ست قصص لست سنوات من حرب اليمن المميتة
بحلول الذكرى السنوية السادسة للحرب اليمنية، تنشر منظمة إنقاذ الطفولة صوراً لأطفال محاصرين في الصراع المروع.
بقلم: سيمون ادموندز
(صحيفة “الإندبندنت” البريطانية- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
مجموعة الصور التي التقطتها المصورة آنا بانتيليا، تحكي قصص الفقدان والحزن، ولكنها تحكي أيضاً عن مرونة الأطفال وتصميمهم على إعادة بناء حياتهم.
يرافق كل صورة وصف لصدمة فقدان أحبائهم والإصابات الجسدية التي تعرضوا لها جاء المتفجرات, كما تحكي الصور اضطرارهم إلى الفرار من منازلهم بسبب القتال.
لا يزال العنف وسفك الدماء يحدثان بشكل شبه يومي في البلد على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث يوجد من بين أربعة ضحايا جراء الصراع ضحية في أوساط الأطفال.
بين عامي 2018 و 2020، كان هناك 2341 ضحية مؤكدة من الأطفال، على الرغم من أن العدد الفعلي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
بالإضافة إلى ذلك، فقد اصبح الصراع أكثر فتكاً بهم, ففي عام 2018، كان يوجد واحد من كل خمسة ضحايا من مدنيين من الأطفال، لكن ذلك ارتفع في عامي 2019 و 2020، إلى تسجيل طفل ضحية من بين كل أربع ضحايا.
إنه تذكير صارخ بأن الأطفال والعائلات يدفعون الثمن الباهظ لهذه الحرب الوحشية دون ذنب اقترفوه.
تأتي هذه الأمور في الوقت الذي تخطط فيه حكومة المملكة المتحدة لخفض المساعدات عن البلد بنحو 60 %، مما قد يكون له عواقب وخيمة على ملايين الأطفال الذين يعتمدون على هذا الدعم للبقاء على قيد الحياة.
حالياً، يعتمد أكثر من 11.3 مليون طفل على المساعدات ومن المتوقع أن يعاني أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد هذا العام وما يقرب من 400 ألف من هؤلاء الأطفال دون سن الخامسة معرضون لخطر سوء التغذية الحاد والوخيم ومخاطر متزايدة للوفاة.
قال كيفين واتكينز، الرئيس التنفيذي لمنظمة ” إنقاذ الطفولة – Save the Children“: “من دون اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن الوضع الإنساني والذي يعد بالفعل الأسوأ في العالم، سوف يتدهور أكثر مع وجود خطر حقيقي للغاية يتمثل في حدوث مجاعة وسقوط أعداد كبيرة من المدنيين والانهيار التام للخدمات الاساسية.
“يجب على المملكة المتحدة أن تستغل مكانتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لجلب الأطراف المتحاربة لطاولة المفاوضات، وتأمين وقف فوري لإطلاق النار والتراجع بشكل عاجل عن قرارها بقطع المساعدات المنقذة لحياة الأطفال الضعفاء الذين يحتاجون إلى مساعدتنا”.
بشرى: فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً من محافظة الحديدة وتعاني من تشوه في ساقيها منذ ولادتها ولا تستطيع المشي, تعيش مع عائلة والدتها منذ وفاة والدها في عام 2013.
وعندما بدأت الحرب، تم استهداف مدرستها بغارة جوية بينما كانت هي وزملاؤها في الداخل, وتضررت المدرسة جراء القصف, كما حلقت الطائرات الحربية فوق المنازل المجاورة, وأصبحت القوات المسلحة أكثر تواجداً في المنطقة، مما جعلها تشعر بالخوف.
توقفت جميع المدارس في الحديدة عن العمل بسبب زيادة الغارات الجوية، مما أدى الى ترك الأطفال مثل بشرى التعليم.
قررت والدة بشرى اصطحابها إلى صنعاء لمعرفة ما إذا كانت هناك أي فرصة لإجراء عملية جراحية لساقيها ومواصلة تعليمها, لكن القتال تصاعد في صنعاء فاضطروا للفرار جنوبا إلى لحج, والآن تعيش الأسرة في مأوى مؤقت في مخيم للنازحين.
