السياسية:

ناقشت صحف عربية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي أعلن خلالها عن خطط لسنّ قوانين أكثر صرامة للتصدي لما سمّاه “الانعزال الإسلامي”، والدفاع عن القيم العلمانية.

وأضاف ماكرون أن أقلية من مسلمي فرنسا، الذين يُقدر عددهم بنحو ستة ملايين نسمة، يمثلون خطر تشكيل “مجتمع مضاد”.

وهاجم عدد من المعلقين تصريحات ماكرون، متهمين إياه بـ”العنصرية” و”كراهية الإسلام والمسلمين”.

تصريحات “استفزازية”
تحت عنوان “لماذا يحمل الرئيس ماكرون كل هذه الكراهية للإسلام والمسلمين؟”، تقول صحيفة رأي اليوم اللندنية في افتتاحيتها: “منذ أن جاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه، وشُغله الشاغل دائما هو التطاول على الدين الإسلامي بطريقة استفزازيّة غير مسبوقة”.

وتضيف الصحيفة أن ماكرون “يدّعي أنه يفرّق بين الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف، ولكنه في واقع الأمر يعادي الاثنين، ويتبنّى سِياسة ‘تصنيع الخوف ‘ والاستثمار الانتخابي في ‘الإسلاموفوبيا ‘ المنتشرة حاليا في أوروبا والعالم الغربي عمومًا، لأسباب انتخابية صِرفة بعد تراجُع أسهُمه مقابل اليمين واليمين المتطرف اللّذين تتصاعد حظوظهما وشعبيّتهما في أوساط الرأي العام الفرنسي هذه الأيّام”.

وتشدد الصحيفة على أن “الإسلام ليس في أزمة، وإنّما ماكرون نفسه هو المأزوم، وكذلك الدّول التي تتواجد فيها الجاليات الإسلاميّة المهاجرة، ولأسباب ذاتية صِرفة، بعضها طابعه اقتصاديّ، وليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذه الجاليات المسلمة، وإنْ وُجدت هذه العلاقة فهي ضعيفة وثانوية”.

كما تقول صحيفة القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها “يمكن قراءة تصريحات ماكرون ضمن سياق إعلان استطلاع أمس، أن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان ستكون المنافسة الرئيسية للرئيس الفرنسي إذا أجريت الانتخابات الرئاسية الآن، بل إن لوبان، حسب نتائج الاستطلاع ‘ستكون الفائزة بالمركز الأول في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية’ فهل يجب أن نقرأ تصريحات ماكرون ضمن هذا السياق التنافسي فحسب، أم أن علينا أن نعترف أنه لا يختلف اختلافا كبيرا عن لوبان؟”

وتضيف الصحيفة: “الخطورة في تصريحات ماكرون ليس في كونها نقدا للدين الإسلامي؛ فالرئيس الفرنسي ليس مفكّرا يطرح أفكاره للنقاش، بل هو المسؤول الأول في بلد يتراوح عدد المسلمين فيه بين خمسة إلى ستة ملايين، وقد جاءت تصريحاته تمهيدا لمشروع قانون ضد ما سمّاه ‘الانفصال الشعوري’ استغرق تحضيره أشهرا ويهدف، حسب واضعيه، إلى ‘مواجهة التطرف الديني وحماية قِيم الجمهورية الفرنسية’ وهو يهدف إلى فرض رقابة أكثر صرامة على الجمعيات الإسلامية والمساجد”.

وتحت عنوان “أزمة الإسلام أم أزمة ماكرون؟”، يقول حسن أبو هنية في موقع عربي 21 اللندني: “لا يكف ماكرون عن تصدير أزمات فرنسا المزمنة وفشل سياساته بتنوير بلاده والعالم، في كل مناسبة أو بدون مناسبة، بأن الإسلام مصدر أزمات العالم وسبب مشكلاته”.

ويصف الكاتب تصريحات الرئيس الفرنسي بـ”العنصرية الفاضحة”، مؤكدا أنه “كلما اقترب ماكرون من موعد الانتخابات زادت عنصريته للاقتراب من اليمين المتطرف”.

ويضيف الكاتب: “لا جدال في أن فرنسا تعدّ واحدة من أسوأ الدول الغربية في التعامل مع مواطنيها المسلمين، نتيجة تبنّي نموذج متطرف في العلمانية استُخدم كمبرر للتمييز ضد المسلمين، بدعوى الاندماج ومحاربة التطرف”.

“تجديد الفكر الديني”


وفي المقابل، أظهر عدد من المعلقين دعمهم لهذه التصريحات، حيث يقول محمد بوالروايح في الشروق الجزائرية: “لقد تعامل ماكرون بدبلوماسية عالية ولغة سياسية هادئة عند حديثه عن الإسلام وذلك بفضل المحفزات الإقليمية والدولية”.

ويضيف الكاتب: “إن تصريح ماكرون بأن ‘الإسلام اليوم يواجه أزمة في كل العالم’ مبنيٌّ على قناعته بأن من يمثلون الإسلام على كل المستويات لم يعد لهم أكثر من أي وقت مضى قبولٌ لدى الغرب لتمثيل العالم الإسلامي، وهذا يمثل فرصة ذهبية لفرنسا لتقدم نفسها على أنها البديل الذي لا مناص منه”.

كما يقول خالد منتصر في الوطن المصرية إن تصريحات ماكرون أثارت “غضب المسلمين في أنحاء العالم وسيظل هذا الغضب حائلاً بيننا كمسلمين وبين فهم تلك الأزمة التي نعيشها والتي جعلتنا أكثر الأمم تصديرًا للإرهابيين، وأكثر الدول في نسب الفقر والتخلف، وأقل الدول إسهامًا في الكشوف العلمية”.

ويضيف الكاتب: “والسبب هو فهمنا نحن كمسلمين لهذا الدين وفزعنا ورعبنا من تجديد الفكر الديني، وخوفنا المزمن من أن هذا التجديد سيضيع الدين إلى آخر تلك الأوهام، التي تنعكس بالضرورة على طريقة تفكيرنا في كل مناحي الحياة الأخرى”.

ويؤكد منتصر أن “ماكرون كل جريمته أنه كان صريحًا، وأنه لم يعط مسكنات، أو يدهن كريمات، أو يرتدى قناعا”.

وفي موقع الإخبارية التونسية، يقول شارلز مهند مالك: “فرنسا بهذه الخطوة تحمي الإسلام في التوقيت الصحيح. قامت القيامة على ماكرون لأنه قال “الإسلام يعيش في أزمة”. ما كذب الرجل؛ تشخيصه حقيقي. نريده أن يكذب لنحبه؟ أي نعم الإسلام يعيش أزمة، و النظام الإسلامي الليبرالي قد يكون أنموذج يحتذى به فنمنع التطرف و تعود للإسلام النظرة التي نأملها جميعا، هذا تماما ما عاشته المسيحية منذ قرون”.

وعن القانون الذي أعلن عنه ماكرون لمواجهة التطرف الإسلامي، يؤكد الكاتب: “لا أبالغ في أن هذا القانون أتى ليحمي الإسلام في فرنسا، أتى ليمنع المتطرفين من اجتذابه بعيدا عن مساره، أتى ليزيد من فرص نجاح تعايشه مع المجتمع الأوروبي”.

وكالات