السياسية :  إجلال العمراني:

تتفرد اليمن عن غيرها من مناطق المشرق العربي بطبيعة خلابة تضاهي في جمالياتها أجواء سويسرا الساحرة، إن لم تفوقها، وأجواء تضاريسية تجمع فصول السنة في نفس التوقيت، وهذه من المزايا التي حبى الله بها اليمن دون سائر الأمم، ناهيك عن المواقع الأثر الفريدة، والضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ومنها ما يندرج ضمن مواقع التراث العالمي كجزيرة سقطرى، وصنعاء القديمة، وشبام حضرموت، ومدينة زبيد، وغيرها من المواقع الأثرية المنتشرة في جميع المحافظات اليمنية، كما تزخر اليمن بالمحميات الطبيعة والجزر والسواحل الساحرة.

شبام حضرموت
منطقة حراز

هذا الثراء التراثي والتاريخي والطبيعي الذي تتمتع به بلادنا، ساعد على تنوع المناشط السياحية، وخلق العديد من المجالات السياحية الواعدة مثل سياحة الجزر والشواطئ، وسياحة التسوق، والسياحة الشراعية، والسياحة الجبلية، وسياحة المحميات الطبيعية، والسياحة الصحراوية ..ألخ.

ارخابيل سقطرى

وتُقدِّر أرقام المركز الوطني للمعلومات متوسط معدل النمو السنوي في حركة السياح الوافدين من الخارج خلال الفترة “1997 – 2007” بنحو 19.2 %، بالتوازي مع اتساع رقعة السياحة الداخلية وانتشار الفنادق والمنتجعات السياحية في مختلف الحافظات اليمن.

ورغم تعدد المناشط السياحية في بلادنا، لازال قطاع السياحة ضعيف جداً، ولم يلقى الاهتمام اللائق بمكانة اليمن وتاريخها العريق من الحكومات المتعاقبة ما قبل أحداث فبراير 2011،

بيت كبش

ولاتزال في اليمن العديد من المناطق السياحية المجهولة، بسبب الإهمال وغياب الحس والمسؤولية الوطنية، ومن تلك المناطق التي لم تنل حظها من الترويج والاهتمام منطقة “بيت الكبش” في محافظة صنعاء بجوار منطقة بني مطر، وغيرها المئات من المواقع السياحية والطبيعية.

 

هذه المنطقة تجعلك تشعر أول ما تصل اليها وأنت تسمع هدير شلالها يرتطم بالجبال وأصوات العصافير تملأ الارجاء والضباب يغطي قمم الجبال باستحياء، بأنك في إحدى الدول الأوربية.

محمية برع

هذه المنطقة وغيرها من المناطق التي ميّز الله بها بلادنا، لا تحضى بالاهتمام والترويج، وفوق هذا عدم توافر أبسط الخدمات السياحية الأساسية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر منطقة لولوة، سنع، حراز، مناخة ..ألخ، بسبب إهمال النظام السابق، في حين أدت التحولات التي شهدتها بلادنا في العام 2011 الى ركود القطاع السياحي، وبالتالي إصابته بالشلل الكلي بعد عدوان تحالف العاصفة في 26 مارس 2015، وإمعانه في التدمير الممنهج للقطاع السياحي والمعالم التاريخية، بصورة بشعة وحقد دفين يذكرنا بجرائم المغول في بغداد العراق.

أثر العدوان على قطاع السياحة:

كان عام 2015 عام أسود على بلادنا فقد دمر العدوان “الصهيو سعودي” كل مقومات السياحة في اليمن من بنية تحتية، ومواقع أثرية يبلغ عمر أقدمها خمسة ألف سنة، في مقدمتها مدينة صنعاء القديمة.

وأشارت وكيلة الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية الأستاذة الأديبة “أمة الرزاق جحاف” في حديث صحفي لموقع “المونيتور” بتاريخ 6 مارس 2016 أن العدوان السعودي الإماراتي قام بتدمير نحو 52 موقعاً أثرياً، منها:

1 – كهف أسعد الكامل في محافظة إب.

2 – قلعة القاهرة في محافظة تعز.

3 – معابد الشمس وأوام وبران ومقبرة براقش والنسر التاريخي بمحافظة مأرب.

4 – السور التاريخي لمحافظة صعدة.

5 – حصن كوكبان الذي بُني قبل 18 قرناً.

6 – مدينة شبام الأثرية بمحافظة حضرموت.

من جانبها قدّمت منظمة اليونسكو قائمة بـ 50 موقعاً أثرياً تعرض للاستهداف من قبل قوات العدوان السعودي الإماراتي.

سد مارب

وأشار تقرير نشره موقع العين الإخبارية بتاريخ 6 نوفمبر 2016، الى انخفاض عائدات قطاع السياحة في العام الأول للعدوان السعودي الإماراتي بواقع 60 %.

وأرجع التقرير أسباب الانخفاض الى توقف مبيعات النفط التي تشكل 70 % من إيرادات البلاد و3 % من الناتج المحلي للسياحة وتوقف المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة.

 

وذكر الدكتور “ربيع شاكر المهدي” في الندوة الوطنية الأولى حول آثار العدوان على المدن التاريخية والتراثية والسياحية المنعقدة في العام 2016 برعاية وزارة السلطة المحلية، أن العدوان السعودي الاماراتي دمر أكثر من 4000 معلم حضاري أثرى بشكل مباشر وغير مباشر، وبلغت خسائر القطاع السياحي أكثر من 2 مليار دولار، وتم تسريح 95 % من العاملين في هذا القطاع الحيوي والهام.

قلعة كوكبان

برغم العدوان الجائر والحصار الخانق، لا بُد لنا أن نطور من بلدنا بقدر المستطاع والإمكانيات المتاحة، وأن نهتم بالمناطق السياحية والمحميات الطبيعية، من أجل الاستفادة منها وتطوير السياحة الداخلية، ليجد المواطن مكان يتنفس فيه الصعداء هو وعائلته بعيداً عن أجواء الدمار والخراب الذي خلقه العدوان الآثم على بلادنا والذي حرمنا من أبسط مقومات الحياة.