السياسية : نجيب هبة

عندما يتعلق الأمر بالنبي محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وبتعمد الإساءة إليه فإن الشعوب الإسلامية تستيقظ بل وتنتفض دفاعا وغيرة على نبيها الكريم وكما هو دائما موقف المسلمين في كل مرة يتعرض فيها النبي الكريم للإساءة.. كيف لا وهو الذي جاء بالحق هادياً وإلى العدل داعياً ونقل الأمة من ظلمات الجهل إلى نور العلم والهداية .

ومع تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم للإساءة من قبل رئيس فرنسا الحاقد إيمانويل ماكرون الذي تعهد “بعدم التخلي عن رسوم الكاريكاتور” المسيئة للنبي محمد بعد حادثة مقتل المدرس الفرنسي وذلك تحت ذريعة ومبرر حرية التعبير معتبراً أن القتيل “كان يجسّد الجمهورية”.

.. فقد اشتعل الغضب في نفوس المسلمين غيرةً على نبينا وقائدنا ومعلمنا وتزايدت ردود الفعل الغاضبة في الشارع العربي والإسلامي من موقف ماكرون المسيئ للنبي وللمسلمين والإسلام بشكل عام.

ففي السياق رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مظاهرات جديدة مناوئة لتصريحات ماكرون، ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها حيث خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة رأس العين (سري كانييه) بريف الحسكة ضمن مناطق نفوذ غرفة عمليات “نبع السلام”، كما خرجت مظاهرة مماثلة في ناحية جنديرس بريف عفرين، ضمن مناطق غرفة عمليات “غصن الزيتون”.

ورصد المرصد السوري الأحد، تظاهرة خرج بها أهالي وسكان مدينة “تل أبيض” الواقعة في ريف الرقة الشمالي ضمن مناطق غرفة عمليات “نبع السلام” عند الحدود السورية – التركية، ضد تصريحات الرئيس الفرنسي المسيئة للنبي محمد، تزامنا مع دعوات للخروج باحتجاجات أُخرى في مناطق غرفة عمليات كل من “نبع السلام” و”غصن الزيتون” و “درع الفرات” الخاضعة لنفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها.

وحمل المحتجون لافتات كُتب عليها “الإسلام دين السلام”، و”لا مكان للإرهاب” و”فداك نفسي يا رسول الله” و”مقاطعة المنتجات الفرنسية”، كما أحرق المحتجون صور ماكرون.

كما رصد المرصد السوري صباح الأحد، خروج ثلاث تظاهرات في مدينة إدلب وبنش وكللي ضمن محافظة إدلب، تنديداً بالإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله تزامنا مع دعوات لخروج تظاهرات أُخرى في وقت لاحق.

وفي العاصمة السودانية الخرطوم أحرق المتظاهرون مبنى السفارة الفرنسية احتجاجا على الإساءة للرسول صلى الله عليه سلم.

وفي فرنسا نفسها ، اندلعت مظاهرات متفرقة ، احتجاجا وتنديدا بالتصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الرسوم الكاريكاتورية عن النبي محمد ومهاجمته للإسلام والمسلمين.

وقد شهدت عدد من الدول إقامة مظاهرات منددة بإساءة فرنسا للإسلام وللنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، متوعدين بشن حملة غير مسبوقة على فرنسا، من قبيل مقاطعة منتجاتها، مشيرين إلى أن الإساءة للإسلام ولنبينا محمد، خط أحمر، وأنه لا يمكن السكوت على هكذا تصرفات عنصرية حاقدة.

وتظاهر نحو مئتي شخص مساء السبت أمام مقر إقامة سفير فرنسا في إسرائيل للتنديد بموقف ماكرون.. ورفع المتظاهرون لافتات مكتوبة بالعربية تندد بالإساءة للنبي محمد، وذلك في تجمّع انطلق بعد صلاة المغرب في يافا، المدينة ذات الغالبية المسلمة المحاذية لتل أبيب.

واعتبر المتظاهرون إن الرسول هو أقدس ما في الإسلام، ومن أساء له أساء لشعب بأسره، متّهمين الرئيس الفرنسي بأنه يمارس لعبة “اليمين المتطرّف”.

وفي سياق متصل تزايدت الدعوات لمقاطعة البضائع الفرنسية في الشرق الأوسط، في إطار ردود الفعل الغاضبة.

ففي قطر، أعلنت شبكتا “الميرة” و”سوق البلدي” للتوزيع سحب المنتجات الفرنسية من المتاجر حتى إشعار آخر.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن مراسلها شاهد موظفين في أحد متاجر “الميرة”، يعملون على سحب منتجات تابعة لعلامة “سان دالفور” من على الرفوف.

من جانبها أعلنت جامعة قطر على تويتر أنها “عطفا على مستجدات الأحداث الأخيرة والمتعلقة بالإساءة المتعمدة للإسلام ورموزه، فقد قررت إدارة جامعة قطر تأجيل فعالية الأسبوع الفرنسي الثقافي إلى أجل غير مسمى”.

