تحتل إسرائيل المرتبة الأولى في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عندما يتعلق الأمر بالصحة والرفاهية الشخصية، ولكنها قريبة من قاع القائمة من حيث جودة الهواء والتعليم والمهارات وجودة الإسكان.

ظهرت هذه النتائج في مسح اقتصادي لإسرائيل مؤ لف من 144 صفحة أصدرته يوم الأربعاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي منظمة حكومية دولية تضم 36 دولة من الدول الصناعية وذات الدخل المرتفع والديمقراطية بمعظمها.

ووجد المسح الأخير، في تحديث لآخر دراسة من هذا القبيل صدرت في عام 2018، أنه في حين أن الاقتصاد الإسرائيلي كان قويا قبل فيروس كورونا، لكن من المتوقع أن ينكمش بنسبة 6% في عام 2020 ومن المرجح أن يكون التعافي بطيئا.

“لقد ضرب الانكماش الاقتصادي في وقت كان أداء الاقتصاد جيدا، حيث اقترب نمو الناتج المحلي الإجمالي من أرقام قياسية في تدني مستوى البطالة ودين عام منخفض نسبيا. ومع ذلك، تهدد الأزمة بتفاقم التحديات الأساسية التي تواجهها إسرائيل المتمثلة في ارتفاع معدلات الفقر، والفجوات الكبيرة في الدخل، والتفاوت الواسع في الإنتاجية بين قطاع التقنية العالية النابض بالحياة وقطاعات معزولة ومتخلفة”.

بالمقارنة مع دول أخرى في منظمة OECD، تسجل إسرائيل درجات عالية عندما يتعلق الأمر بصحة مواطنيها (4 من 36) ورفاههم الشخصي (11 من 36)، في حين تتذيل الترتيب عندما يتعلق الأمر بالتعليم والمهارات (29 من 36)، والجودة البيئية (35 من 36) وتصل إلى أدنى المستويات من حيث جودة الإسكان والتكلفة.

ووجدت الدراسة أيضا أن هناك توازن ضغيف نسبيا لدى الإسرائيليين بين العمل والحياة (26 من 36)، حيث يعمل الإسرائيليين بالمتوسط 1898 ساعة في السنة (مقارنة بمتوسط 1726 ساعة في الOECD). في حين أن حوالي 65% من الرجال الإسرائيليين الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما وما فوق يعملون (وهو متوسط الـ OECD تقريبا)، فإن الرقم بالنسبة للنساء الإسرائيليات هو 57.3% مقارنة بمتوسط 49.9 بالمائة في OECD، حتى مع حصول النساء الإسرائيليات على أعلى معدل  ولادات في للمنظمة وبفارق كبير

فيروس كورونا يوجه ضربة قاسية

تم تسريح أكثر من مليون عامل عندما ضربت الموجة الأولى من حالات الإصابة بفيروس كورونا إسرائيل في مارس.

بينما وجد الكثيرون عملا جديدا، لا يزال معدل البطالة يقف عند حوالي 12% وهناك فرص عمل أقل من المعتاد.

بحسب التقرير، “قد تكون هناك حاجة إلى إعادة توزيع العمالة عبر القطاعات أثناء الانتعاش، حيث قد تواجه الأنشطة التي تتطلب الاتصال وجها لوجه، مثل خدمات الضيافة والطعام (التي تمثل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي) طلبا منخفضا لفترة طويلة، في حين أن القطاعات الأخرى، مثل الصحة والخدمات الرقمية، ستستفيد من ارتفاع الطلب. إن إعادة التوزيع سيستغرق وقتا وسيتطلب إعادة تدريب خاصة لأن حوالي ثلث الموظفين الذين حصلوا على إجازة أو تم تسريحهم في يونيو كانوا من العمال ذوي المهارات المتدنية”.

وقال الاستطلاع إن إسرائيل هي اقتصاد ذو مستويين مع مستويات إنتاجية في قطاع التقنية العالية أعلى من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في حين أن بقية الاقتصاد، الذي يوظف معظم القوى العاملة، يتخلف عن الركب. وحذر التقرير من أن أزمة فيروس كورونا لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.