تحب بشرى الغناء والرسم وتمارس ذلك أثناء حضورها دروساً في ساحة التعلم المؤقتة التابعة لمنظمة إنقاذ الطفولة في المخيم وتأمل أن تصبح رسامة مشهورة ذات يوم.
كان عمر وعائلته المكونة من خمسة أفراد يعيشون في تعز، لكن عندما بدأت الحرب، قرروا الانتقال إلى جزء آخر من المدينة حيث كان (في ذلك الوقت) أكثر أماناً.
تعرضت مدرستهم للقصف ولم يعد حسيب، والد عمر، يشعر بالأمان بعد ذلك, وتم نقل عمر ومحمود وشقيقتهما لمواصلة تعليمهم.
وفي 20 فبراير 2021, كان عمر البالغ من العمر 8 أعوام ومحمود 13 عاماً, في طريقهما إلى المنزل بعد أن عادا من السوق المحلي عندما أصابت قذيفة مدفعية الحي.
تم نقل الصبيان على الفور إلى المستشفى, توفي محمود فور وصوله إلى المستشفى وكان عمر يعاني من كسر مزدوج في إحدى ساقيه وفقدان عضلة في الساق الأخرى.
خضع عمر لعملية جراحية في أحد مستشفيات تعز بدعم من منظمة إنقاذ الطفولة, وفقًا لطبيب المعالج، سوف يتعافى تماماً وسيكون قادراً على المشي في غضون الأسابيع الستة المقبلة.
يتمنى عمر أن يظل قادراً على اللعب مع شقيقه الراحل، ومن المرجح أن تستمر الخسائر العاطفية لفقدان شقيقه وإصابته بهذه الإصابات لفترة طويلة بعد أن تلتئم الجروح.
“عمر كنا في المدرسة عندما سمعنا دوي انفجارات, ركضنا إلى داخل المدرسة وعندما انتهوا خرجنا مرة أخرى للعب, أصيب أحد أصدقائي في أحد الانفجار, وبينما كنت في طريقي إلى المنزل مع صديق أخر لي وأردت الذهاب للبحث عن أخي أصبنا بقذيفة المدفعية, كنت مشلولا للحظة, لقد كنت أبحث عن أخي لكنني رأيت رجلاً عجوزاً ملقاً على الأرض ومن ثم قام شخص على دراجة نارية بأخذي إلى المستشفى.
يبلغ صدام من العمر 14 عاماً وهو من المخا من الحديدة، وهي مدينة ساحلية على البحر الأحمر.
كان يتمتع صدام بحياة جيدة قبل الحرب, يذهب إلى المدرسة ويلعب مع أصدقائه في الشارع, عندما بدأت الحرب، تغير كل شيء.
قُتل والد صدام أمام عينيه في غارة جوية وأصيبت ساق صدام في نفس الغارة, تم نقله إلى المستشفى لكن الضرر الذي أصاب ساقه كان شديداً لدرجة أنه بعد العملية لم يكن قادراً على المشي بمفرده.
قامت والدته بأخذه هو وشقيقته و مكثوا في منطقة أخرى لمدة عام ونصف قبل أن ينتقلوا في النهاية إلى مخيم للنازحين في لحج.
يقيم صدام ووالدته وشقيقته الآن في مأوى مؤقت, فعندما وصلوا لأول مرة، كان عليه أن يساعد والدته لذلك قرر أن يبدأ العمل مع أصدقائه في السوق المحلي، لبيع الفواكه والخضروات.
صدام لم يتماثل للشفاء التام من الأحداث الصادمة, نظراً لأن وضعه الصحي النفسي لم يكن مستقراً.
ومن جانبها, قامت منظمة إنقاذ الطفولة بدعم حالته النفسية, كما أجريت له عملية جراحية أخرى في ساقه وهو يتعافى الآن.
يأمل صدام في المستقبل أن يعود اليمن إلى ما كان عليه قبل الحرب ويريد أن يصبح طبيباً حتى يتمكن من مساعدة الآخرين.
