الرئيس الشهيد صالح الصماد .. الرئيس الإنسان
د . هناء الوزير
الرئيس الشهيد كان أنموذجا رائعا للرئيس المجاهد الذي لا يرى نفسه إلا خادما لشعبه ووطنه، حيث استطاع أن يقنع الآخرين بأسلوبه الراقي وحجته الواضحة البليغة ،فكانت تحركاته وخطاباته مؤثرة في كل فئات الشعب ، وحساسة في مرحلة حساسة بالتأكيد ،فكان لها أبلغ الأثر .
أول رئيس في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر يعتلي المنبر خاطبا بكل طلاقة وثبات .
فكان الصماد بروحه المجاهدة الوثابة مثالا للرجل الصادق مع الله ومع نفسه ومع شعبه ،حيث انعكس ذلك على كل طوائف الشعب لما حظي به من الانفتاح والعلم وسعة الاطلاع ،
ومن خطاباته :”مهما كانت التحديات ومهما بلغت قساوة العدوان والحصار فإن أمام شعبنا فرصة تاريخية لاستعادة دوره الريادي في المنطقة فشعب واجه العالم بكل عزة وإباء يمتلك من العزيمة والإرادة الصلبة ماتذوب له الجلامد وهذه الأحداث والتآمر والعدوان ستمنح شعبنا مناعة ضد أي تحديات مستقبلية،فمخزون الإرادة والصمود الذي امتلكه أبناء اليمن رجالا ونساء في كل الميادين رافد لا ينضب وسيأتي اليوم الذي ينحني العالم إجلالا وإعظاما لهذا الشعب العظيم “
بمثل هذه الكلمات كان الشهيد الرئيس يذكي روح الصمود في قلوب أبناء الشعب يرفع معنوياتهم ويعزز روح العزة والثبات ،وبهذه الروح مضى الصماد في جهاده ثابتا صالحا صامدا شامخا بكل صدق واقتدار ،ثباتا يستمد القوة من الحق ومن الثقة بالله، ومن مظلومية شعبنا وحقه في الدفاع عن قضيته العادلة .وهاهي ذكرى استشهاد الشهيد الرئيس صالح الصماد تحل علينا وقد حلت روحه في قلب كل يمني غيور محب لدينه وشعبه ووطنه ، مجددا فينا روحه الطاهرة الوثابة بكل معاني العزة والتحرك في ذات النهج الذي خطته يد الشهيد عملا وعطاء صورة حية متجسدة في مشروعه العملي تحت شعار (يد تبني ويد تحمي).
ونحن اليوم نستذكره ونحيي مواقفه العظيمه ونستلهم منها دروس العزة ،ونعرج على خطاباته فهي بوصلة تحدد مسارنا نحو النصر ، فقد برز الرئيس الشهيد صالح الصماد واخترق قلوب اليمنيين بشخصيته وأخلاقه وتواضعه ورؤيته العميقة في تحقيق السيادة والحياة الرغيدة لشعبه، منطلقاً من إيمانه والتزامه الديني، وذلك في مرحلة خطيرة وحساسة من تار يخ اليمن ، وهو يعلم بأن الاعداء مترصدون لروحه الطاهرة ، ولكنه فتح فصلا من فصول المواجهة الدائرة في اليمن ضد العدوان المستمر على هذا البلد، وضع شرف الشهادة نصب عينيه، فكان دوماً متواجداً بين شعبه وبين جيشه وفي جبهات الدفاع ،كان اليد التي تدافع وتحمي في معركة اليمن ضد قوى العدوان، وفي الدولة قائداً لمعركة البناء والصمود مدشناً مشاريع بناء الدولة ، وتحركا وتحديا وجهادا في وجه العدو الغازي.
– ثم هو في كل خطابات ولقاءاته لاينسى من لهم الفضل في تصدر قائمة الصمود والمواجهة من رجال الله العظماء من أبناء الجيش واللجان الذين كان يرفع لهم التحية والإجلال فهم رجال الرجال المرابطين في جبهات القتال الذين لازالوا يسطرون ملاحم الصمود والتضحية في كل شبر من أرض اليمن الطاهرة ،وهو يشد على أيديهم بمواصلة مشوار التحدي حتى تحقيق النصر المؤزر مؤكدا أن القيادة والشعب يدا بيد جنبا إلى جانب المجاهدين المرابطين حتى يكتب الله لشعبنا النصر والعزة والسؤدد .
أما خيار السلام :
فهو الخيار الوحيد لشعبنا ،وهذه رسالة الصماد وتوجهه الذي كان لا يألوا جهدا في تكراره في كل لقاء ومناسبة ، فقد كان رجل سلام من الطراز الأول باعتداله ودعوته المستمرة لكل القوى في الداخل والخارج، فما زال “يطالب بالتئام فرقاء العمل السياسي والحزبي على طاولة الحوار للخروج بحلول شاملة ومنصفة لكل الأطراف واستنادا إلى قاعدة لاغالب ولا مغلوب فالمنتصر الوحيد هو وطننا جميعا”، وكان دائما يبدي استعداده وترحيبه بكل المبادرات والتحركات في سبيل إحلال السلام .
الشهيد الصماد ومن موقعه في الرئاسة هو القائد الرئيس والمجاهد العامل المنطلق بالقرآن في كلماته المواجه المقارع لقوى الشر والطغيان في تحركه، فهذا المجاهد الذي لم يتوقف يوما منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى حمل على عاتقه هم وطن في ظروف صعبة آملا أن يخرجه من عنق الزجاجة سالما ،وجدناه يزور المجاهدين في مختلف الجبهات متحديا العدو في عمق أراضيه شامخا بكل شجاعة واستبسال، متواضعا مع المجاهدين حد أن يعلن أمامهم وأمام العالم مقولته الخالدة : ” إن مسح الغبار عن نعال المجاهدين أشرف من كل مناصب الدنيا، وأن دماء الرئيس والمسؤول ليست أغلى من دمائهم الشريفة الطاهرة “.
أما حين نصحه البعض بعدم زيارة المجاهدين وحضور الدورات التدريبية حرصا على حياته من الترصد والاستهداف من قبل قوى العدوان التي كانت قد رصدت 20 مليون دولارا ثمنا لحياته، ولكنه أعلنها صراحة وأمام المرابطين والمتدربين ولم يتململ أو يجبن بل قال “إن دماءنا ليست أغلى من دمائكم، وجوارحنا ليست أغلى من جوارحكم “هذا ما قاله صراحة ليقول من خلاله : نحن منكم ومعكم، ولسنا نرى أنفسنا وأرواحنا أغلى منكم، فكلنا مجاهدون، وكلنا لله، وماهي إلا أدوار تختلف مواقعنا فيها .
مثَل الشهيد الرئيس حالة ومرحلة فريدة قد لا تتكرر، ولكنها ستبقى خالدة حية في قلب كل إنسان حر، وكل مجاهد وكل مرابط بذل روحه ودمه في سبيل الله ودفاعا عن الوطن والأرض والعرض .