وفي الكويت نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور تظهر سحب منتجات الأجبان الفرنسية “كيري” و”بيبيبيل” من على رفوف بعض المتاجر.

وكان نائب رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية الكويتية خالد العتيبي أعلن أن “60 جمعية تعاونية أعلنت مقاطعة المنتجات الفرنسية من أصل 68 موزعة على كامل محافظات الكويت”.

وقال العتيبي “لقد رفعنا كل المنتجات الفرنسية وهي الاجبان والكريمات ومستحضرات التجميل من أرفف الجمعيات التعاونية وأرجعناها الى الوكلاء المعتمدين لهذه الماركات في الكويت”.

بدوره قال رئيس اتحاد مكاتب السفر محمد المطيري لوكالة فرانس برس إن “العديد من وكالات السفر في الكويت لم تعد تقدم خدمات حجز الطيران إلى فرنسا ولا حجز الفنادق فيها بسبب الرسومات المسيئة للرسول محمد”.

وتشكل دول الخليج خصوصا قطر والسعودية والإمارات سوقا متناميا لصادرات الصناعات الغذائية الفرنسية.

وفي الأردن، دعا “حزب جبهة العمل الإسلامي” المعارض المواطنين إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.

كما توالت ردود الفعل المنددة من قبل الدول والجماعات السياسية حيث ندّدت كل من تركيا وإيران والأردن والكويت بنشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد.

من ناحيتها، استنكرت حركة المقاومة الاسلامية “حماس” الموقف الفرنسي، وشددت في بيان على أن “الاساءة للأديان والرسل جميعا لا تندرج تحت حرية الرأي والتعبير، بل تعزز ثقافة الكراهية والشقاق بين البشر”.

بدورها اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن “على العالم أجمع أن يفهم بأن الإساءة للإسلام ولنبينا محمد، خط أحمر، وأنه لا يمكن السكوت على هكذا تصرفات عنصرية حاقدة”.

وفي لبنان، أكدت دار الإفتاء أن الإساءة التي يغطيها الرئيس ماكرون، للنبي محمد خاتم المرسلين “ستؤدي إلى تأجيج الكراهية بين الشعوب”.

وقال الأمين العام لدار الإفتاء أمين الكردي إن “مفهوم الحرية الذي يمارسه البعض في حق رسول الإسلام ويسوق له ويغطيه ماكرون، سيؤدي لتأجيج الكراهية بين الشعوب والنزاعات الدينية، معتبرا أن إدانة حادثة قتل الأستاذ الفرنسي لا إنصاف فيها دون إدانة موجبها”.

وفي الكويت.. استمرت ردود الفعل المنددة بالسلوك الفرنسي، فقد استنكر رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم نشر بعض الصحف الفرنسية وغيرها رسوما مسيئة للرسول الكريم.

ودعا الغانم، في تصريح صحفي، الحكومة الكويتية إلى استنكار الإساءات المقصودة لرموز الإسلام، والتحرك العملي ضمن المحيط الدبلوماسي لحظر الإساءة لكافة المعتقدات حول العالم.

كما طالب النائب أحمد الفضل وزارة الخارجية بتحرك دبلوماسي دولي لكبح جماح هذا التطرف المتدثر بثوب الحرية.

بدورها، دانت الحركة الدستورية الإسلامية تصريحات ماكرون حول تمسكه بالرسوم المسيئة للرسول الكريم، ودعت الحكومة الكويتية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والغيرة على عقيدة الأمة.

 

وهاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الرئيس الفرنسي.. قائلاً إنه “بحاجة لاختبار قدراته العقلية”، وفي كلمة له خلال مؤتمر ل “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، في ولاية قيصري تساءل إردوغان “ما مشكلة المدعو ماكرون مع الإسلام؟ كيف لرئيس دولة أن يعامل الملايين من أتباع ديانة مختلفة في بلاده بهذه الطريقة؟”.. وأكد أن “ماكرون بحاجة لاختبار عقلي”.

واعتبر الرئيس التركي أن “السياسات الأوروبية ضد الدين الإسلامي غير مفهومة”، وأن اقتحام الشرطة الألمانية لمسجد في برلين، هو “دليل على انتقال الفاشية في الدول الأوروبية إلى مرحلة جديدة”.

وفي تبريرات عنصرية ومتحيزة ضد الإسلام يعتبر أعداء الأمة الإسلامية أن تلك الرسوم المسيئة “حرية تعبير” ، بينما هم أنفسهم يعتبرون الإساءة لليهود “معاداة للسامية” ، والإساءة للسود “عنصرية”.. انه الكيل بعدة مكيالات حسب أهوائهم ورغباتهم وكرههم للإسلام والمسلمين.

وتأتي هذه الأحداث لتؤكد على أن الأمة الإسلامية مهما مرت عليها من فترات ضعف وتخاذل إلأ أنها لاتزال أمة حية وقادرة على الدفاع عن نفسها وعن عقيدتها ومقدساتها وأنها يمكن أن تضعف لكن لايمكن أبداً أن تموت.