وذكر التقرير، “قد تؤدي أزمة كوفيد-19 إلى تفاقم هذا التفاوت لأن قطاع التكنولوجيا العالية كان أقل تأثرا وأكثر قدرة على التعامل مع الأزمة” وأضاف “كما أظهرت جائحة كوفيد-19 مرة أخرى، فإن أصحاب المهارات المتدنية يكونون هم غالبا أول من يفقد وظائفهم عند حدوث أزمة”.

يقول التقرير إن فجوة الإنتاجية هذه هي نتيجة تفاوت مستمر منذ فترة طويلة في النتائج التعليمية.

“مهارات السكان البالغين في إسرائيل، كما تم قياسها بواسطة PIAAC (برنامج التقييم الدولي لكفاءات البالغين)، ضعيفة نسبيا في المقارنة الدولية. علاوة على ذلك، هناك تباين كبير، حيث يتمتع بعض الإسرائيليين بمهارات متميزة، في حين أن هناك عددا كبير من ذوي المهارات المنخفضة نسبيا.

يسهم هذا في ازدواجية سوق العمل الشديدة، مع وظائف عالية الأجر في قطاع التقنية العالية عالي الإنتاجية ووظائف منخفضة الجودة ومنخفضة الأجر في قطاعات منخفضة الإنتاجية، وغالبا ما تكون قطاعات غير قابلة للتداول”.

وفقا للتقرير، تبلغ نسبة الإسرائيليين العاملين في مجال الهايتك 9٪، لكن هذا الرقم محدود فقط بسبب عدم وجود عدد كاف من الموظفين المهرة لملء فائض من وظائف التنقية العالية. وفقا للمسح، منذ منتصف العقد الأول من القرن ال21، فإن أكثر من 15٪ من جميع الوظائف الشاغرة في قطاعات التقنية العالية لا يتم شغلها.

وذكر التقرير أن العديد من العمال الإسرائيليين ذوي المهارات المتدنية يتركزون في الوسطين الحريدي والعربي، ويوصي أيضا بتقديم حوافز مالية وحوافز أخرى للمعلمين ذوي الجودة العالية لتولي وظائف تعليم الطلاب من القطاعات الأكثر ضعفا في المجتمع.

ويفيد التقرير، “لجذب معلمين جيدين إلى مثل هذه المدارس، تكمل بعض دول OECD الحوافز المالية السخية بتدابير أخرى مثل فصول أصغر أو المزيد من مساعدي التدريس. يجب أن يقترن ارتفاع الأجور بإجراءات تعزز أساليب تدريس أفضل”.

ازدحام شديد وتلوث عالي

ووصفت الدراسة الازدحام المروري في إسرائيل بأنه “من بين الأسوأ في الOECD”، وقالت إن “تل أبيب هي الآن رابع أكثر المدن ازدحاما في الـ OECD مع عواقب سلبية على الإنتاجية والرفاه. لقد زاد وقت التنقل المطلوب للسفر إلى العمل خارج المنطقة السكنية للفرد بمقدار الثلث منذ عام 2005”.

وقد أدى هذا جزئيا إلى خلق وضع يتعرض فيه الإسرائيليون لتلوث هواء أعلى بكثير من معظم دول الـ OECD.

وقالت الدراسة إن “نتائج التعليم للأطفال المعرضين لارتفاع تلوث الهواء منخفضة بشكل كبير ودائم؛ يؤثر التلوث أيضا على أداء الطلاب لاحقا في سوق العمل في إسرائيل. إن تطبيق دليل حديث من الاتحاد الأوروبي على إسرائيل يشير إلى أن إنتاجية العمال يمكن أن تكون أعلى بنسبة 5٪ على الأقل إذا كان متوسط التعرض أقل من عتبة منظمة الصحة العالمية”.

المصدر : تايمزأوف إسرائيل