر في سبيل الله وان نقبل بالهدنة ونصبر على ما فيها وغير ذلك من أمور عديدة هي مقاييس التسليم والذي لا يجب علينا اطلاقا ان نسخط او نتذمر او نتأفف من هذه الأمور حتى في قرارة انفسنا والا فنحن لسنا مسلمين ولا يجب ان نصف انفسنا بأننا من اتباعه ومقتنعون بأنه الولي من سلالة النبي المصطفى وقرين القران وغير ذلك وهذه مقاييس قرآنية علينا ان نحصن انفسنا ونصقل ما قد اعتراها من اوساخ وانحرافات قد تحصل نتيجة الحرب الناعمة التي يستخدمها العدو ولا يسقط فيها الا ضعاف الانفس الغير مسلمين ابدا .

  • كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
    abo_raghad20112@hotmail.com