السياسية :

سُمح للأطفال في اسبانيا بالخروج من منازلهم اليوم الأحد لأول مرّة منذ ستة أسابيع مع تخفيف الدول إجراءات الإغلاق وإعادة تحريك اقتصاداتها المنهكة جرّاء وباء كوفيد-19 الذي أصاب نحو ثلاثة ملايين شخص حول العالم.

وتستعد حكومات دول عدة، من فرنسا إلى إيطاليا والولايات المتحدة، لتخفيف جزئي للقيود المشددة التي أجبرت نصف البشر على التزام منازلهم لأسابيع.

وبلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد حول العالم أكثر من مليونين و900 ألف الأحد بينما وصل عدد الوفيات إلى نحو 203 آلاف، أكثر من نصفهم في أوروبا، وفق تعداد فرانس برس.

ويبدو أن الحصيلة اليومية للوفيات في الدول الغربية بدأت تستقر بل وتتراجع في الدول الأكثر تأثّرا بالوباء إذ بدأت الأعداد الصادرة من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا تستقر في الأيام الأخيرة.

من جهتها، تخطط الحكومات لتخفيف تدريجي لتدابير الإغلاق من أجل منع العودة المفاجئة لمظاهر الحياة الطبيعية وبالتالي تفشي الفيروس مجددا وسط تحذيرات من منظمة الصحة العالمية بأن أجسام المتعافين قد لا تكون طورّت مناعة تمنع إصابتهم مجددا.

واستفادت العائلات الإسبانية من القواعد الجديدة التي تسمح للأطفال بالخروج لأول مرة منذ 14 آذار/مارس، حيث شوهد الأطفال يلهون على دراجاتهم الهوائية في شوارع مدريد بينما ارتدى بعضهم أقنعة وقفازات صغيرة.

وقالت إنماكولادا باريديس لفرانس برس بينما كانت تستعد لاصطحاب طفليها البالغين أربع وسبع سنوات “إنهما متحمّسان للغاية وليس بإمكانهما الصبر. استيقظا منذ الساعة 06,30 صباحا مرددين +سنخرج سنخرج!”.

وقال ريكاردو (ست سنوات) إن الخروج من المنزل “أمر جيّد جدا”، متحدثا عن مغامرته مع شقيقته الأصغر في المدينة.

وبموجب القواعد الجديدة، يسمح للأطفال بالخروج مرة واحدة في اليوم بين الساعة 09,00 و21,00، لكن لا يمكنهم الابتعاد أكثر من كيلومتر واحد عن منازلهم.

وبدأ تطبيق القواعد الجديدة بينما تراجع عدد الوفيات في البلد الذي كان بين الأكثر تأثرا بالفيروس، إلى 288 الأحد، وهي الحصيلة الأقل منذ 30 آذار/مارس.

وسجّلت اسبانيا أكثر من 23 ألف وفاة بالفيروس لتحل في المرتبة الثالثة عالميا بعد إيطاليا (26 ألفا و600) والولايات المتحدة (53 ألفا). ويذكر أن الترتيب مبني على الأعداد المطلقة للوفيات بدون احتساب نسبتهم بالمقارنة مع عدد السكان.

وبدأت دول أخرى في أوروبا تضررت بشدة من الفيروس النظر في إمكانية عودة حذرة لمظاهر الحياة الطبيعية.

وذكرت السلطات الإيطالية — حيث تم تسجيل 260 وفاة جديدة الأحد في أدنى حصيلة منذ 14 آذار/مارس — أن المدارس ستعاود فتح أبوابها في سبتمبر المقبل، بينما بإمكان العديد من الأعمال التجارية استئناف نشاطاتها الأسبوع المقبل. وينتظر أن تكشف السلطات الفرنسية الثلاثاء خططا في هذا الشأن.

أما بلجيكا، فأعلنت أن المدارس والأعمال التجارية ستستأنف اعتبارا من منتصف أيار/مايو بينما بدأت ألمانيا إعادة افتتاح بعض المتاجر مطلع هذا الأسبوع.

وفي بريطانيا، حيث توفي أكثر من عشرين ألف شخص بالوباء، يخطط رئيس الوزراء بوريس جونسون للعودة إلى 10 داونينغ ستريت الاثنين بعدما خضع للعلاج من الفيروس في المستشفى وبقي ثلاثة أيام في قسم العناية المركزة.