فلك فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً وتشارك في التدريبات المهنية لمنظمة إنقاذ الطفولة في تعز, عندما كانت تبلغ من العمر 4 أشهر انفصل والديها وتركاها مع جديها.
كانت تذهب إلى المدرسة حتى الصف التاسع عندما اضطرت إلى الانقطاع عن الدراسة بسبب مشاكل مالية.
كما اضطرت فلك وجديها إلى الاعتماد على المساعدات الغذائية من الجمعيات الخيرية بسبب عدم قدرتهم على تغطية نفقاتهم.
وذات يوم، التقت فلك بأحد موظفي منظمة إنقاذ الطفولة الذي اقترح عليها التسجيل في التدريبات المهنية للمنظمة.
قررت التسجيل في قسم الخياطة, وبعد فترة وجيزة، بدأت العمل كخياطة وتمكنت من دفع تكاليف المنزل الذي استأجرته مع جديها وتغطية جميع نفقات المعيشة.
انتقل والدها للعيش معهم لفترة وجيزة حين كان عاطلاً من العمل، مصطحباً أسرته الجديدة. تشعر فلك الآن بالفخر لكونها قادرة على إعالة أسرتها بأكملها وتأمل أن يكون وضعها المالي في المستقبل مستقراً بدرجة كافية حتى لا تضطر عائلتها إلى الاعتماد على أي شخص آخر.
نزح حسام 16 سنة وحسين 17 سنة, وهما شقيقان من محافظة تعز بسبب الحرب عدة مرات بعد أن شهدوا مقتل جيرانهم داخل منزلهم بعد انفجار قنبلة.
كما تعرضت مدرستهم للقصف ولم تكن هناك مدرسة أخرى قريبة, ولهذا, نزحت الأسرة المكونة من خمسة أفراد إلى مخيم للنازحين والمهمشين.
منذ بداية الحرب عام 2015, لم يذهب الشقيقان إلى المدرسة ولا يعرفان القراءة والكتابة, والآن يدرس حسام بمساعدة من منظمة إنقاذ الطفولة ” في مدرسة حكومية بينما تم تسجيل حسين في الدورة التالية من التدريب المهني التابع لنفس المنظمة في منطقته.
في المخيم، استأجرت الأسرة منزلاً لكن المالك رفع الإيجار بعد فترة ولم يعد بإمكانهم دفع الإيجار، فقرروا بناء خيمة والسكن بها, بعد ستة أشهر من الإقامة في الخيمة، غادر والدهم, ولم يروه مرة أخرى.
توقف الشبان عن الذهاب إلى المدرسة، حيث كانا عملان مع والدهما في تصليح السيارات والدراجات النارية, ونظراً لطبيعة العمل، فقد عانى كلاهما من الفتق ولم يتمكنا من مواصلة العمل في هذه المهنة.
ثم بدأوا العمل في الحقول مقابل 2000 ريال يمني (2.2 دولار أمريكي) إجمالاً (لكليهما) في اليوم, كما وقدمت لهم منظمة إنقاذ الطفولة مساعدة نقدية حتى يتمكنوا من إجراء عمليات الفتق.
يعيش موسى البالغ من العمر 15 عاماً في تعز مع والديه وخمسة أشقاء, عندما كان في العاشرة من عمره أصيب في حادثة قصف, حيث كان في طريق عودته عندما ضربت قذيفة مدفعية الحي الذي يسكن فيه.
سقط على الأرض فاقد الوعي وعندما فتح عينيه تمكن من طلب المساعدة ونقله بعض الشبان إلى المستشفى, وبعد خروجه من المستشفى، فرت أسرته إلى الحوبان ثم إلى صنعاء.
توقف موسى عن التعليم لمدة أربع سنوات وترك شهاداته المدرسية, وعندما خفت حدة القتال في الحي الذي كان يسكن فيه، قررت عائلة موسى العودة.
واصل موسى تعليمه وتمت إحالته إلى التدريب المهني لمنظمة إنقاذ الطفولة, ويدرس الآن البرمجة وتكنولوجيا المعلومات ويأمل أن يستقر في المستقبل ويشتري منزلًا ويتزوج, لم يعد خائفاً من الحرب لأنها أصبحت جزءا من حياته.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع