السياسية:

يخطو السودان خطواته الأخيرة لتغيير “الجنيه” وإصدار عملة وطنية جديدة، كوصفة تعتبرها الخرطوم ناجعة لإنقاذ النزيف المتواصل لاقتصاد البلاد، بعد تدهور قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار، والذي بلغ في السوق الموازية نحو 470  جنيهاً، مقابل 420 في البنوك الرسمية.

وكشفت مصادر مقربة من مجلس الوزراء القومي السوداني لـ”عربي بوست” عن اكتمال الإجراءات لتبديل العملة السودانية مطلع أغسطس/آب 2021 واستبدالها بعملة جديدة، وذلك بسحب صفر من قيمتها، وتغيير الفئات القديمة إلى فئات أقل.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن العملة الجديدة تمت طباعتها في ألمانيا، وبتمويل من الحكومة الألمانية، كما أن سعر الصرف للعملة السودانية عرف خلال الفترة الماضية ارتفاعاً غير مسبوق مقابل العملات الأجنبية.

تغيير عملة السودان وعافية الاقتصاد

يعتبر مراقبون للوضع الاقتصادي أن تغيير العملة سيُساهم في التوازن الاقتصادي بالبلاد، ووقف التضخم، وتشجيع الاستثمار، والتمويل، كما أنه من المتوقع أن ترتفع نسبة النمو إلى 7.5%، وهي نسبة معقولة مقارنة بما حققته بعض البلدان الإفريقية مثل إثيوبيا.

وتوقع خبراء اقتصاديون ارتفاع الصادرات السودانية إلى الأسواق العالمية بنسب عالية، تصاحبها زيادة في احتياطي العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي إلى 72 مليار دولار خلال العشرة أعوام القادمة.

محمد شيخون، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير (التحالف الحاكم) قال لـ”عربي بوست” إن “الاستراتيجية الاقتصادية الحالية للحكومة الانتقالية مقسمة على استغلال السودان لموارده الزراعية، والمعدنية، والنفطية واستكشاف الغاز، لتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات لتغطية عجز الموازنة الكلية للدولة”، لافتاً إلى أن “ذلك سيسهم في زيادة  عائد كل الثروات، خاصة زيادة إنتاجية مشروع الجزيرة، والاتجاه للاهتمام بالزراعة المطرية، بالإضافة إلى زيادة صادرات الثروة الحيوانية المختلفة، والاهتمام  بقطاع الخدمات”.

وأضاف المتحدث أن “القرارات التي اتخذتها الحكومة بإلغاء الدولار الجمركي لها آثار اقتصادية ممتازة، وذلك بسبب أن رئيس الوزراء لم ينتظر ردود الأفعال السياسية حولها بل قام بإكمال برنامجه وألغى الدولار الجمركي”.

والدولار الجمركي هو السعر المستخدم لحساب قيمة جمارك الواردات من خارج الدولة، ومن ثمّ تدفع بالجنيه السوداني، وسعره ثابت تحدده الحكومة عبر المؤسسات ذات الصلة، وكان قبل القرار محدداً بـ28 جنيهاً للدولار، لكن بموجب قرار الإلغاء فإن حسابه سيعادل نحو 440 جنيهاً، وهو السعر الرسمي للدولار مقابل الجنيه السوداني.

واعتبر المحلل الاقتصادي أن “الساعات القادمة سوف تشهد قرارات بخصوص ضريبة الأعمال، والسلع التي سوف يتم خفض جماركها للحد الأدنى، هذه القرارات التي تُعتبر الضربة القاضية لتجارة العملة”.

بنك السودان

أكد ببنك السودان المركزي جاهزيته التامة، لأي قرارات تصدرها الدولة سواء كانت من رئيس مجلس الوزراء، بشأن العملة سواء تم تغييرها أو الاستمرار فيها.

الفاتح زين العابدين، محافظ بنك السودان المركزي لم ينف ولم يؤكد في حديثه مع “عربي بوست” خبر تغيير العملة، إذ اكتفى بالقول إن “المركزي اتخذ قرارات، ووضع سياسات وضوابط للتعامل بالنقد الأجنبي من خلال تحويلات الأموال من الخارج والداخل، ووضع شروطاً لعمل البنوك التجارية، والصرافات العاملة في النقد الأجنبي”.

وأكد المتحدث في تصريحه أن “البنك المركزي له القدرة على توفير النقد الأجنبي لاستيراد السلع الأساسية والأدوية، كما أن عملية توفير أموال ومزادات لاستيراد السلع بلغت خمسة مزادات حتى الآن”.

وبحسب آخر بيان للبنك المركزي، فقد انطلقت فعاليات المزاد الخامس للنقد الأجنبي بقيمة 60 مليون دولار، مُحققاً قبولاً عالياً، شارك فيه حوالي 27 بنكاً، وبلغت فيه الطلبات 182 طلباً، وإجمالي الطلبات المتسلمة 50. 2 مليون دولار.

وتعتبر مزادات النقد الأجنبي في السودان بمثابة سياسة لسعر الصرف “المرن المدار”، وذلك من خلال تزويد المستوردين بالدولارات عن طريق البنوك التجارية بالبلاد لأول مرة منذ سنوات.

وتُعد القيمة الإجمالية للمزاد الخامس 60 مليوناً، والمبلغ الذي تم تخصيصه 43.2 مليون دولار، لعدد 131 طلباً مستوفاة لشروط المزاد، في حين تم استبعاد 51 طلباً لعدد من الأسباب، منها عدم الالتزام بقائمة سلع المزاد، أو تقديم العميل لأكثر من مصرف أو عدم كفاية رصيد المصرف.
عربي بوست