السياسية:

للوهلة الأولى لا يمكن تصديق أن سلاحاً عسكرياً يمكن أن يغير في طبيعة البحار ويجعلها تبتلع مدناً بكاملها نتيجة إعصار مشابه لتسونامي بسبب ذبذبات معينة يُصدرها السلاح، لكن هذا بالفعل ما يفعله الطوربيد الروسي الجديد ستاتوس-6 (بوسيدون)  الذي يعمل بالطاقة النووية.

وأثار الطوربيد الروسي المخاوف -أو التخيلات المفرطة- بين أعداء روسيا، وربما يكون وصفه بالطوربيد تسميةً خاطئة، فبينما تظل القدرات المحددة للسلاح مجهولة، لكن يبدو أن طوله يصل إلى نحو 24 متراً، ما يجعله أشبه بغواصةٍ صغيرة أو صاروخٍ باليستي تحت الماء. 

ويندفع بوسيدون بواسطة مفاعلٍ نووي لتصل سرعته إلى 185 كم/ساعة، كما يمكنه العمل على عمقٍ يصل إلى نحو كيلومتر تحت الماء، كما أنّه مسلّح برأس حربي ضخم بقوة 100 ميغاطن، وهو قويٌّ كفاية لتوليد موجة مدٍّ هائلة لتدمير المدن الساحلية.

كيف يمكن إيقافه؟

هذا التطور العسكري الروسي أثار مخاوف الدول المنافسة لموسكو في طريقة إيقاف هذا السلاح، والذي سيتطلب من القوات البحرية الغربية تطوير جيلٍ جديد من الطوربيدات.

كيف يمكنك إيقاف طوربيد يعمل بالطاقة النووية، ومصمَّم لدفن مدن الأعداء تحت إعصار تسونامي؟

ولا يزال مدى فاعلية سلاحٍ من هذا النوع محلاً للجدل، إذ إنّ بوسيدون سلاحٌ بطيء للغاية مقارنةً بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات والقاذفات، لذا فلن يكون فعالاً للغاية في الضربات الأولى أو الضربات الانتقامية الفورية. والحركة بسرعات عالية قد تجعل ضجيجه مرتفعاً بشدة، لدرجة ستجعل مضادات الغواصات تلتقطه، كما أن طبيعته ذاتية التحكم تثير الكثير من التساؤلات عن الروبوتات المسلحة (خاصةً تلك التي تحمل الصواريخ الضخمة)، كما تقول مجلة The National Interest الأمريكية.

ومع ذلك فإنّه رائع باعتباره سلاحاً نفسياً، لكن يظل هناك شيءٌ مرعب، مثل أفلام وحوش هوليوود، فيما يتعلق بصاروخ-تسونامي روبوتي يقترب رويداً رويداً في قاع البحر.

بدائل الناتو!

ورغم كل ذلك، فإنّ كل مصاص دماء له سلاحٌ يقتله في قلبه كما يقول إتش آي سوتون، المحلل البحري الذي استعرض بعض الأفكار المتعلقة بالتقنية التي يمكن للناتو استخدامها في إيقاف بوسيدون.

ويفترض سوتون أنّ “أوضاع تشغيل وتخطيط مسار بوسيدون ستكون بسيطة على الأرجح ومباشرةً نسبياً، حيث سيعتمد على سرعته وعمقه من أجل النجاة”. وفي هذه الحالة فإنّ أحد التدابير المضادة سيكون زرع شبكات من الألغام التي تعمل بالاستشعار في قاع البحر، لرصد وتدمير طوربيدات بوسيدون. إذ كتب سوتون: “ستتضمن شبكات الاستشعار مؤثراتها الخاصة (مثل الألغام المسلحة بالطوربيدات) لتقليل فترة التأخير بين مرحلتي الرصد والتدمير، لأنّ الأهداف ستكون متحركةً بسرعةٍ أكبر بكثير من الغواصات العادية”.

كيف يمكن وقف هذا السلاح؟

كما تساءل سوتون عما إذا كان من الممكن تدمير طوربيدات بوسيدون بواسطة الصواريخ بعيدة المدى التي تطلقها غواصات البحرية الأمريكية. وكتب: “يمكن أن تتألّف الحمولة من طوربيدات الجيل المقبل أو الشحنات النووية العميقة، التي تشبه أسلحة سابروك (الطوربيدات المضادة للغواصات من منصات الصواريخ) التي خرجت من الخدمة. وسوف يسمح قصر وقت الرحلة والمدى الطويل لهذا النوع من الأنظمة بتدمير الطوربيدات البعيدة تماماً عن النطاقات الواقعية، مع السماح للغواصات في شمال الأطلسي بالاستجابة لطوربيدات بوسيدون التي يجري رصدها في منطقة القطب الشمالي. وبذلك ستضرب تلك الأسلحة الطوربيدات وهي لا تزال قريبةً نسبياً من جهاز الاستشعار الذي رصدها”.

وإيقاف أسلحة بقوة بوسيدون سيتطلب من القوات البحرية الغربية تطوير جيلٍ جديد من الطوربيدات. إذ كتب سوتون: “إن الطوربيدات الأمريكية والبريطانية الحالية جرى تطويرها من أجل التصدي للغواصات الروسية السريعة في المياه العميقة. ورغم قدراتها الكبيرة فإن التركيبة الأكثر سرعة وعمقاً لطوربيدات بوسيدون تعني الحاجة إلى تطوير أسلحة جديدة. ومن المرجح أن تتميز الأسلحة الجديدة بزيادة المدى والتحكم الذاتي، لتصير أكثر شبهاً بالمركبات المسيّرة تحت المياه”.

عربي بوست