الرياض تتراجع أمام موسكو وتقر بخسارة “معركةبرميل النفط”..!
السياسية (نصر القريطي) :
مثل كل مغامراته الفاشلة خسر ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” “الحرب النفطية” التي اشعل نيرانها أمام غريمه الروسي العملاق..
انقلبت التصريحات السعودية بزاوية “360” درجة وسارعت الرياض للمطالبة بحلولٍ جماعيةٍ مشتركة تحت مظلة “أوبك بلس” بعد اسابيع قليلة من تباهي وزير النفط السعودي بأنه لا مبرر لجلوس بلاده على طاولة تفاوضٍ واحدةٍمع الروس طالما أنها “تظهر فشلنا في تتبنى الاجراءات الضرورية المطلوبة” كما قال..
في سياق موقفها الجديد دعت الرياض “لاجتماعٍ طارئٍ لـ”تحالف أوبكودول أخرى” بهدف إعادة التوازن لأسواق النفط” وفقاً لبيانٍ رسميٍ أوردته “وكالة الأنباء السعودية” وهو الأمر الذي كان المسئولون السعوديين يشددون على رفضه منذ بدء الأزمة الحالية لانخفاض سعر برميل النفط بل وكانت الرياض تؤكد أنه ليس لديها الاستعداد حتى لمناقشته كما أظهرت التصريحات السابقة للوزير السعودي..
تمادت الرياض في انكار هزيمتها السريعة في هذه المعركة أمام الروس مدعيةً أن الدعوة لاجتماع أوبك تأتي ضمن مساعيالمملكةالدائمة لدعم الاقتصاد العالمي كما قالت أنهاتأتي استجابة لطلب الرئيس الأمريكيبهذا الخصوص وفق ما جاء في وكالة الأنباء السعودية..
البيان السعودي تجاهل معركة “استعراض العضلات النفطية” أمام “الدب الروسي” التي بدأتها الرياض قبل اشهر من الآن وبدت لهجة الإعلام الرسمي السعوديوهيتنحو الى المهادنة والمسالمة بعكس الأسابيع الماضية ولم يتبقى في يد الرياض من أسلحةٍ تشهرها بالتزامن مع موقفها الجديد سوى أنه يأتي مدعوماً من قبل حليفها الأمريكي الذي تستقوي به على الدوام..
بالتزامن مع الدعوات السعودية الجديدة بشأن الحفاظ على السعر العالمي لبرميل النفط عند حدوده الآمنة حاول الرئيس الأمريكي القفز فوق حقيقة خسارة حليفه السعودي لهذه المعركة ومن الجولة الأولى محاولاً إظهار واشنطن وكأنها شوكة الميزان في هذه المعركة وأن الولايات المتحدة هي التي تحدد متى تبدأ هذه المعركة ومتى تنتهي..!
وفقاً لأحدث تصريحات الرئيس الأمريكي على هذا الصعيد فإن ترامبتحدثلكلٍّ من “محمد بن سلمان” و”فلاديمير بوتين” واتفق معهما على خفض ما مقداره 10 مليون برميل يومياً الأمر الذي انعكس سريعاً على أسعار برميل النفط في السوق العالمية والتي ارتفعت بنسبة 25% عن الانخفاض الأخير وفقاً لـ“وكالة رويترز”..
لكن موسكو لم تسر وفقاً للسيناريو الذي حاولت واشنطن رسمه لهذا المشهد المعقد وشددت تصريحات مسئولي الطاقة الروس على أن الكرملين لم يجري أي اتصال بولي العهد السعودي في إشارةٍ لتراجع الرياض في معركتها وانتصار موسكو السريع في هذه المغامرة التي أوقع بن سلمان بلاده بين كمّاشتيها..
الصحافة الأمريكية بدورها سارعت لإيراد تسريبات الموقف السعودي الجديد الذي جنح للسلم ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسئولين في شركة ارامكو بأن الرياض تدرس خفض إنتاجها النفطي لأقل من 9 ملايين برميل يومياً..
معركةٌ غير محسوبة النتائج خاض غمارها ولي العهد السعودي بسلاحين وحيدين: الأول استعداده للمغامرة بإغراق السوق العالمية بالنفط فوق مستوى 12 مليون برميل يومياً على الرغم من تبعات هذا القرار على مخزونه المالي الاحتياطي.. والسلاح الثاني في يده هو الدعم الأمريكي لهذه السياسات الذي سرعان ما تراجعت واشنطن عن دعمها خوفاً من تأثيراتها الكارثية على الاقتصادين الأمريكي والعالمي..
انتصار الروس في هذه المعركة السريعة لا يعني أن موسكو لم تكن لتتأثر باغراق سوق النفط العالمي وانخفاض اسعاره لكن السياسات الروسية الراسخة أكدت أن الكعب العالي في سوق النفط العالمية اليوم ليست للمتهورين والمغامرين..
ما يعزز هذا الرؤية هو تأكيد السيناتور الجمهوري دان سوليفان قبل يومٍ واحدٍ من التراجع السعودي عن معركة كسر العظم هذه بأن الكونجرس يعد مشروع قانون لسحب القوات الأمريكية من السعودية في حال لم تقم الرياض بدورٍ بناء في سوق النفط.. مهدداً بأنالعلاقة الاستراتيجية التي تربط الولايات المتحدة بالسعودية قد تتغير إذا لم تتحرك الرياض على هذا الصعيد..
الأمر الآخر الذي يؤكد أن الكعب العالي في هذه المعركة كان لموسكو وليس الولايات المتحدة هو ما نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤولٍ كبيرٍ بالإدارة الأمريكية قال فيه أن “واشنطن لا تعرف التفاصيل النهائية لخطط السعودية وروسيا بشأن خفض معروض النفط وبأن الولايات المتحدة لا تستطيع تنسيق خفضٍ إلزامي لمعروض النفط المحلي”..
لم تستجب الرياض لتحذيرات خبراء الاقتصاد وسوق النفط العالميين من أنها ستخسر هذه المعركة بعيداً عن الآثار المؤكدة التي ستلحق بالاقتصاد الروسي وسار ولي العهد السعودي في “مقامرته الخاسرة” التي عزز من فشلها المستجدات الطارئة التي فرضها فيروس الــ”كورونا” على الاقتصاد العالمي فيما وقفت روسيا بثباتٍ خلف “القيصر بوتين” الذي حصد لها انتصاراً سريعاً ومن الجولة الأولى في هذه المعركة.