السياسية – تقرير:

أثرت الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها السلطات التركية ضد السياسيين والصحفيين والناشطين الحقوقيين على مفاوضات انضمام انقرة للاتحاد الاوروبي التي بدأت قبل اكثر من 20 عاما.

وقرر الاتحاد الاوروبي رسميا تعليق المفاوضات مع تركيا أمس السبت عبر تصويت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي على وقف مفاوضات عضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي باغلبية 49 صوتاً وامتناع 14 ورفض أربعة.

وأرجع تقرير البرلمان الاوروبي ايقاف المفاوضات مع أنقرة الى استخدام إجراءات مكافحة الإرهاب من قبل السلطات التركية لقمع الصحفيين والسياسيين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

التقرير اشترط تغير تركيا الاتجاهات السلبية الحالية بصورة عاجلة وثابتة، لعودة مفاوضات الانضمام مالم فإن مفوضية الاتحاد الأوروبي ستطلب رسمياً التوصية بوقفها نهائيا.

مقرر البرلمان الأوروبي ناتشو سانشيز علق على التقرير بالقول إنه “ربما يكون هذا هو الأصعب من بين التقارير الهامة عن الوضع في تركيا”.

ولم تصدر تركيا حتى اللحظة ردًا رسميًا على القرار الأوروبي، لكنها في العادة تنتقد مثل هذا البيانات، وتقول إنها تتخذ كل ما تستطيع من إجراءات من أجل الالتزام بمعايير الاتحاد الأوروبي والالتزام بشروطه.

وترى تركيا أنها التزمت بالغالبية العظمى من الشروط التي حددت من أجل انضمامها للاتحاد الأوروبي.

وتعد ملفات قبرص وحقوق الانسان والديمقراطية من ابرز القضايا الخلافية بين أنقرة والاتحاد الاوروبي الذي ينتقد وبصورة مستمرة الانتهاكات المتعلقة بتلك الملفات.

واتهم الاتحاد الاوروبي تركيا بالنأي عن نفسها وبشكل متعمد عن القيم والمعايير الأوروبية. واشار البرلمان الأوروبي في التقرير إلى أن افتقار أنقرة للإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة أثر سلبا على عملية انضمام الاخيرة للتكتل الأوروبي.

وشدد النواب الأوروبيون على مفوضية الاتحاد بضرورة أن توصي بتعليق مفاوضات الانضمام رسميا، ما لم تظهر تركيا صدق التزاماتها بتوثيق العلاقات مع الاتحاد.

يشار إلى أن المحادثات بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول ملف العضوية في الاتحاد بدأت في العام 2005م، وتوقفت في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات السياسية والدبلوماسية، وصولا الى قرار الاتحاد الأوروبي تعليقها رسمياً.

وشهدت العلاقات بين تركيا والاتحاد الاوروبي توترا في الفترة الاخيرة من عدة جبهات، من قبرص إلى حقوق الإنسان وصولا الى ليبيا وعمليات التنقيب في المتوسط، مواضيع الخلاف بين الأوروبيين وأنقرة ادت الى تعثر المفاوضات المتجمدة منذ سنوات.

خلفية تاريخية عن العلاقات التركية الاوروبية

 

في 12 سبتمبر 1963، وقعت تركيا وهي عضو أساسا في مجلس أوروبا منذ عام 1950 اتفاق شراكة مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية، التي كانت التكتل الاوروبي قبل الاتحاد، يذكر “إمكانية العضوية”، وتم تجميد عملية الشراكة بعد الانقلاب العسكري في تركيا في سبتمبر 1980.

وفي عام 1987، قدمت أنقرة رسميا ترشيحها الى الاتحاد الأوروبي. رفضته المفوضية متحدثة عن مشاكل اقتصادية وسياسية.

في 1995، تم توقيع اتفاق اتحاد جمركي، لكن سرعان ما تم تعليقه مع انزعاج اليونان بسبب قضية قبرص، حيث تحتل القوات التركية القسم الشمالي من الجزيرة منذ العام 1974 وحيث أعلنت “جمهورية شمال قبرص التركية” عام 1983 من جانب واحد.