لكن حكومته تقاوم الدعوات لتخفيف القيود المفروضة في أنحاء البلاد رغم تسجيلها الأحد أقل حصيلة يومية للوفيات منذ 31 مارس بـ413 وفاة جديدة.

– رمضان في البيت

وبالتوازي، أعلنت السلطات السعودية الأحد أنها سترفع حظر التجول لمدة 24 ساعة جزئيا وستسمح للمراكز التجارية والمحلات بفتح أبوابها لساعات محددة.

لكن سلطات المملكة أعلنت استمرار اغلاق مدينة مكة المكرمة على مدار الساعة.

وانضم المسلمون في السعودية بذلك إلى مئات الملايين من أقرانهم حول العالم الذين أحيوا اليوم الثاني من شهر رمضان في بيوتهم متجنبين بذلك التجمعات العائلية التقليدية على مائدة الإفطار، تطبيقا لإجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة.

كما سمحت سلطات ولاية جورجيا الأميركية لآلاف الأعمال التجارية باستئناف نشاطاتها بدءا من مصففي الشعر وليس انتهاء بصالات لعب البولينغ، رافضة بذلك نصائح كبار خبراء الأوبئة.

وتساءلت ماكينزي شارف، البالغة من العمر 30 عاما والمؤيدة لعودة شيء من مظاهر الحياة الطبيعية إلى جورجيا، “كم من الوقت يفترض بنا أن نبقى سجناء؟”.

وأفادت فرانس برس بينما كان ابنها الصغير يلعب بطائرة ورقية على شاطىء جزيرة تيبي “هنا أكثر أمانا من الذهاب للتسوق في المتجر”.

وأكد الرئيس دونالد ترامب مرارا رغبته في استئناف النشاطات التجارية في أكبر اقتصاد في العالم حتى مع تحذير المستشارين الصحيين من خطورة تخفيف إجراءات الإغلاق بشكل مبكر أو متسرع أكثر مما ينبغي.

وواجه الرئيس الأميركي موجة جديدة من الانتقادات بعد أن أشار إلى أنه يمكن علاج الفيروس عبر تسليط الضوء فوق البنفسجي داخل أجسام المرضى، أو من طريق حقنهم بمطهر منزلي.

كما انتقد وسائل الإعلام واتهم الصحافيين بطرح أسئلة معادية، ملمحا إلى أن إحاطاته اليومية بشأن الوباء لا تستحق وقته.

وكتب عبر موقع تويتر “يسجلون نسب مشاهدة قياسية بينما لا يحصل الشعب الأميركي على شيء سوى الأخبار المزيفة. لا يستحق الأمر الوقت والعناء!”.

– تحذير المناعة

وفي حين يبدو أن الحالات الجديدة المُبلَّغ عنها استقرت عند نحو 80 ألفا في اليوم، لا يزال العالم في حالة ترقب بينما تتسابق الشركات والحكومات لتطوير العلاجات ولاحقا لقاحا ضد الفيروس.

وتدرس بعض الحكومات تدابير مثل “جوازات المناعة” كطريقة لإعادة السكان إلى العمل بعد أسابيع من الإغلاق الذي ضرب الاقتصاد العالمي.

وقال لوثار كوب، أحد سكان برلين “إذا كنت أصبت بالفعل بكورونا، فأنا لست معديا”، معربا عن أمله في أن تكون نتيجة اختبار الأجسام المضادة إيجابية لأنها قد تسمح له بزيارة والدته المسنة.

لكن منظمة الصحة العالمية حذرت من أن المتعافين من الفيروس لا يمكن لهم أن يكونوا متأكدين من أنهم لن يصابوا به مجددا.

وذكرت المنظمة في بيان “لا يوجد حاليا أي دليل على أن من تعافوا من كوفيد-19 ولديهم أجسام مضادة محميون من إصابة ثانية”.

وتخطط دول عدة بينها فرنسا وألمانيا لاستخدام تطبيقات تعقّب مرتبطة بالفيروس تبلّغ المستخدمين في حال كانوا قرب شخص تأكدت إصابته بكورونا المستجد.

وبدأ استخدام التكنولوجيا في أستراليا، حيث أثارت القلق بشأن الخصوصية في أوساط البعض، كما استخدمتها سنغافورة على نطاق واسع.

في غضون ذلك، أقرت في بكين مجموعة جديدة من التدابير لمكافحة الوباء تحظر السلوك “غير المتحضر” مثل عدم تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
وكالات