السياسية:

أولت صحف عربية اهتماما بتصريحات مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول مصر، وصفها عدد من كُتّاب الرأي بأنها قد تشير إلى لبداية عهد جديد من العلاقات بين البلدين.

ووصف إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، في حوار صحفي مصرَ بأنها “قلب العالم العربي وعقله”، مؤكدًا استعداد بلاده فتح صفحة جديدة مع القاهرة وعدد من دول الخليج، وهو ما اعتبره عدد من الكُتّاب بأنه “غزل” تركي لـ مصر وبداية لـ”ترميم” العلاقات.

وقد سبقت هذه التصريحات تصريحات أخرى لمسؤولين أتراك – منهم وزير الدفاع خلوصي أكار ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو – تحدثوا فيها بإيجابية عن مصر.

ورأى عدد من الكُتّاب بأن غاز شرق المتوسط هو “المحرّك” وراء هذه التصريحات، وأن تركيا تريد الخروج من “العزلة” التي تعيشها في الشرق الأوسط وأوروبا.

واعتبر آخرون هذه التصريحات بغير قيمة وأن مشكلات تركيا مع مصر وعدد من دول الخليج، ولا سيما السعودية والإمارات، أعمق بكثير.

“العودة إلى سياسة صفر مشاكل”

يرى محمد نور الدين في صحيفة الأخبار اللبنانية أن التطورات المستجدّة على مستوى العلاقات التركية-المصرية في تصريحات المسؤولين الأتراك “تشير… إلى احتمال حدوث خرق في جدارها، ربما يقود إلى تطبيعها”.

وترى صحيفة العرب اللندنية أن “غاز المتوسط المحرّك للغزل التركي تجاه مصر”، وأن تركيا تخلت “مؤخرا عن استفزازاتها لمصر واستبدلتها بتصريحات ‘غزلية’ تخطّها مصالح أنقرة في شرق المتوسط، حيث بات الغاز ورقة تحدّد سياساتها وتفرض توجّهاتها”.

وتنقل الصحيفة عن أوساط سياسية قولها “إن الموقف التركي المستجد يندرج ضمن مسار بدأته أنقرة منذ فترة لتخفيف حدة التوترات مع عدد من الدول العربية والأوروبية، لا سيما في مواجهة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي لا تخفي تحفظاتها على نهج الرئيس أردوغان”.

كما تنقل العرب اللندنية عن مراقبين قولهم إن احترام مصر للجرف القاري لتركيا في المناقصة التي طرحتها للتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط “لا يعني أنها تسعى للتقارب مع تركيا كما يجري التسويق له، فالقاهرة ومنذ البداية تحاول تجنّب أي تصادم أو انخراط في معارك ليست ذات أولوية بالنسبة إليها، كما أنها لا تريد أن تكون جزءا في صراعات الآخرين دون أن يكون هناك ثمن حقيقي يمكن أن تجنيه”.

مصر وتركيا: هل تشهد الفترة المقبلة “تقاربا” بين البلدين؟

ويرى عبد الباري عطوان، في صحيفة رأي اليوم اللندنية، أن “السبب المعلن” لهذا “الغزل” التركي تجاه مصر هو مناقصة التنقيب عن النفط والغاز التي أعلنتها مصر “وأخذت في الاعتبار الحدود ‘المشروعة’ للجرف القاري التركي”.

أما الأسباب غير المعلنة برأي الكاتب “فتعود إلى رغبة الرئيس أردوغان في كسر حالة العزلة التي تعيشها بلاده في الشرق الأوسط وأوروبا بحيث باتت محاطة بالأعداء من الجهات الأربع، الأمر الذي انعكس سلبا على اقتصادها الذي يسجل حالات تراجع ملحوظ، وفشل الكثير من مغامراتها العسكرية في سوريا … وليبيا”.

ويخلص عطوان إلى القول: “باختصار شديد يريد الرئيس أردوغان العودة إلى سياسة ‘صفر مشاكل’ مع الجيران مجددا التي كانت الأرضية الصلبة للقوة الاقتصادية التي نقلت أنقرة إلى عضوية منظومة الدول العشرين الأقوى عالميا وبصورة ‘مُنقّحة'”.

“تكف عن المغامرات المتهورة”

وينتقد حمود أبو طالب في صحيفة عكاظ السعودية تصريحات قالن فيقول: “بشكل مباشر وواضح ومختصر نقول للسيد قالن إن تركيا قد ذهبت بعيدا في دورها التخريبي في بعض الدول العربية واستفزازاتها المتواصلة لدول الخليج -المملكة تحديدا- بالإضافة لمصر”.

ويضيف: “وأما بالنسبة لمصر، فقد فجرتم في الكيد لها بدعم فلول تنظيم الإخوان المخربين المقيمين لديكم، ومحاولتكم الخبيثة طعنها من الخاصرة الليبية بالتنظيمات الإرهابية والمرتزقة ومحاولة تجاوز الخطوط الحمراء للأمن المصري”.

ويواصل أبو طالب حديثه: “السلام والاستقرار الذي تتحدث عنه وتدعي بلادكم رغبتها المشاركة في تحقيقه يحتاج دولة عاقلة متزنة، وليس دولة تجاهر بمشروعها لإعادة استعمار بائد وتنشر خريطة أحلامها التوسعية التي تغطي عددا من الدول العربية”.

ويتابع الكاتب “… يحتاج دولة ترفع يدها عن دعم الفوضى والمؤامرات وتكف عن المغامرات المتهورة ولا تستهين بدول ذات سيادة وقوة، وقادرة على الدفاع عن مقدراتها وحدودها وشعوبها وأمنها واستقرارها”.

وفي صحيفة الشروق المصرية، ينتقد عماد الدين حسين تصريحات قالن وغيرها من تصريحات مشابهة لمسؤولين أتراك منهم وزير الدفاع ووزير الخارجية.

وتحت عنوان “كيف نفهم الغزل التركى لمصر؟”، يقول حسين: “الحقيقة التى صارت واضحة للجميع منذ فترة طويلة أن المسؤولين الأتراك يحاولون الإيحاء بأن هناك مفاوضات ولقاءات وانفراجات مع مصر، لكى يعادلوا حالة العزلة الشاملة داخل الاتحاد الأوروبى، وكذلك بعد مجىء إدارة الرئيس بايدن الذى طالب بوضوح الشعب التركى بإسقاط أردوغان سياسيا”.

ويضيف الكاتب: “قبل أسابيع قابلت مسؤولا مصريا كبيرا وسألته عن رأيه فى التصريحات التركية، فقال بوضوح إنها بلا قيمة، لأنها لا تريد أن تناقش صلب المشكلة”.

ويعدِّد الكاتب المشكلات الأساسية التي تعترض عودة العلاقات بين البلدين، فيذكر رعاية أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين وفتْح منصات إعلامية لهم، وإرسال أردوغان “جيشه ومرتزقته إلى ليبيا لنصرة فصيل إرهابي لا يخفي عداءه مع مصر”.

ويتابع الكاتب: “… ثم مسألة تعيين الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص التي أغضبت تركيا، متهمًا أردوغان بأن “هدفه الأكبر تخريب العلاقات بين القاهرة وليماسول وأثينا لأن هذا الثلاثى تمكّن من التصدى له طوال السنوات الماضية”.

بي بي سي