في نهاية عام 1999، منح الأوروبيون تركيا وضع مرشح بدون تحديد موعد لبدء المفاوضات. وطلبوا منها تحسين وضع حقوق الإنسان وأدائها الاقتصادي.

وفي عام 2001، تبنت أنقرة “برنامجا وطنيا” من اجراءات سياسية واقتصادية، وفي العام 2002 صوت البرلمان على إلغاء عقوبة الإعدام ومنح حقوق ثقافية للأكراد.

في يوليو 2005، وقعت تركيا “بروتوكول أنقرة” الذي وسع اتحادها الجمركي إلى الدول العشر التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004 ، بما فيها قبرص لكنها لم تصادق عليه.

في أكتوبر من العام نفسه، أطلقت مفاوضات الانضمام رغم معارضة عدة دول لا سيما النمسا.

وفي منتصف 2006 تم فتح أول فصل من أصل 35 فصلا تفاوضيا ضمن المفاوضات. وفتح فصل ثان في 2007.

تعثر المفاوضات

لكن في وقت سريع جدا، تعثرت المفاوضات، حيث عرقلت ألمانيا وفرنسا فتح خمسة فصول جديدة كان من شأنها أن تجعل انضمام تركيا مسارا لا عودة عنه. واقترحت عام 2009 “شراكة مميزة لتركيا لكن ليس عضوية كاملة”.

من جانبها، ترفض أنقرة أن توسع نطاق فوائد اتفاقياتها للتنقل الحر مع التكتل الأوروبي لتشمل قبرص.

استؤنفت المفاوضات عام 2013 وتأخرت بسبب قمع موجة احتجاجات في تركيا.

وفي أوج أزمة طالبي اللجوء الفارين من سوريا بالملايين، زارت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اسطنبول في أكتوبر 2015.

في مارس 2016 أبرمت أنقرة والاتحاد الأوروبي اتفاقا يتيح أن يقلل بشكل كبير عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا، في نهاية يونيو من العام نفسه، تم إطلاق فصل جديد يتناول قضايا الميزانية.

لكن العديد من الدول الأوروبية لا سيما ألمانيا شهدت توترات خطيرة مع تركيا بعد الانقلاب الفاشل في يوليو الذي أدى الى عمليات تطهير كثيفة.

في مطلع 2018، بدأت أنقرة وبرلين عملية تقارب، بعد سنة ونصف سنة من التوتر بسبب النزعات الاستبدادية في تركيا.

في 15 يوليو 2019، اعتمد الاتحاد الأوروبي سلسلة اجراءات سياسية ومالية لفرض عقوبات على استمرار عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا بشكل غير شرعي في المياه الإقليمية لقبرص رغم تحذيراته.

أثار اكتشاف حقول شاسعة من الغاز في هذه المنطقة في السنوات الأخيرة مطامع دول مجاورة.

وفي أكتوبر، انتقد الاتحاد الأوروبي هجوم انقرة على شمال سوريا ضد مجموعة مسلحة كردية.

في يناير 2020، دان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي “تدخل” تركيا في النزاع في ليبيا قائلا إن هذا “يشير الى القرار التركي بالتدخل مع قوات” في هذا البلد الذي يشهد نزاعا.

في 11 ديسمبر 2020، دان قادة الاتحاد الأوروبي تصرفات تركيا “غير القانونية والعدوانية” واكتفوا بفرض عقوبات فردية يفترض أن تستهدف أشخاصا ضالعين في أنشطة التنقيب في المتوسط.

وفي 15 من الشهر نفسه أكد اردوغان رغبته في فتح “صفحة جديدة” مع الاتحاد الأوروبي.

في 25 مارس 2021، طلب الاتحاد الأوروبي من اردوغان ضمانات من أجل إعادة إطلاق العلاقات، ووضع أنقرة تحت المراقبة حتى يونيو لإظهار رفضه لتدهور الحقوق والحريات.